سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عظم الله لكم الأجر باستشهاد صاحب اكبر ثورة في تاريخ البشرية وأرجو منك بحقه وبحق أستاذك الذي بذل نفسه وولديه من اجل الحق والعدل وهو يؤسس الحوزة الناطقة وأرجو منك من اجل الحق، والمعروف عنك تقول الحق وإن عز وتنصف الناس من نفسك أن تجيبني على سؤالي.. وقبل السؤال أود أن أبين ما يلي:-
أولاً: ذكر سماحة المولى الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قده): ((إنما استهدفت إيجاد المرجع للمستقبل وإلا الحمد لله جملة من مراجعنا ذهبوا والباقين أيضاً يذهبون ويبقى المجتمع وتبقى الحوزة بدون مجتهد، بدون اجتهاد لا يصير تقليد، لأن غير المجتهد لا يُقلّد، معناها لا يوجد مرجع، فمن الذي يقضي؟ من الذي يقبض حق الإمام؟ من الذي يحل المشاكل؟ من الذي يفتي؟ لا يوجد، فلربما- وإن كانت ليست باللطيفة- يتسلط علينا غيرنا بعنوان أن الأعلم في إيران أو في الهند أو في باكستان أو في الخليج، لا، فليكن الأعلم في النجف ليس في غيرها)).
ثانياً: وقال قدس سره: ((كثيرون يقولون بأنه بعد السيد محمد الصدر أين نولي وجوهنا، أقول لهم الى الآن لا يوجد شيء، الى الآن أي تخطيط لا يوجد، إنما نحتاج إذا بقيت الحياة لعدة سنوات ربما خمسة، ستة، عشرة، حينئذ في ذمة المجتمع وذمة الحوزة تعيّن أعلمهم من هذه الناحية)).
ثالثاً: قال قدس سره: (( أنا اعتقد أن الأعلم من بعدي على الإطلاق جناب السيد كاظم الحائري لكنه لا يتسنى له الرجوع فتحدث أمور مؤسفة ومزعجة فعليكم بالشيخ محمد إسحاق الفياض لأنه رجل طيب القلب لكن هناك من طلابي وممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد يحصل هناك عدة مجتهدين بعون الله سبحانه وتعالى جملة منهم نستطيع أن نقول لهم طيب القلب وخيّر وورع ونحو ذلك، قابل لأن تعول عليه القيادة الحوزوية ولربما في ذلك الحين يكون هو الأعلم، نحن لا نعلم بالمستقبل من الذي يكون اعلم أنا قلت إن جناب السيد الحائري الآن هو الأعلم له باب وجواب أما في حينه لعله سيكون بعض طلابي هو الأعلم ليس مجتهد فقط بل اعلم فحينئذ يجب الرجوع إليه تقليداً وقيادة)).
وهنا أريد أن أشير انه قد ذكر سماحة الشهيد محمد محمد صادق الصدر في أولاً استهدف إيجاد المرجع للمستقبل وإن المرجع الأعلم في النجف وليس في غيرها، وثانياً يقول بعد ستة أو عشر سنوات يكون الأعلم وفي ذمة المجتمع والحوزة تعيينه، وثالثاً يؤكد ويكرر أن الأعلم في النجف، ورابعاً يقول أن السيد الحائري في ذلك الوقت هو الأعلم وفي المستقبل لعله احد طلبتي هو الأعلم ليس مجتهد فقط بل اعلم ويؤكد على الرجوع إليه تقليداً وقيادة.
وهنا السؤال المهم، أن هدف سماحة المولى إيجاد مرجع ناطق وقد حدد فترة أقصاها عشرة سنوات ونحن الآن بعد ثلاثة عشر سنة من استشهاده وهذا المرجع الأعلم من طلابه لأنه في ذلك الوقت قد حدد من هو.
وأنا عندما توجهت في مرات عديدة للسؤال عن سماحتكم وبالإلحاح بالسؤال قالوا انك مجتهد قول دون كتابة وأنا على علم انك من أهل الخبرة سابقاً في تحديد أعلمية السيد الشهيد الصدر (قده) ولديك اطلاع تام على جميع الأبحاث، فمن الأعلم غيركم وكيف نثبت؟ علماً في مناقشة لي مع مدير مكتب السيد الحائري في النجف قال نسلّم انه مجتهد لكنه ليس اعلم، وقد تفاجئت باستفتاء موجّه الى مكتب السيد الحائري من السويد يسالون عن سماحتكم فيقولون لا نعرفه! وبما انك من أفضل طلبة السيد الشهيد ومن اجل حفظ مدرسة الشهيد السعيد محمد الصدر (قده) نسأل من الأعلم؟ وكيف نثبت ذلك؟
الشيخ
محمد الجبوري
بسم الله الرحمن الرحيم:
وعليه التوكل ومنه السداد، فقد كثر السؤال حيناً بعد حين، وكأن المسألة معقدة الى العمق الذي لا يستطيع الإنسان العادي فضلاً عن الطالب الحوزوي التعرف على من يتصف بتلك الصفة، واخذ الجدل فيها طولاً وعرضاً منذ شهادة السيد الأستاذ (قده) الذي تمتد علاقتي معه منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية أو قبلها بقليل حينما كنت أراجعه في الاحتياطات الوجوبية التي يَرجِع فيها جملة من المحققين المكلف الى الغير، واستمرت الى حين شهادته، ولست بحاجة الى المزايدة على هذه العلاقة أو ما قاله السيد الشهيد (قده) من إطراءات أو تقييمات بحقنا كما تاجر وزايد عليها غيرنا وهذا شأنهم، يكفي أن اذكر إني كنت أجيب عن الاستفتاءات التحريرية، وهو يمهرها بختمه الشريف، وهذا أمر معروف.
واستمر حالنا بحضور معظم أبحاثه ودروسه وبقيت مستمراً مع خطه الميمون دراسةً وتدريساً في جامع الرأس مع الرعاية التامة والكاملة لمعظم طلبة السيد الشهيد أو من ينتسبون لمدرسته، وجامع الرأس خير شاهد على ذلك، وأما قدرتنا التدريسية ومكانتنا العلمية في هذا الوسط لا يعلو عليها احد وبشهادة جملة من طلبة الحوزة حتى من خارج خط السيد الشهيد (قده).
وبعد هذه المقدمة لا بد من ذكر بعض النقاط:
النقطة الأولى:- المتأمل في مجموع كلمات السيد الشهيد (قده) وخصوصاً ما هو مذكور في السؤال سيجد انه (قده) تعمّد إغماض الأمر في ما يتعلق بعنوان الأعلم من الفقهاء، فتجده يقول ينبغي أن يكون المرجع من النجف، لا من غيرها من الحواضر العلمية الحوزوية وأن يتسم بالقدرة على إدارة شؤون الحوزة وتمشية أمور المرجعية على وفق الخط الإمامي المتمثل في وقتها بالمرجعية المسماة عنده بالناطقة، وسميّتها بالعاملة، وأخرى يقول السيد الحائري (حفظه الله) مقيداً بقيدين، إن التوصيف كان بـ(الآن) إطلاق التوصيف، ولذا قيّده بـ(الآن)، والثاني هو انه لا يتسنى له المجيء الى النجف، وثالثة الشيخ الفياض (حفظه الله) موصوفاً من قبله بالطيب القلب من دون الإشارة الى شيء آخر، ورابعة احد طلبتي، ولعله مجملاً ومن يدعي بأنه أشار إليه بالخصوص فهذا مردود وسأذكر سبب الرد في النقطة الأخرى.
النقطة الثانية: سألته مرة بالقول على ما اذكر، أنت قلت منذ مدة أن السيد الحائري اعلم مني، ولو كان في العراق لسلمته المرجعية، والآن تقول أنا اعلم منه؟ فأجاب (قده) نعم هذا صحيح ولكنني- والكلام بلسانه- بحثت وحققت الكثير من المسائل وتعمقت في البحوث فوجدت نفسي اعلم منه.
تعليلنا الخاص للإشارة الى المذكورين لعدة اعتبارات:
الأول: انه كان بصدد خلق خط مرجعي مقابل لخط الحوزة الذي سماه (الكلاسيكي الرتيب) والممتد في العمق التاريخي وليس من السهل مواجهته لمرجع بمفرده، فأشار الى السيد الحائري وإلى الشيخ الفياض (حفظهما الله) لهذا الاعتبار على ما نقل لي السيد بواسطة الشيخ علي حميد حين محادثته مع الفياض (حفظه الله) في بيته عندما زاره، ليستوضح من السيد (قده) قوله بعدم سيادة المحقق الخوئي (قده) وفي أثناء محاورته معه قال له السيد أنت اعلم من السيد السيستاني (حفظه الله) فأعلن مرجعيتك وأنا أدعمك.
وربما إشارته للسيد الحائري لتوجيه رسالة الى السلطة الصدامية بأن البديل عني فيما لو فكرتم بتصفيتي هو السيد الحائري وفتواه الصارمة في مواجهة النظام معروفة.
وإلى الشيخ الفياض (حفظه الله) لكونه طيب القلب، وطيب القلب هو الضمان لرعاية طلبة الحوزة.
وإلى احد طلابه لمعرفته بقدرة بعضهم وشأنيته في التصدي للأمر بشجاعة وصبر، ولم يحدد على ما نقل لي شخصياً في مرتين:
الأولى: في داره في لقاء خاص معه ليلاً قبل شهرين أو ثلاثة من شهادته، بالقول أنا لم احدد من يكون من بعدي، وأفكر في مجموعة من الفقهاء إذا سارت الأمور بشكل طبيعي وفي المستقبل القريب.
والثانية: عند خروجنا من بحث الفقه متوجهين الى البراني وقد اقترحت عليه أن ينشر أمراً ولائياً يأمر به الناس بالخروج الى الشوارع والاعتصام فيما لو تعرضتَ للاعتقال أو الاغتيال من قبل السلطة بعد تصاعد الأحداث واقتراب المواجهة فأجاب: أنا حبيبي لا أتحمل دماءً بعد موتي، لا، لا (ما أسويها).
النقطة الثالثة: إن السيد عندما طرح أعلميته عللها بأنه خريج مدرسة السيد محمد باقر الصدر (قده) والتي تعتبر مرحلة رابعة من مراحل علم الأصول، لها من العمق والشمول في علم الأصول ما لا يحيط به إلا القلة وأنه أفضل واعلم طلبة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده) بل قد ذهب في كتيب صغير لم يطبع، الى ابعد من هذا، قد لا يكون من المناسب ذكر ما ذكره فيه فيما يتعلق بالأعلم.
وقد جعل الضابط أمور أخرى من علم الرجال، والفهم العرفي، ومعاريض اللغة، المهم انه لم يتفق والفقهاء على ضابط لتحديد الأعلم، وربما البعض جعل الضابط جودة تطبيق الأصول على الفروع.
ولكننا لو رجعنا الى التحديد الشرعي سنعرف من الأعلم، فالشارع يقول العلم يهتف بالعمل وإلا ارتحل عنه، فجعل ضابط العلم هو العمل، ومن كان أكثر عملاً كان أكثر علماً من غيره طبقاً للتحديد الشرعي، مع اتضاح العمل من اجل الإسلام والمذهب والدفاع عن المعتقدات الحقة.
بل أكثر من ذلك نقول، من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.. فافهم.
النقطة الرابعة: إن موطن الأعلمية هو النجف الأشرف وليس في غيرها من حواضر العلم الفقهية، وهذا يحدد لنا مدار الأعلمية، وهذا صريح كلام السيد الشهيد (قده) شريطة أن يكون خريج مدرسته المتصفة بالشمولية والنابعية، كما يصف (قده) معيار الأعلمية.
النقطة الخامسة: يمكن تحديد الأعلم وفق المعطيات التالية:
1- العمق البحثي في أصول الفقه، ومناقشته آراء أساطين الأصول المعاصرين، مع تبني أفكار خاصة في جملة من المباحث لا تدور في فلك آراء الآخرين، ولا مستنبطة من آراءهم.
2- السعة الواسعة والانتشار الكبير في معظم العلوم المطلوبة مع الامتداد على العلوم الأخرى ولو بدرجة غير معمقة الى الدرجة التي يستطيع أن تحاور أو تشارك في الحديث.
3- الإجابة السريعة والمباشرة لكل سؤال، وبدون انتظار وتروي، ومن خلال الرصيد الكبير عند المسؤول وحدس كبير للانتقال من مخزونه المعرفي الى الإجابة المطلوبة.
4- يبدي رأياً واضحاً في كل قضية أو أزمة يتعرض لها الإسلام أو المذهب أو المجتمع.
5- أن يحدد منهجاً واضحاً في سلوكه الاجتماعي وتعاطيه للمشاكل التي تطرأ على المجتمع مقدماً حلول معقولة ومنطقية ويغطي مساحة واسعة في علاجاته لمشاكل المجتمع.
6- أن يكون شجاعاً بشكل ملموس لا يأبه بالنتائج لو قام بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تأخذه في الله لومة لائم، وله كلمة صدق أمام سلطان جائر.
7- أن يكون قريب المشرب وصاحب باع طويل في الأعراف الاجتماعية والامتدادات العشائرية العراقية يتوفر على شبكة علاقات واسعة مع أفراد المجتمع بمختلف تنوعاتهم وأعرافهم.
8- أن يكون له اطلاع واسع على مشاكل مجتمعه أولاً وأحداث العالم ثانياً وبالخصوص العالم الإسلامي، وأن يعمل للإسلام لا للمذهب أو العنصرية.
وبعد هذه المقدمة والنقاط يمكنك أن تستنتج الأعلم من فقهاء المذهب في هذا الظرف بالذات، وانطلاقاً من توجيهات الشهيد السعيد محمد الصدر (قده).
نعم أنا قلت، وهذا ما يعتقده الكثير من طلبتنا ممن درسناهم لسنوات عديدة، بذكائنا الذي نمتاز به عن غيرنا، وأن احد طلبتنا حينما سأل عني وعن احد المراجع، أجاب بضرس قاطع أن الشيخ الطائي يفرق عنه كثيراً وكان هذا الكلام أمام حضرة العباس عليه السلام، وقد درستُ الكفاية مع التعليق عليها وأنا في السنة الخامسة من عمري الحوزوي ودرست أصول المظفر وأنا في السنة الثانية، وقد درست معظم دروس الحوزة العلمية ودخلت ميدان البحث الخارج قبل سبعة سنوات في مبحث جديد في الفقه لم يُبحث من قبل، وكتبت في ميادين متعددة حتى السياسة كما يشهد كتابنا (العراق وأمريكا.. الى أين؟).
العديد من الطلبة ممن يعرفنا وتتلمذ على درسنا وفي مجلسنا يعتقد جازماً بأعلمية هذا البسيط وهم من طلبة البحث الخارج الذين يحضرون عند غيرنا، ولولا إحراجهم لذكرت أسماؤهم.
أنا أعول على وجدان المقيّم وصدقه في التقييم والتمييز فليكن المقيمون غير هذا المجيب، لأنه من غير المستحب أن يطري الإنسان على نفسه أو يقيّمها هو، ومن الله التوفيق والسداد.
قاسم الطائي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عظم الله لكم الأجر باستشهاد صاحب اكبر ثورة في تاريخ البشرية وأرجو منك بحقه وبحق أستاذك الذي بذل نفسه وولديه من اجل الحق والعدل وهو يؤسس الحوزة الناطقة وأرجو منك من اجل الحق، والمعروف عنك تقول الحق وإن عز وتنصف الناس من نفسك أن تجيبني على سؤالي.. وقبل السؤال أود أن أبين ما يلي:-
أولاً: ذكر سماحة المولى الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قده): ((إنما استهدفت إيجاد المرجع للمستقبل وإلا الحمد لله جملة من مراجعنا ذهبوا والباقين أيضاً يذهبون ويبقى المجتمع وتبقى الحوزة بدون مجتهد، بدون اجتهاد لا يصير تقليد، لأن غير المجتهد لا يُقلّد، معناها لا يوجد مرجع، فمن الذي يقضي؟ من الذي يقبض حق الإمام؟ من الذي يحل المشاكل؟ من الذي يفتي؟ لا يوجد، فلربما- وإن كانت ليست باللطيفة- يتسلط علينا غيرنا بعنوان أن الأعلم في إيران أو في الهند أو في باكستان أو في الخليج، لا، فليكن الأعلم في النجف ليس في غيرها)).
ثانياً: وقال قدس سره: ((كثيرون يقولون بأنه بعد السيد محمد الصدر أين نولي وجوهنا، أقول لهم الى الآن لا يوجد شيء، الى الآن أي تخطيط لا يوجد، إنما نحتاج إذا بقيت الحياة لعدة سنوات ربما خمسة، ستة، عشرة، حينئذ في ذمة المجتمع وذمة الحوزة تعيّن أعلمهم من هذه الناحية)).
ثالثاً: قال قدس سره: (( أنا اعتقد أن الأعلم من بعدي على الإطلاق جناب السيد كاظم الحائري لكنه لا يتسنى له الرجوع فتحدث أمور مؤسفة ومزعجة فعليكم بالشيخ محمد إسحاق الفياض لأنه رجل طيب القلب لكن هناك من طلابي وممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد يحصل هناك عدة مجتهدين بعون الله سبحانه وتعالى جملة منهم نستطيع أن نقول لهم طيب القلب وخيّر وورع ونحو ذلك، قابل لأن تعول عليه القيادة الحوزوية ولربما في ذلك الحين يكون هو الأعلم، نحن لا نعلم بالمستقبل من الذي يكون اعلم أنا قلت إن جناب السيد الحائري الآن هو الأعلم له باب وجواب أما في حينه لعله سيكون بعض طلابي هو الأعلم ليس مجتهد فقط بل اعلم فحينئذ يجب الرجوع إليه تقليداً وقيادة)).
وهنا أريد أن أشير انه قد ذكر سماحة الشهيد محمد محمد صادق الصدر في أولاً استهدف إيجاد المرجع للمستقبل وإن المرجع الأعلم في النجف وليس في غيرها، وثانياً يقول بعد ستة أو عشر سنوات يكون الأعلم وفي ذمة المجتمع والحوزة تعيينه، وثالثاً يؤكد ويكرر أن الأعلم في النجف، ورابعاً يقول أن السيد الحائري في ذلك الوقت هو الأعلم وفي المستقبل لعله احد طلبتي هو الأعلم ليس مجتهد فقط بل اعلم ويؤكد على الرجوع إليه تقليداً وقيادة.
وهنا السؤال المهم، أن هدف سماحة المولى إيجاد مرجع ناطق وقد حدد فترة أقصاها عشرة سنوات ونحن الآن بعد ثلاثة عشر سنة من استشهاده وهذا المرجع الأعلم من طلابه لأنه في ذلك الوقت قد حدد من هو.
وأنا عندما توجهت في مرات عديدة للسؤال عن سماحتكم وبالإلحاح بالسؤال قالوا انك مجتهد قول دون كتابة وأنا على علم انك من أهل الخبرة سابقاً في تحديد أعلمية السيد الشهيد الصدر (قده) ولديك اطلاع تام على جميع الأبحاث، فمن الأعلم غيركم وكيف نثبت؟ علماً في مناقشة لي مع مدير مكتب السيد الحائري في النجف قال نسلّم انه مجتهد لكنه ليس اعلم، وقد تفاجئت باستفتاء موجّه الى مكتب السيد الحائري من السويد يسالون عن سماحتكم فيقولون لا نعرفه! وبما انك من أفضل طلبة السيد الشهيد ومن اجل حفظ مدرسة الشهيد السعيد محمد الصدر (قده) نسأل من الأعلم؟ وكيف نثبت ذلك؟
الشيخ
محمد الجبوري
بسم الله الرحمن الرحيم:
وعليه التوكل ومنه السداد، فقد كثر السؤال حيناً بعد حين، وكأن المسألة معقدة الى العمق الذي لا يستطيع الإنسان العادي فضلاً عن الطالب الحوزوي التعرف على من يتصف بتلك الصفة، واخذ الجدل فيها طولاً وعرضاً منذ شهادة السيد الأستاذ (قده) الذي تمتد علاقتي معه منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية أو قبلها بقليل حينما كنت أراجعه في الاحتياطات الوجوبية التي يَرجِع فيها جملة من المحققين المكلف الى الغير، واستمرت الى حين شهادته، ولست بحاجة الى المزايدة على هذه العلاقة أو ما قاله السيد الشهيد (قده) من إطراءات أو تقييمات بحقنا كما تاجر وزايد عليها غيرنا وهذا شأنهم، يكفي أن اذكر إني كنت أجيب عن الاستفتاءات التحريرية، وهو يمهرها بختمه الشريف، وهذا أمر معروف.
واستمر حالنا بحضور معظم أبحاثه ودروسه وبقيت مستمراً مع خطه الميمون دراسةً وتدريساً في جامع الرأس مع الرعاية التامة والكاملة لمعظم طلبة السيد الشهيد أو من ينتسبون لمدرسته، وجامع الرأس خير شاهد على ذلك، وأما قدرتنا التدريسية ومكانتنا العلمية في هذا الوسط لا يعلو عليها احد وبشهادة جملة من طلبة الحوزة حتى من خارج خط السيد الشهيد (قده).
وبعد هذه المقدمة لا بد من ذكر بعض النقاط:
النقطة الأولى:- المتأمل في مجموع كلمات السيد الشهيد (قده) وخصوصاً ما هو مذكور في السؤال سيجد انه (قده) تعمّد إغماض الأمر في ما يتعلق بعنوان الأعلم من الفقهاء، فتجده يقول ينبغي أن يكون المرجع من النجف، لا من غيرها من الحواضر العلمية الحوزوية وأن يتسم بالقدرة على إدارة شؤون الحوزة وتمشية أمور المرجعية على وفق الخط الإمامي المتمثل في وقتها بالمرجعية المسماة عنده بالناطقة، وسميّتها بالعاملة، وأخرى يقول السيد الحائري (حفظه الله) مقيداً بقيدين، إن التوصيف كان بـ(الآن) إطلاق التوصيف، ولذا قيّده بـ(الآن)، والثاني هو انه لا يتسنى له المجيء الى النجف، وثالثة الشيخ الفياض (حفظه الله) موصوفاً من قبله بالطيب القلب من دون الإشارة الى شيء آخر، ورابعة احد طلبتي، ولعله مجملاً ومن يدعي بأنه أشار إليه بالخصوص فهذا مردود وسأذكر سبب الرد في النقطة الأخرى.
النقطة الثانية: سألته مرة بالقول على ما اذكر، أنت قلت منذ مدة أن السيد الحائري اعلم مني، ولو كان في العراق لسلمته المرجعية، والآن تقول أنا اعلم منه؟ فأجاب (قده) نعم هذا صحيح ولكنني- والكلام بلسانه- بحثت وحققت الكثير من المسائل وتعمقت في البحوث فوجدت نفسي اعلم منه.
تعليلنا الخاص للإشارة الى المذكورين لعدة اعتبارات:
الأول: انه كان بصدد خلق خط مرجعي مقابل لخط الحوزة الذي سماه (الكلاسيكي الرتيب) والممتد في العمق التاريخي وليس من السهل مواجهته لمرجع بمفرده، فأشار الى السيد الحائري وإلى الشيخ الفياض (حفظهما الله) لهذا الاعتبار على ما نقل لي السيد بواسطة الشيخ علي حميد حين محادثته مع الفياض (حفظه الله) في بيته عندما زاره، ليستوضح من السيد (قده) قوله بعدم سيادة المحقق الخوئي (قده) وفي أثناء محاورته معه قال له السيد أنت اعلم من السيد السيستاني (حفظه الله) فأعلن مرجعيتك وأنا أدعمك.
وربما إشارته للسيد الحائري لتوجيه رسالة الى السلطة الصدامية بأن البديل عني فيما لو فكرتم بتصفيتي هو السيد الحائري وفتواه الصارمة في مواجهة النظام معروفة.
وإلى الشيخ الفياض (حفظه الله) لكونه طيب القلب، وطيب القلب هو الضمان لرعاية طلبة الحوزة.
وإلى احد طلابه لمعرفته بقدرة بعضهم وشأنيته في التصدي للأمر بشجاعة وصبر، ولم يحدد على ما نقل لي شخصياً في مرتين:
الأولى: في داره في لقاء خاص معه ليلاً قبل شهرين أو ثلاثة من شهادته، بالقول أنا لم احدد من يكون من بعدي، وأفكر في مجموعة من الفقهاء إذا سارت الأمور بشكل طبيعي وفي المستقبل القريب.
والثانية: عند خروجنا من بحث الفقه متوجهين الى البراني وقد اقترحت عليه أن ينشر أمراً ولائياً يأمر به الناس بالخروج الى الشوارع والاعتصام فيما لو تعرضتَ للاعتقال أو الاغتيال من قبل السلطة بعد تصاعد الأحداث واقتراب المواجهة فأجاب: أنا حبيبي لا أتحمل دماءً بعد موتي، لا، لا (ما أسويها).
النقطة الثالثة: إن السيد عندما طرح أعلميته عللها بأنه خريج مدرسة السيد محمد باقر الصدر (قده) والتي تعتبر مرحلة رابعة من مراحل علم الأصول، لها من العمق والشمول في علم الأصول ما لا يحيط به إلا القلة وأنه أفضل واعلم طلبة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده) بل قد ذهب في كتيب صغير لم يطبع، الى ابعد من هذا، قد لا يكون من المناسب ذكر ما ذكره فيه فيما يتعلق بالأعلم.
وقد جعل الضابط أمور أخرى من علم الرجال، والفهم العرفي، ومعاريض اللغة، المهم انه لم يتفق والفقهاء على ضابط لتحديد الأعلم، وربما البعض جعل الضابط جودة تطبيق الأصول على الفروع.
ولكننا لو رجعنا الى التحديد الشرعي سنعرف من الأعلم، فالشارع يقول العلم يهتف بالعمل وإلا ارتحل عنه، فجعل ضابط العلم هو العمل، ومن كان أكثر عملاً كان أكثر علماً من غيره طبقاً للتحديد الشرعي، مع اتضاح العمل من اجل الإسلام والمذهب والدفاع عن المعتقدات الحقة.
بل أكثر من ذلك نقول، من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.. فافهم.
النقطة الرابعة: إن موطن الأعلمية هو النجف الأشرف وليس في غيرها من حواضر العلم الفقهية، وهذا يحدد لنا مدار الأعلمية، وهذا صريح كلام السيد الشهيد (قده) شريطة أن يكون خريج مدرسته المتصفة بالشمولية والنابعية، كما يصف (قده) معيار الأعلمية.
النقطة الخامسة: يمكن تحديد الأعلم وفق المعطيات التالية:
1- العمق البحثي في أصول الفقه، ومناقشته آراء أساطين الأصول المعاصرين، مع تبني أفكار خاصة في جملة من المباحث لا تدور في فلك آراء الآخرين، ولا مستنبطة من آراءهم.
2- السعة الواسعة والانتشار الكبير في معظم العلوم المطلوبة مع الامتداد على العلوم الأخرى ولو بدرجة غير معمقة الى الدرجة التي يستطيع أن تحاور أو تشارك في الحديث.
3- الإجابة السريعة والمباشرة لكل سؤال، وبدون انتظار وتروي، ومن خلال الرصيد الكبير عند المسؤول وحدس كبير للانتقال من مخزونه المعرفي الى الإجابة المطلوبة.
4- يبدي رأياً واضحاً في كل قضية أو أزمة يتعرض لها الإسلام أو المذهب أو المجتمع.
5- أن يحدد منهجاً واضحاً في سلوكه الاجتماعي وتعاطيه للمشاكل التي تطرأ على المجتمع مقدماً حلول معقولة ومنطقية ويغطي مساحة واسعة في علاجاته لمشاكل المجتمع.
6- أن يكون شجاعاً بشكل ملموس لا يأبه بالنتائج لو قام بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تأخذه في الله لومة لائم، وله كلمة صدق أمام سلطان جائر.
7- أن يكون قريب المشرب وصاحب باع طويل في الأعراف الاجتماعية والامتدادات العشائرية العراقية يتوفر على شبكة علاقات واسعة مع أفراد المجتمع بمختلف تنوعاتهم وأعرافهم.
8- أن يكون له اطلاع واسع على مشاكل مجتمعه أولاً وأحداث العالم ثانياً وبالخصوص العالم الإسلامي، وأن يعمل للإسلام لا للمذهب أو العنصرية.
وبعد هذه المقدمة والنقاط يمكنك أن تستنتج الأعلم من فقهاء المذهب في هذا الظرف بالذات، وانطلاقاً من توجيهات الشهيد السعيد محمد الصدر (قده).
نعم أنا قلت، وهذا ما يعتقده الكثير من طلبتنا ممن درسناهم لسنوات عديدة، بذكائنا الذي نمتاز به عن غيرنا، وأن احد طلبتنا حينما سأل عني وعن احد المراجع، أجاب بضرس قاطع أن الشيخ الطائي يفرق عنه كثيراً وكان هذا الكلام أمام حضرة العباس عليه السلام، وقد درستُ الكفاية مع التعليق عليها وأنا في السنة الخامسة من عمري الحوزوي ودرست أصول المظفر وأنا في السنة الثانية، وقد درست معظم دروس الحوزة العلمية ودخلت ميدان البحث الخارج قبل سبعة سنوات في مبحث جديد في الفقه لم يُبحث من قبل، وكتبت في ميادين متعددة حتى السياسة كما يشهد كتابنا (العراق وأمريكا.. الى أين؟).
العديد من الطلبة ممن يعرفنا وتتلمذ على درسنا وفي مجلسنا يعتقد جازماً بأعلمية هذا البسيط وهم من طلبة البحث الخارج الذين يحضرون عند غيرنا، ولولا إحراجهم لذكرت أسماؤهم.
أنا أعول على وجدان المقيّم وصدقه في التقييم والتمييز فليكن المقيمون غير هذا المجيب، لأنه من غير المستحب أن يطري الإنسان على نفسه أو يقيّمها هو، ومن الله التوفيق والسداد.
قاسم الطائي