الأحد، 09 كانون الثاني/يناير 2011، آخر تحديث 00:21 (GMT+0400)
استفتاء السودان: ولادة دولة "متعثرة" أم شرارة عنف؟
يتوجه الجنوبيون لصناديق الاقتراع الأحد
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تفصل ساعات قليلة عن انطلاق استفتاء مصيري في السودان، قد يتمخض عنه انسلاخ الجنوب عن الشمال وتغيير خريطة القارة الأفريقية، بولادة الدولة 54 إقليمياً والـ194 على مستوى العالم، أو تعيد إطلاق شرارة حرب أهلية أخمدتها اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الجانبين.
ويتوجه الجنوبيون الأحد، للإدلاء بأصواتهم في حق تقرير المصير، لاختيار إما الوحدة والبقاء تحت إطار سودان موحد، أو الانفصال، الذي وصفه القيادي الجنوبي الراحل، جون غرنق، بـ"الفرصة الذهبية"، قائلاً في كلمة في 15 مايو/ آيار 2005: "عندما يحين وقت الاستفتاء، فإنها فرصتكم الذهبية لتحقيق المصير.. هل تريدون التصويت لتصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية في وطنكم؟.. الاختيار يقع على عاتقكم."
ويُعد استفتاء التاسع من يناير/ كانون الثاني، أحد استحقاقات اتفاقية السلام الشاملة، التي وقعت في "نيفاشا" عام 2005، أنهيت بموجبها أطول حروب القارة الأفريقية دامت قرابة نصف قرن بين الشمال المسلم، والجنوب الذي يدين غالبية سكانه بالمسيحية وديانات أخرى.
ومن المتوقع أن يشارك أربعة آلاف مراقب دولي ومحلي في مراقبة الاستفتاء في 2638 مركز اقتراع، حيث سيحدد إدلاء 60 في المائة من الناخبين المسجلين، يبلغ عددهم قرابة نصف مليون ناخب، بأصواتهم إذا ما كانت نتائج الاستفتاء ملزمة، في حين ستحدد أغلبية بسيطة من 51 في المائة النتائج.
وفي رد على سؤال بشأن ما قد يسجله التاريخ لحكومة الإنقاذ من "تفتيت" السودان إبان فترة حكمه، قالت سعاد عبد الرازق، وزيرة الدولة للتربية والتعليم، إن الحكومة الراهنة مسؤولة عن نتيجة الاستفتاء وحدة أو انفصال، ورغم أن أجندة تقرير المصير كانت دوماً حاضرة، منذ الحكومات السابقة المتعاقبة، إلا أن حكومة الوحدة الوطنية نجحت في الخروج بالسودان من دوامة الحرب باتفاقية السلام، وهي الجهة الوحيدة التي التزمت بتنفيذ كافة بنودها بنسبة أكثر من 90% وحتى النهاية، بعد الفشل في الوحدة التي أضحت منفذاً للتدخلات.
وأضافت سعاد عبد الرازق، في حديث عبر الهاتف لـCNN بالعربية: "السودان كله شمالاً وجنوباً سيتأثر اقتصادياً واجتماعياً، و لكن يبقى التحدي الأكبر في مواجهة حكومة الجنوب للنهوض بالدولة الوليدة وتأسيس مجتمع آمن، ويبقى التحدي الإقليمي عدم تكرار ذلك في بقية القارة الأفريقية."
وأكدت حكومة الخرطوم الانتهاء من وضع كافة الترتيبات الخاصة بالانفصال "المحتمل" لجنوب السودان، في ضوء النتائج التي سيسفر عنها استفتاء "تقرير المصير"، الذي سيجري في مختلف الولايات الجنوبية هذا الأسبوع.
وقال إبراهيم أحمد عمر، مستشار الرئيس السوداني عمر البشير، والقيادي بحزب "المؤتمر الوطني"، إنه إذا ما قرر الجنوبيون الانفصال، فلن تكون هناك "هزات تخرج الناس عن رشدهم، أو اضطرابات تضطر الناس لإجراءات عنيفة"، في ضوء الترتيبات التي وضعتها اللجان المختلفة للحزب."
وكان البشير قد أكد مؤخراً قبوله بنتائج الاستفتاء، أياً كانت، "إذا ما جرى الاقتراع في أجواء نزيهة وشفافة"، مضيفاً: "أن الشمال "لن ينصب سرادق عزاء" إذ قرر الجنوب الانفصال.
وأكد البشير، في ختام زيارته لمدينة جوبا الأسبوع الماضي، حرص الجانبين علي أن تتم عملية الاستفتاء بصورة سلمية وشفافة، وأن الطرفين اتفقا علي المحافظة علي الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتأمين المواطنين الجنوبيين في الشمال، وتأمين الشماليين في الجنوب.
وفي سياق متصل، لفت رئيس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، ديفيد غريسلي، لاكتمال الاستعدادات لاستفتاء جنوب السودان قبيل التصويت التاريخي الأحد، مشيراً إلى مراكز الاقتراع البالغ عددها 2638 مركز، ستفتح الأبواب في الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، وفق ما نقلت حكومة جنوب السودان على موقعها الإلكتروني.
وعلى الصعيد الأمني، أكد الفريق محمد عطا المولى عباس، المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، استقرار الأوضاع الأمنية بالبلاد، وقال إن عملية الاستفتاء ستمضي دون صعوبات واضطرابات بأية درجة.
ودعا عطا قيادات المجتمع ورموز العمل الديني والدعوي إلى "تبصير المواطنين بقيم التسامح وإشاعة روح الحوار بين الطوائف والجماعات كافة، لما فيه خير البلاد ومصالح أهلها"، وفق ما نقلت وسائل إعلام سودانية.
واستبعد مصدر أمني لـCNN بالعربية، رفض تسميته، وقوع اضطرابات وأعمال عنف في الشمال، حيث شددت الإجراءات الأمنية واستنفرت قوات الشرطة منذ أكثر من أسبوع.
ومنذ اتفاقية "نيفاشا" تمتع جنوب السودان، بحكم ذاتي، له حكومته وجيشه، وتعتبر "جوبا" عاصمته الإقليمية، ومن أكبر الأقاليم الأخرى التابعة له "واو" و"ملكال" و"رومبيك" وأويل"، فيما تعتبر منطقة "أبيي" الغنية بالنفط، نقطة خلاف بين الجانبين، ومن المقرر أن يقام استفتاء خاص يقرر فيه أهالي المنطقة تبعيتها لأي من الشمال أو الجنوب.
ونقلت وسائل إعلام غربية أن اسم "السودان الجديد" بات هو الأقرب لاسم الدولة الجديدة في جنوب السودان، علماً بأن أسماء أخرى مطروحة منها "السودان الجنوبي"، و"جنوب السودان"، و"كوش."
http://arabic.cnn.com/2011/middle_east/1/9/referendum.south/