لا تستفزوا العراق الشقيق
مقال بقلم الدكتور محمد صالح المسفر
(1)
العراق ركن اساسي من اركان الوطن العربي، ومصير العرب مرتبط بمصيره، والشعب العراقي ساهم في تأسيس الحضارة الانسانية عامة والعربية الاسلامية على وجه التحديد من عهد حمورابي (1700 ق. م. ) والى عام 2003 عام النحس على العراق الشقيق والامة العربية عامة. من المؤسف ان الشرور توالت على العراق بفعل بعض من ادعى انه من ابناء الرافدين، وتعاظمت تلك الشرور من جواره العربي، والمحرك لكل هذا وذاك دولة الاستكبار العالمي، لكن قيض الله لها من يجرعها سم الهزيمة في العراق، انهم ابناء الرافدين البواسل.
اريد ان انبه كل الذين يستغلون ضعف العراق بعد احتلاله عام 2003 للنيل منه ومن كرامته ووحدة اراضية ان لا يتمادوا في استفزاز هذا الشعب العظيم تارة بالاصرار على ابقاء قرارات مجلس الامن الصادرة تحت بند الفصل السابع من الميثاق سارية المفعول، وتارة اخرى باستنزاف ثرواته بدون وجه حق وثالثة بتغيير معالم الحدود الجغرافية في جنوب العراق.
حدود العراق الجغرافية معروفة لكل منصف ـــ من حقب ما قبل العهد العثماني مرورا بالاحتلال البريطاني وقيام النظام الملكي وحتى عام 1991 م ـــ لا ينكرها الاظالم أوجاهل بوقائع التاريخ. الشعب العراقي اسد جريح بفعل البعض ممن يدعون الانتساب اليه، وبفعل جواره العربي والاسلامي وبفعل الدول الكبرى المتحكمة في ادارة مجلس الامن الدولي فلا تزيدوا جراحه عمقا بتصرفاتكم اللامسؤولة في جنوبه.
الاسد الجريح يكون اكثر شراسة عندما يستفز او يحاول احد اهانته او المساس بعرينه، وهذا طبع الشعب العراقي الشقيق.
( 2 )
بصرف النظر عمن يحكم العراق فكلهم مجمعون على تثبيت حقوقه الجغرافية في اي جبهة كانت، وبصرف النظر عن رأينا في الحكومة الحالية وشرعيتها الا اننا نقف معها صفا واحدا في وجه كل من يحاول المساس بسيادة العراق والاستقواء على حدوده التاريخية او النيل من مكانته او اهانة هذا الشعب العظيم بطريقة مباشرة او غير مباشرة، انه صانع حضارة انسانية يعتد بها على مستوى العالم كله وهكذا يجب التعامل مع العراق.
في اعقاب الحرب العالمية على العراق (33 دولة حاربت العراق) والتي استمرت من عام 1991 ـ 2003 واخيرا تم احتلاله، استغلت دولة مجاورة هذا الضعف الذي اصاب العراق فراحت تتوسع في الاراضي العراقية بمساعدة الدول المنتصرة في الحرب على العراق وفُعّل دور مجلس الامن لتحقيق تلك المهمة. على اثر ذلك فقد العراق اراضي واسعة غنية بالبترول وفقد ميناء (ام قصر) البحرية التجارية لان هذه المنطقة ضمت الى دولة الكويت بقرارات مجحفة وظالمة، كذلك استيلاء الكويت على ممر الملاحة البحرية في خور عبد الله الحق اضرارا بالغة بالموانىء العراقية مثل ميناء خور الزبير، وميناء البتروكيماويات وغيرها من الموانئ العراقية الصغيرة المتخصصة المطلة على الخليج العربي. ان الخط القاطع للممر الملاحي العراقي الضيق والمحصور بين ميناء ام قصر العراقي المغتصب وجزيرة (حجام) سيجعل الموانئ العراقية محاصرة تماما، ومعزولة عن العالم، وسيكون العراق دولة مغلقة لا صلة لها بالبحر. (عماد علّو 25 /5 /2011) وهذا خنق للعراق يجب عدم القبول به عربيا.
( 3 )
اعتقد ان الكويت لديها من الازمات ما يكفيها طبقا لما تنشره وسائل الاعلام الكويتيه ومع الاسف الشديد ان بعض اصحاب المصالح بوعي او بدون وعي يزيدون من ازمات الكويت بفتح ابواب اخرى للازمات الماحقة على سبيل المثال: اقدام الكويت على بناء ميناء مبارك الكبير الذي سيلحق اضرارا بالغة بالموانئ العراقية.
ان الاستمرار في تنفيذ هذا المشروع سيزيد من كراهية العراقيين للكويت لان هذا المشروع سيلحق الضرر بالاقتصاد العراقي بشكل مباشر وعلى الجرف القاري وممرات الملاحة. ان عمليات الحفر والردم، وانشاء السواتر الخرسانية في خور عبد الله سوف تلحق الضرر بالثروة السمكية في المياه الاقليمية العراقية، والتي تعتبر مصدر الرزق لآلاف العراقيين من سكان جنوب العراق.
ان الكويت لديها عدد من الموانىء هي ميناء الشعيبة، والاحمدي وميناء عبد الله وميناء الشويخ تخدم مساحته البالغة 18 الف كلم2، وسكان لا يزيدون عن 800 الف نسمة غير العابرين من غير الكويتيين ولا حاجة لها للتوسع في بناء موانىء جديدة، بينما ميناء ام قصر العراقي السليب يخدم سكانا يزيدون عن 26 مليون عراقي ومساحة ارض تقدر 437 كلم2 فاي عدالة هذه.
اخر القول: ان خنق العراق بحريا من قبل جيرانه اليوم امر لا يجب السكوت عنه عربيا، ان السكوت والتمادي في الحاق الاضرار بالعراق ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة برمتها.
منقول