عبــــاس العــــلوي
alawiabbas@hotmail.com
هاتف السويد: 0046704215718
الثريد !!
الثريد : احدى الأكلات المشهورة والمحببة الى النفوس يعود تاريخها الى زمن ماقبل الأسلام ولها انتشار كبير في جنوب العراق واقطار الخليج العربي وشمال افريقيا وتعتمد أساسا على تقطيع < ثرد > خبز التنور أو الصاج او الخضروات او كلاهما الى قطع صغيرة الحجم لتوضع في صحن عميق وتغمس بمرقة اللحم
ولهذه الاكلة اسماء مختلفة فمثلا في شرق ليبيا يُطلق عليها < مثرودة > وفي المغرب تسمى < الرفيسة > وفي الجزائر < الشخشوخة > وفي الخليج < المنسف > الذي يعلوه الرز المكلل باللحم والدسم .
وفي العراق اصطلح عليه ب < التشريب > وأشهرها تشريب الطماطة وتشريب اللحم ويقوم على ثرد الخبز مضافا اليها اللحمة سواء كانت حمراء اوبيضاء والعراقيون أجادوا عملها بأشكال مختلفة منها : ثريد الباجة وثريد البامية وثريد الباقلاء المتكون من الباقلاء المسلوقة والمقلية بالزيت او السمن مرفقة بالبيض المقلي لتزداد قيمته الغذائية وغالبا ماتقدم كوجبة فطار صباحية واشتهر بها قدوري ابو الباجلا في ابونؤاس وحمادة ابو الباجلا بالكرخ
ومن المطاعم البغدادية العريقة التي اشتهرت بأكلة الثريد لسنوات طويلة : تاجران وابن سمينه والحاتي في الرصافة ورشيد بن طوبان في الكرخ وأخرى من التي لاأتمكن من ذكرها في هذه العجالة
المعروف ان تناولْ اكلة الثريد في أي بلد كان لاينفع معه استخدام الشوكة او السكين او الملعقة وغيرها من مظاهر التمدن تُستخدم فقط أصابع اليد الخمسة وقد انشد احد العراقيين متلذذاً بأكلته الطيبة :
وبالخمسة نضرب والبطن إلها صريخ !!
أما في المشهد السياسي :
بدى واضحا عندنا : أن جنرالات الاحزاب ومن حولهم مهوسون بأكلة الثريد
لما لهذه الأكلة من طعم ومذاق و لحمة كبيرة !
لهذا السبب قامت عمليتنا السياسية منذ يومها الأول في 9 / 4 / 2003
على عقلية الثريد !
وبعد ثمان سنوات فرخت لنا 43 وزيرا وثلاث نواب لرئيس الجمهورية ومثله لرئيس الوزراء والبرنس أياد علاوي هو الآخر ينتظر دوره في تشكيل حكومة اخرى مماثلة تحت عنوان مجلس السياسات العليا !!
الثريد : بكل تأكيد أصبح سلاحاً اقوى من الدبابة والمدفع والمخابرات
إذ اسقط لوحده كل الشعارات الوطنية والايدولوجية التي رفعتها احزابنا
الحاكمة في زمن المعارضة وما بعدها !!
ومن الثريد الدسم : وزارة المصالحة الوطنية
في منتصف عام 2008 كنت ضيفا على الحكومة العراقية في فندق المنصور ميليا لألقاء محاضرات في الأستثمار ببغداد والمحافظات ومن اجمل المصادفات ان التقيت بأخي وصديقي الكاتب والشاعر المبدع الجميل فالح حسون الدراجي وكان هو الآخر ضيفا على وزارة الشباب والرياضة وقد جمعتني معه جلسات رائعة .
كان الفندق المذكور يستقبل لمرتين اوثلاثة في الأسبوع وفود العشائر تستقدمهم الحكومة من المحافظات بباصات كبيرة مكيفة بعنوان < المصالحة الوطنية >
يقضون ليلة واحدة يتناولون فيها ثلاث وجبات طعام دسمة ثم يجمعونهم في إحدى القاعات الكبرى ليلقي احد المسؤولين فيهم كلمة حماسية وسط الهتافات والردح !
في صباح احد الأيام جاء الى غرفتي أحد المسؤولين عن تنظيف الغرف وهو < زهكَان > وبيده مجموعة من الظروف البيضاء الفارغة وقال لي : استاذ شوف ذولة < اهل المصالحة > بعضهم يسبح بنص غرفة الفندق مو بالحمام عبالك كَاعد ابيت ابوه وفوكَاهة ينطون لكل واحد منهم خمسمائة دولار ينزلها بجيبه ويرمي الظرف على الأرض وشغلتنه نجمع وساختهم . ابتسمت ومرارة الألم تعصر قلبي !
وحينما نزلت تحت الى لوبي الفندق صادفت الأخ فالح مازحته قائلا : ها ابوحسون دزولك ظرف ؟ استغرب وقال : لا ثم بادرني وأنت ؟ أنا ايضا مثلك و الحمد لله !
وفي جلسة جمعتني مع احد مدراء الفندق قال : ان وفود المصالحة حسّنت كثيرا من الوضع المالي للفندق فأيرادنا اليومي ضرب ارقاما قياسية . قلت له لماذا اذن فندقكم هزيل يبدو وكأنه من الدرجة الرابعة وليس كما هو معلن خمسة نجوم ؟ أجاب
اسألني عن الأيراد وليس المصاريف !
تبقى المصالحة الوطنية عندنا عنوانا للشفط واللطش ولاستيكا نجرّه كيفما نشاء
ويبقى أيضا ثريدها الدسم ومظروف الدولار يزين موائدها في العراق و دول الجوار
الى جيبوتي والصومال !!
السويد : في : 10 / 6 / 2011