عاشوراء... نجاة نبي وأستشهاد سبط مقال رائع
للكاتب السعودي الدكتور معن الجربا الشمري
أراد الله تعالى أن يقول في عبرة عاشوراء إن النجاة لن تكون إلاعندما يقف الجميع ضد الظلم
عاشوراء, في مثل هذا اليوم حدثت قصتان عظيمتان في تاريخ الايمان والبشرية, هاتان القصتان تختلفان في التوقيت و تتفقان في الموضوع أما التوقيت فتفصل بينهما عشرات القرون والسنين والاعوام واما الموضوع فهو الثورة على الظلم و الظالمين و الفساد و المفسدين .
بطل قصتنا الاولى هو نبي الله موسى (عليه الصلاة والسلام) عندما وقف في وجه فرعون مصر الذي أظهر في الارض الفساد فنجا الله موسى وأغرق فرعون لتكون هذه القصة عبرة لكل ظالم وأملاً لكل مظلوم. أما بطل قصتنا الثانية فهو الحسين بن علي (عليه السلام) سبط النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) الذي قدم نفسه و روحه و دمه قربانا لله سبحانه وتعالى في محاولة منه لكي يعدل كفة ميزان العدل الذي مال بانتهاء عصر الخلافة الراشدة و بداية عصر الملك العضوض, هذا العصر الذي سالت فيه دماء الاسباط ودماء الصالحين ودماء الصحابة والتابعين وانتهكت فيه الحرمات وضيعت فيه الامانات فأصبحت الفتوحات مجرد توسع من أجل الملك والسطوة لا من أجل المنهج والدعوة واصبح بيت المال للخاصة لا للعامة وأصبح الظلم هو السائد والفساد هو الغالب بين حكام هذه الأمة الا من ومضة نور هنا او هناك والتي لا تكاد تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة كعمر بن عبدالعزيز ومحمد الفاتح مصداقا لقوله (صلى الله عليه وسلم) "الخير في امتي الى يوم القيامة".
لقد اختار الله سبحانه وتعالى للحسين بطل قصتنا الثانية لقاء الرفيق الاعلى وذلك لكي يكون الموت نصراً له وشهادة ولأمته ناقوساً يذكرها بعودة الخلافة الراشدة وزوال الظلم. و كأن الله سبحانه و تعالى أراد أن تكون القصتان في يوم واحد في يوم عاشوراء حتى يكون ذلك لنا عبرة وعظة فالقصة الاولى كانت قصة نجاة لموسى وقومه لأن الجميع خرج ووقف في وجه الظلم والاستكبار اما القصة الثانية فكانت استشهاداً و نصراً للحسين وحده فقط من دون قومه لأنه خرج وحده وثار وحده وانتفض وحده اما قومه فقد خذلوه بلا استثناء من شامها الى عراقها ومن مصرها الى يمنها من شرق الامة الى غربها ومن شمالها الى جنوبها, الكل خذلوه ووقفوا عليه متفرجين فألبسهم الله لباس الظلم والظلمات الى يومنا هذا. وكأن الله تعالى اراد ان يقول لنا إن النجاة لن تكون الا عندما يقف الجميع في وجه الظلم والاستبداد وان الخلافة الراشدة لن تعود الا عندما نكون كلنا كالحسين وكلنا كسبط النبي, فقصة موسى كانت نجاة لان الجميع وقف في وجه الظلم وقصة الحسين كانت غرقاً في الظلم والظلمات لانه وقف وحده وتخاذل قومه. ولكني ورغم كل هذا الظلام الذي نعيش فيه الا أني ارى رايات محمد بن عبدالله ورايات دينه النقي من الشوائب ورايات جيل النهضة تلوح في الأفق من بعيد وقد اقترب ظهورها رغم هذه الظروف التي تعيشها الاهة فعاشوراء حقا سفينة نجاة لأنها ثورة على الظلم والظالمين وموعدكم الصبح اليس الصبح بقريب .
صحيفة السياسة الكويتية
http://www.al-seyassah.com/AtricleVi...6/Default.aspx