في تاريخ العاشر من تموز عام 2011 اعلن ميلاد دولة عربية جديدة هي دولة جنوب السودان التي انفصلت عن شماله وبهذا زاد عدد الدول العربية الى اثنان وعشرون دولة ولكن يظهر ان هذه الزيادة لن تؤدي الى قفزة نوعية في الوحدة العربية او التضامن العربي بل على العكس لن يكون ذلك في مصلحة الشعوب العربية ,في الوقت الذي نشهد فيه اكثر من محاولة للانفصال تغذيها اطماع الدول المتنفذة في اعادة تقسيم الوطن العربي وفق شعار فرق تسد .
يبدو ان ما تعلمناه في المدارس عن الوطن العربي الكبير وثقافة الوحدة الوطنية اصبحت في شئ من الماضي فالشعارات الوطنية المتوهجة التي عشقناها وحفظناها عن ظهر قلب وكانت تشكل حراكا ثقافيا على امتداد جغرافية الوطن العربي وكانت القضية الفلسطينية في مركزية ذلك الحراك اما الان فاننا نرى ان هذا المصطلح اخذ في التقزم مع ظهور الحركات الانفصالية وهذا يشكل تداعيات جمة تمس المشروع القومي العربي وتجعل من هذا الوطن الكبير صغيرا مما يجعله فريسة سهلة للطامعين فيه والسيطرة على ممتلكاته ومصادرة انجازاته وسقوط المشروع القومي وان ما يجري اليوم في اليمن والعراق والسودان وافتعال المشاكل الداخلية في لبنان والانقسام الفلسطيني يدل دلالة اكيدة على ان الاعداء لا يريدون الخير لهذه الامة وان مسلسل المؤامرات الانفصالية مستمرة في ظل الانفلاش الوحدوي الذي يسود الوطن العربي
بعد ان ثبت بالملموس كما ظهر في وثائق ويكليكيس أن إسرائيل تلعب دورا تآمريا وتحريضيا ضد نظام الحكم في السودان لجهة تجزئته وتقسيمه كما لعبت وتلعب دورا مماثلا في العراق وبخاصة في شماله وكذلك في لبنان فقد بات لزاما على الدول العربية تطويق هذا الحراك الاسرائيلي الخطير ووأده قبل ان يستشري ويتعاظم وتصعب مواجهته والحد من اخطاره..
ان الحراك الاسرائيلي ضد الامة العربية لم يتوقف يوما.. وحتى ان دور اسرائيل التخريبي ضد مصر الشقيقة التي لها معها معاهدة سلام لم يتوقف بل انه في تزايد مستمر.. فاسرائيل تلعب دورا في اثيوبيا وفي الدول المطلة على منابع النيل من اجل تقليل كميات المياه التي تدخل الاراضي المصرية وبالتالي الحاق الاذى بقطاع الزراعة وبالاقتصاد الوطني في مصر.. ولا نخال اسرائيل تكف عن هذه السياسة العنصرية المعادية صراحة لامتنا العربية ولآقطارها في المشرق والمغرب..
خمسون عاماً فقط تفصل العقد الثاني في القرن الجاري عن العقد السادس في القرن الماضي، لكنها كانت كافية لنقل العالم العربي مما وُصف بأنه عصر الوحدة إلى ما يبدو أنه زمن التقسيم والانفصال. اقترن صعود الحركة القومية العربية في خمسينيات القرن العشرين بانتعاش حلم الوحدة من المحيط إلى الخليج. وبدا هذا الحلم قريباً من الواقع عندما أُعلنت الوحدة المصرية السورية اندماجية شاملة في فبراير 1958. غير أنه لم يمض سوى أقل من أربع سنوات حتى تلقى الحالمون بالوحدة أول صدمة كبيرة بعد انفصال سوريا وانهيار "الجمهورية العربية المتحدة" في سبتمبر 1961. وفشلت محاولات إنقاذها عبر تحويلها ثلاثية تشمل العراق أيضاً عقب استيلاء حزب "البعث" على السلطة في فبراير 1963. كما تعثرت مشاريع عدة أخرى أهمها اتحاد الجمهوريات العربية الذي كان مفترضاً أن يشمل ليبيا والسودان إلى جانب مصر وسوريا.
وكان الإنجاز الحقيقي الوحيد الذي تحقق في عصر الوحدة هو اتحاد الإمارات العربية الذي صار نموذجاً لم يتيسر إيجاد مثله في عصر الوحدة. فالوحدة اليمنية التي تحققت، فيما كان هذا العصر يلفظ أنفاسه، وصارت مهددة اليوم في زمن الانفصال.
ولم يكن أحد يتخيل في عصر الوحدة، بل بعد إسدال الستار عليه بسنوات، أن يتواضع الحلم العربي من تحقيق وحدة شاملة "ما يغلبها غلاَّب" إلى المحافظة على الدول التي كان مرجواً أن تتحد وتُدمج في دولة واحدة! فقد صار صون هذه الدول من أن تُقَّسم أو تُفتَّت هو غاية المنى، بعد أن كانت قوى في التيار القومي العربي تعتبرها من نتائج عصر الاستعمار وتسميها "أقطاراً" للتقليل من شأنها ولتأكيد أن وجودها "القطري" لن يطول.
والحال أن تقسيم بعض هذه الدول لم يعد مجرد تهديد يلوح شبحه من بعيد، بل صار خطراً حالاً. فقد بات انفصال جنوب السودان واقعاً معاشاً على الأرض. ولم يبق إلا إعلانه رسمياً.
وليس السودان هو البلد الأول الذي يدخل زمن الانفصال العربي. فقد سبقه إليه الصومال الذي اقترن تقسيمه فعلياً بانهيار دولته وتفكك مجتمعه ضمن تدهور شامل أدى إلى انفصال إقليمه الشمالي وإعلانه دولة مستقلة لم تعترف بها دولة في العالم، فيما عجزت الحكومة المعترف بها عن بسط سيادتها حتى في العاصمة التي تسيطر "حركة الشباب" الأصولية المرتبطة بتنظيم "القاعدة" على بعض أحيائها إلى جانب القسم الأكبر من وسط وجنوب البلاد.
غير أن العرب ونظامهم الرسمي لم يستخلصوا الدرس الصومالي في بدايته، ربما لأنهم اعتبروه حالة هامشية رغم أن انهيار هذا البلد وتقسيمه تزامناً مع تفكك الاتحاد السوفييتي، ثم تفكك يوغوسلافيا أيضاً وتغيير خريطة البلقان. والمفارقة، هنا، أن العرب الذين تحدثوا كثيراً عن خطر تقسيم بعض بلادهم قبل حدوثه صمتوا عندما أخذ هذا التقسيم طريقه إليهم بدءاً بالصومال.
ولأن الأراضي المحتلة عام 1967، التي يسعى العرب إلى إقامة دولة مستقلة فيها، لم تصبح دولة، فقد تعاملوا مع الانفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية عام 2007 باعتباره مجرد امتداد للخلاف السياسي بين حركتي "حماس"و"فتح"، وأغفلوا أن تقسيم الدولة المنشودة قبل إقامتها لا يخلو من دلالة على زمن الانفصال.
كان العرب مشدودين، وقت فصل غزة عن الضفة، إلى العراق الذي كان مرشحاً أولاً للتقسيم بعد تفكيك دولته ومجتمعه. فقد اقترن خوفهم من الهجمة الأميركية لإعادة ترتيب المنطقة بقلقهم من تقسيم العراق، الذي حظي بأولوية قصوى رغم أن عوامل انفصال جنوب السودان كانت تتراكم أمام أعينهم.
وبينما أصبح تقسيم السودان واقعاً يصعب تغييره، يظل شبح هذا التقسيم مخيماً في سماء العراق بانتظار ما يسفر عنه رحيل القوات الأميركية. لذلك لم يكن مفاجئاً تأكيد البارزاني مؤخراً تمسك الشعب الكردي بحقه في تقرير المصير. فهو لم يتحدث من فراغ بل انطلاقاً من واقع أن أكراد العراق يبنون كيانهم المنفصل بشكل تدريجي وفي هدوء.
كما ظهر شبح الانفصال أيضاً في سماء اليمن الذي عجز قادته عن المحافظة على وحدة شماله وجنوبه. فلم تقدم دولة الوحدة لما صار قسمها الجنوبي شيئاً يجعله مستعداً للدفاع عنها، مثلما أخفق قادة دول عربية عدة في المحافظة على وحدة نسيج مجتمعاتها وظنوا أن قوة السلطة تكفي لصيانة هذه الوحدة
لذلك دخل العرب زمن الانفصال الذي يزداد خطره الآن في لحظة صار احترام التنوع وتأكيد حق الاختلاف من أهم مكونات النظام العالمي الراهن. وأصبح بإمكان دعاة الانفصال الاستناد على التعاطف الدولي الواسع مع التنوع والاختلاف. ويظهر ذلك مثلاً في إعلان نائب رئيس الحراك الجنوبي في اليمن الشهر الماضي: "نحاول كسب تأييد أميركا لانفصالنا... كما فعل جنوبيو السودان، واذا لم ينتبه العرب الى مخاطر الانفصال فان الواقع العربي مهدد بالانهيار ، فهل يفيق العرب من سباتهم ؟؟ ويعودون الى ثقافة الوحدة !!!
يبدو ان ما تعلمناه في المدارس عن الوطن العربي الكبير وثقافة الوحدة الوطنية اصبحت في شئ من الماضي فالشعارات الوطنية المتوهجة التي عشقناها وحفظناها عن ظهر قلب وكانت تشكل حراكا ثقافيا على امتداد جغرافية الوطن العربي وكانت القضية الفلسطينية في مركزية ذلك الحراك اما الان فاننا نرى ان هذا المصطلح اخذ في التقزم مع ظهور الحركات الانفصالية وهذا يشكل تداعيات جمة تمس المشروع القومي العربي وتجعل من هذا الوطن الكبير صغيرا مما يجعله فريسة سهلة للطامعين فيه والسيطرة على ممتلكاته ومصادرة انجازاته وسقوط المشروع القومي وان ما يجري اليوم في اليمن والعراق والسودان وافتعال المشاكل الداخلية في لبنان والانقسام الفلسطيني يدل دلالة اكيدة على ان الاعداء لا يريدون الخير لهذه الامة وان مسلسل المؤامرات الانفصالية مستمرة في ظل الانفلاش الوحدوي الذي يسود الوطن العربي
بعد ان ثبت بالملموس كما ظهر في وثائق ويكليكيس أن إسرائيل تلعب دورا تآمريا وتحريضيا ضد نظام الحكم في السودان لجهة تجزئته وتقسيمه كما لعبت وتلعب دورا مماثلا في العراق وبخاصة في شماله وكذلك في لبنان فقد بات لزاما على الدول العربية تطويق هذا الحراك الاسرائيلي الخطير ووأده قبل ان يستشري ويتعاظم وتصعب مواجهته والحد من اخطاره..
ان الحراك الاسرائيلي ضد الامة العربية لم يتوقف يوما.. وحتى ان دور اسرائيل التخريبي ضد مصر الشقيقة التي لها معها معاهدة سلام لم يتوقف بل انه في تزايد مستمر.. فاسرائيل تلعب دورا في اثيوبيا وفي الدول المطلة على منابع النيل من اجل تقليل كميات المياه التي تدخل الاراضي المصرية وبالتالي الحاق الاذى بقطاع الزراعة وبالاقتصاد الوطني في مصر.. ولا نخال اسرائيل تكف عن هذه السياسة العنصرية المعادية صراحة لامتنا العربية ولآقطارها في المشرق والمغرب..
خمسون عاماً فقط تفصل العقد الثاني في القرن الجاري عن العقد السادس في القرن الماضي، لكنها كانت كافية لنقل العالم العربي مما وُصف بأنه عصر الوحدة إلى ما يبدو أنه زمن التقسيم والانفصال. اقترن صعود الحركة القومية العربية في خمسينيات القرن العشرين بانتعاش حلم الوحدة من المحيط إلى الخليج. وبدا هذا الحلم قريباً من الواقع عندما أُعلنت الوحدة المصرية السورية اندماجية شاملة في فبراير 1958. غير أنه لم يمض سوى أقل من أربع سنوات حتى تلقى الحالمون بالوحدة أول صدمة كبيرة بعد انفصال سوريا وانهيار "الجمهورية العربية المتحدة" في سبتمبر 1961. وفشلت محاولات إنقاذها عبر تحويلها ثلاثية تشمل العراق أيضاً عقب استيلاء حزب "البعث" على السلطة في فبراير 1963. كما تعثرت مشاريع عدة أخرى أهمها اتحاد الجمهوريات العربية الذي كان مفترضاً أن يشمل ليبيا والسودان إلى جانب مصر وسوريا.
وكان الإنجاز الحقيقي الوحيد الذي تحقق في عصر الوحدة هو اتحاد الإمارات العربية الذي صار نموذجاً لم يتيسر إيجاد مثله في عصر الوحدة. فالوحدة اليمنية التي تحققت، فيما كان هذا العصر يلفظ أنفاسه، وصارت مهددة اليوم في زمن الانفصال.
ولم يكن أحد يتخيل في عصر الوحدة، بل بعد إسدال الستار عليه بسنوات، أن يتواضع الحلم العربي من تحقيق وحدة شاملة "ما يغلبها غلاَّب" إلى المحافظة على الدول التي كان مرجواً أن تتحد وتُدمج في دولة واحدة! فقد صار صون هذه الدول من أن تُقَّسم أو تُفتَّت هو غاية المنى، بعد أن كانت قوى في التيار القومي العربي تعتبرها من نتائج عصر الاستعمار وتسميها "أقطاراً" للتقليل من شأنها ولتأكيد أن وجودها "القطري" لن يطول.
والحال أن تقسيم بعض هذه الدول لم يعد مجرد تهديد يلوح شبحه من بعيد، بل صار خطراً حالاً. فقد بات انفصال جنوب السودان واقعاً معاشاً على الأرض. ولم يبق إلا إعلانه رسمياً.
وليس السودان هو البلد الأول الذي يدخل زمن الانفصال العربي. فقد سبقه إليه الصومال الذي اقترن تقسيمه فعلياً بانهيار دولته وتفكك مجتمعه ضمن تدهور شامل أدى إلى انفصال إقليمه الشمالي وإعلانه دولة مستقلة لم تعترف بها دولة في العالم، فيما عجزت الحكومة المعترف بها عن بسط سيادتها حتى في العاصمة التي تسيطر "حركة الشباب" الأصولية المرتبطة بتنظيم "القاعدة" على بعض أحيائها إلى جانب القسم الأكبر من وسط وجنوب البلاد.
غير أن العرب ونظامهم الرسمي لم يستخلصوا الدرس الصومالي في بدايته، ربما لأنهم اعتبروه حالة هامشية رغم أن انهيار هذا البلد وتقسيمه تزامناً مع تفكك الاتحاد السوفييتي، ثم تفكك يوغوسلافيا أيضاً وتغيير خريطة البلقان. والمفارقة، هنا، أن العرب الذين تحدثوا كثيراً عن خطر تقسيم بعض بلادهم قبل حدوثه صمتوا عندما أخذ هذا التقسيم طريقه إليهم بدءاً بالصومال.
ولأن الأراضي المحتلة عام 1967، التي يسعى العرب إلى إقامة دولة مستقلة فيها، لم تصبح دولة، فقد تعاملوا مع الانفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية عام 2007 باعتباره مجرد امتداد للخلاف السياسي بين حركتي "حماس"و"فتح"، وأغفلوا أن تقسيم الدولة المنشودة قبل إقامتها لا يخلو من دلالة على زمن الانفصال.
كان العرب مشدودين، وقت فصل غزة عن الضفة، إلى العراق الذي كان مرشحاً أولاً للتقسيم بعد تفكيك دولته ومجتمعه. فقد اقترن خوفهم من الهجمة الأميركية لإعادة ترتيب المنطقة بقلقهم من تقسيم العراق، الذي حظي بأولوية قصوى رغم أن عوامل انفصال جنوب السودان كانت تتراكم أمام أعينهم.
وبينما أصبح تقسيم السودان واقعاً يصعب تغييره، يظل شبح هذا التقسيم مخيماً في سماء العراق بانتظار ما يسفر عنه رحيل القوات الأميركية. لذلك لم يكن مفاجئاً تأكيد البارزاني مؤخراً تمسك الشعب الكردي بحقه في تقرير المصير. فهو لم يتحدث من فراغ بل انطلاقاً من واقع أن أكراد العراق يبنون كيانهم المنفصل بشكل تدريجي وفي هدوء.
كما ظهر شبح الانفصال أيضاً في سماء اليمن الذي عجز قادته عن المحافظة على وحدة شماله وجنوبه. فلم تقدم دولة الوحدة لما صار قسمها الجنوبي شيئاً يجعله مستعداً للدفاع عنها، مثلما أخفق قادة دول عربية عدة في المحافظة على وحدة نسيج مجتمعاتها وظنوا أن قوة السلطة تكفي لصيانة هذه الوحدة
لذلك دخل العرب زمن الانفصال الذي يزداد خطره الآن في لحظة صار احترام التنوع وتأكيد حق الاختلاف من أهم مكونات النظام العالمي الراهن. وأصبح بإمكان دعاة الانفصال الاستناد على التعاطف الدولي الواسع مع التنوع والاختلاف. ويظهر ذلك مثلاً في إعلان نائب رئيس الحراك الجنوبي في اليمن الشهر الماضي: "نحاول كسب تأييد أميركا لانفصالنا... كما فعل جنوبيو السودان، واذا لم ينتبه العرب الى مخاطر الانفصال فان الواقع العربي مهدد بالانهيار ، فهل يفيق العرب من سباتهم ؟؟ ويعودون الى ثقافة الوحدة !!!