ربما أصابني شي من الدهشة وانأ أشاهد تلك البرامج والتقارير التي تعرض على شاشة التلفاز ، التي تدور حول تشكيل الحكومة العراقية بالإضافة إلى تصريحات بعض أعضاء البرلمان المتضمن انتقادهم لما يصدر من قرارات مخالفة للدستور العراقي ، والإسراف بتشكيل عدد من الوزارات سجلت الرقم القياسي الأكثر عددآ بتاريخ الوزارات العراقية .أن ما يدعوا للدهشة تلك التصريحات النارية لأعضاء البرلمان - مشرعي القوانين- حو ل الانتهاك الحاصل في الدستور والخروقات الحاصلة في بعض المواد ومطالبتهم بإيقاف تلك الخروقات ! الغريب في الأمر - لمن يوجهون تلك المطالبات ؟ - إذ كانوا هم أصحاب القرار والفصل في المنازعات وحماة الدستور من كل اعتداء (فهل يصح أن يداوي الناس وهو عليل ) ربما يمكن لمواطن عادي أن يخرق الدستور لعدم اطلاعه على الدستور كاملآ ، ولكن هل يمكن لسياسي كفرد أو كتلة نيابية انتخبت وصادقت على انتخابها المحكمة الاتحادية العليا أن يخرقوا الدستور وهم المساهمين في وضع الدستور أو تعديله ؟ ، فمنهم من اعتبر عدم مشاركة المرأة في الحقائب الوزارية هو خرقآ دستوري ، ومنهم من اعتبر الذين تولوا مناصب سيادية رفيعة ، المتعلقة في البرلمان والحكومة والسفارات العراقية في الخارج وهم يحملون جنسيات أجنبية انتهاكآ للدستور بحكم المادة 18 من الدستور العراقي ( فان الذين يتولون مناصب سيادية رفيعة ملزمين بالتخلي عن جنسياتهم الأجنبية ) ، ناهيك عن تصريحات سابقة في قضية تحديد الكتلة الأكبر نيابيآ واختلاف تفسيرها بين الانتخابات الأولى والثانية حيث خرج الساسة ببدعة اندماج أكثر من كتلة لتكوين كتلة اكبر بعد نتائج الانتخابات والتي أدخلت العراق في سجال سياسي أرهق أبناء هذا البلد مدة طويلة من الزمن ، بالإضافة إلى تصريحات بعض أعضاء البرلمان السابقين حول انتهاك الدستور من تفسير البنود حسب الرغبات الحزبية ومنها ما حصل في بقاء عمر المادة 140 من الدستور المختصة بمسالة المناطق المتنازع عليها بين القوميات المختلفة بالبلاد والتي انتهى عمرها الدستوري بسبب وجود شرط دستوري يحدد فترة ستة أشهر للانتهاء منها من فترة المباشرة بعملها والتي مضى عليها سنين ولحد ألان ، بل أن بعض السياسيين وقعوا على بقاء هذه القضية قائمة من اجل الحفاظ على مناصبهم ، والقائمة تطول من الانتهاكات الأخرى ..أن ما يشرع من قوانين هي طبقآ لمقاس هذا السياسي أو ذاك وتفسيرها يتناسب مع طموحاته بتصور مزعوم انه باق في موقعه طول الزمن ، ليصبح خرق القوانين والدستور الذي صوت علية الشعب العراقي سمة مميزة بسياسي هذا العهد ممن اعتبروا أنفسهم ثائرين ضد العهد السابق ومجاهدين في سبيل تغير صفحة عهد تميز بتجرده عن القانون ، ولكن يبدو أن ثقافة ذاك العهد ألقت بظلالها على عقلية وسلوك النخب السياسية والتي لا تمارس الديمقراطية حتى داخل أحزابها وهذا ما يدفعها بالنظر إلى القوانين والتشريعات نظرة سطحية تعتبرها حبرآ على ورق دون النظر إليها كالتزام وطني وشعور بالمسؤولية تجاه شعب عانى وتحمل الكثير من اجل إنجاح المشروع الديمقراطي الذي قدم من أجلة الغالي والنفيس وهو المتفضل الوحيد في ذالك وليس له علاقة بأشخاص في مناصب الدولة مصيرهم الرحيل اليوم أو غد .. في وسط هذه العتمة تنبثق صورة واضحة المعالم هي الأكثر تفسيرآ للواقع الذي نعيشه بان ما يحدث من التفاف وإصدار قرارات مخالفة للدستور تهدف لإرضاء طموح بعض الساسة في الجاه والمال وإشباع الرغبات المبنية على مصلحة المواطن العراقي يهدر المال العام الذي أصبح ملازمآ لشهوات كثرة من السياسيين العراقيين دون الإدراك لهذا المشهد الخطير وما تترتب علية من عواقب خطيرة تتمثل بزعزعة ثقة المواطن العراقي بالساسة والمسؤولين ، وسعي النخب السياسية إلى إصدار التشريعات لترضية وإشباع طموح البعض لمناصب معمرة في الدولة وليس بناء كيان ديمقراطي مستقر للدولة ، لنصل في نهاية المطاف إلى حالة من الاشمئزاز لما نراه من نتائج مخيبه لطموح المواطن العراقي التي اصطدمت أحلامه بهذا الواقع الفولاذي بعد أن اختلطت علية الأوراق لكثرة التصريحات المفعمة بالانتقاد والتهجم بين الأعضاء والكتل أو الناطقين باسمها والتي تواجه بالرفض فيما بنهم كونها لا تروق لهذا أو ذاك من مسؤولي القائمة وتفسر بأنها تعبر عن رأي قائلها وليس عن رأي القائمة ، وهذا لا ينسجم تماما مع الثقافة الديمقراطية في بناء الدولة العصرية رغم أن الجميع يجيد العزف على وتر الديمقراطية .. أن من واجب أعضاء البرلمان حفظ الأمانة التي حملها إياه الشعب العراقي ، ووضع القسم الدستوري نصب أعينهم والحد من تلك الظواهر المدمرة اقتصاديآ وسياسيآ واجتماعيآ ، والمثابرة على وقف انتهاكات الدستور ، والحفاظ على المال العام ، وعلى النخب السياسية الشعور بالمسؤولية ووضع العراق على طريق الديمقراطية الحقيقية وقطع الطريق بوجه الفساد الذي يولد الحقد والكراهية بين صفوف الناس ويفقد ثقة المواطن بالمسؤول , ويكون واجبكم الأسمى أن تكونوا عنوانآ للمواطن بالالتزام بالدستور والقوانين والعمل حمايتها حتى وان كانت بعض المواد من الدستور لا تروق لكم ، فالعراق وأبناءه فوق كل اعتبار ..
انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل