11.11.2009 آخر تحديث [13:48]
حصار لينينغراد .. الصمود والفداء
وجهت مجموعة الجيوش االشمالية الالمانية في بداية الحرب الوطنية العظمى( 1941 – 1945) ضربة باتجاه مدينة لينينغراد . وانيطت لهذه الجيوش مهمة دحر تشكيلات الجيش الاحمر في منطقة البلطيق والاستيلاء على القواعد البحرية السوفيتية في بحر البلطيق واحتلال مدينة لينينغراد بحلول 21 يوليو/تموز عام 1941. واستولت القوات الالمانية في 9 يوليو/تموز على مدينة بسكوف جنوبي لينينغراد، ثم اخترقت دفاعات القوات السوفيتية ووصلت الى نهر بليوسا مندفعة نحو مدينة لوغا في ضواحي لينينغراد.
احتلت القوات الالمانية في 21 اغسطس/آب محطة القطار تشودوفو وقطعت بذلك السكة الحديد "اكتيابرسكايا" التي تربط لينينغراد بموسكو. ثم استولت على مفصل السكك الحديد الكبرى مغا. وبعد ان استولت القوات الالمانية على قلعة شليسينبورغ احكم الحصار على مدينة لينينغراد تماما. ويعتبر يوم 8 سبتمبر/ايلول - وهو يوم احتلال شليسينبورع - بداية حصار المدينة الذي استمر 871 يوما.
وقع تحت الحصار مليونان و544 ألف شخص من اهالي المدينة بمن فيهم 400 ألف طفل و343 الف شخص من اهالي ضواحي لينينغراد الذين دافعوا عن المدينة. وكانت احتياطيات الاغذية والوقود محسوبة لبضعة اشهر فقط. وصار اهالي لينينغراد يعانون من شح الارزاق بعد تعرض مستودعات الاغذية الرئيسية يوم 8 سبتمبر/ ايلول للقصف الجوي الالماني الذي ادى الى نشوب الحريق فيها و فقدان ما حفظ بها من الاحتياطات. واتخذت سلطات المدينة قرارا بتوزيع الارزاق على اساس منح السكان القسائم الغذائية. وخصص كل يوم للعمال والمهندسين 400 غرام من الخبز. اما بقية السكان فكانوا يحصلون على 200 غرام من الخبز فقط. وانتهت احتياطيات الوقود مما ادى الى وقف وسائل النقل العام. واستنفدت موارد الاغذية بسرعة الامر الذي اضطر السلطات الى تقليص معدل توزبع الخبز في يناير/كانون الثاني عام 1942 حتى 200 غرام للعمال و125 غرام لبقية السكان . ومات في المدينة من الجوع بحلول فبراير/شباط عام 1942 ما يزيد عن 200 ألف شخص. لكن لينينغراد ما زالت على قيد الحياة واستمرت في المقاومة.
وكانت مصانع المدينة تصنع الاسلحة والمعدات الحربية. واستمرت اذاعة لينينغراد في بث برامجها التي شارك فيها الكتاب والشعراء والفنانون المعروفون داعين اهالي المدينة الى الصمود. وفي 2 يوليو/تموز عام 1942 اوصلت الى لينينغراد مخطوطة السيمفونية السابعة التي كتبها دميتري شوستاكوفيتش المؤلف الموسيقي المشهورعالميا. وتم عزفها الى اهالي لينينغراد يوم 9 اغسطس/آب عام 1942 عبر اذاعة المدينة. كانت لينينغراد محاصرة بالقوات الالمانية من اليابسة . لكن بحيرة لادوغا كانت وما زالت طريقا مائيا وحيدا يربط المدينة بالبلاد. واطلق عليه "طريق الحياة" الذي مرت به امدادات من الاغذية والوقود رغم القصف الالماني المستمر. وكانت البحيرة تتجمد في وقت الشتاء مما سمح بإجلاء الاطفال والنساء والمرضى والجرحى من المدينة . وكان شتاء عامي 1941 و1942 اصعب مرحلة في تاريخ الحصار حين كفت عن العمل المجاري ومواسير المياه والنقل العام. وحتى جثث الموتى لم يكن بالمقدور دفنها في بعض الاحيان.
في 25 مارس/آذار عام 1942 اتخذ قرار بتطهير المدينة من اكوام الجليد والثلج والاوحال والقاذورات والجثث. وبحلول 15 ابريل /نيسان استعادت المدينة شكلها الحضاري. وصارت عربات الترام الكهربائية تسير فيها. اما في شتاء عامي 1942 – 1943 فتحسنت اوضاع المدينة بشكل ملحوظ حيث تم تشغيل النقل العام والمجاري والحمامات والمرافق الصحية. كما تم افتتاح المدارس ودور السينما. ويعود الفضل الكبير في ذلك الى أليكسي كوسيغين ( شغل منصب رئيس الحكومة السوفيتية فيما بعد) الذي كان يشرف في واقع الامر على عملية انعاش المدينة من ناحية ادارية.كما يجب الا يغيب عن البال الدور الذي لعبه قسطنطين جوكوف في تنظيم الدفاع عن لينينغراد في اخطر مراحله في عام 1941.
بدأ فك حصار لينينغراد في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1943 حين انتقلت كل من جبهتي لينينغراد و فولخوف الى الهجوم جنوبي بحيرة لادوغا، وذلك بالتعاون مع اسطول البلطيق البحري.
في 18 يناير/كانون الثاني عام 1943 حررت وحدات فرقة المشاة 86 بالتعاون مع لواء المشاة 34 مدينة شليسيلبورغ والشاطئ الجنوبي لبحيرة لادوغا. وقام العمال الانشائيون باقامة معبر على نهر نيفا وبناء طريقين للسيارات والقطارات في ممر شقته القوات.
في نهاية عام 1943 تغيرت الاوضاع في الجبهة السوفيتية الالمانية بشكل جذري. وبدأت جبهتا لينينغراد وفولخوف في التحضيرات لتحرير لينينغراد تحريرا نهائيا. وقد تم ذلك في 14 يناير/كانون الثاني عام 1944 حين اخترقت القوات السوفيتية دفاعات الجيش الالماني الثامن عشر ودحرت قواته الرئيسية وتقدمت الى عمق 60 كيلومترا، فبدأ الالمان في الانسحاب السريع. وتم الفك النهائي لحصار لينينغراد بتحرير مدن بوشكين وغاتشينا وتشودوفو.
ووقع آخر قصف ألماني لمدينة لينينغراد في 14 مايو/آيار عام 1944. واودى الحصار الالماني النازي للمدينة بحياة 649 الف شخص من السكان المدنيين الذين ماتو غالبيتهم من الجوع و332 الف مدافع عن لينينغراد من الجنود والضباط السوفيت.
http://arabic.rt.com/news_all_info/37202