ارنستو تشى جيفارا
كثيرا ما رأيت هذه الصورة ربما على السيارات او على الملابس الشبابيه او حتى الاقلام و الاكواب لكن هناك اشخاص لا يعرفون من هو
"يجب أن نتذكر دائماَ أن الإمبريالية نظام عالمي، هو المرحلة الأخيرة من الإستعمار، ويجب أن تهزم بمواجهة عالمية."
هذا ما قاله أرنستو جيفارا
طبيب ثوري أرجنتيني الأصل. ولد في 14/6/1928 في روزاريو(الأرجنتين). أصيب بالربو منذ طفولته ولازمه المرض طوال حياته.ومراعاة لصحة ابنها المصاب بالربو استقرت أسرته في ألتا غراسيا في السيرا دو كوردوبا. وفيها أسس والده لجنة مساندة للجمهورية الإسبانية عام1937, وفي 1944 استقرت الأسرة في بيونس ايريس.
ومن 1945 إلى 1953 أتم إرنيستو بنجاح دراساته الطبية. و بسرعة جعلته صلته بأكثر الناس فقرا وحرمانا وبالمرضى مثل المصابين بالجذام، وكذا سفره المديد الأول عبر أمريكا اللاتينية، واعيا بالتفاوت الاجتماعي وبالظلم.
إمتهن الطب، إلا أنه ظل مولعاَ بالأدب والسياسة والفلسفة، سافر أرنستو تشي جيفارا إلى غواتيمالا عام 1954 على أمل الإنضمام إلى صفوف الثوار لكن حكومة كاستيلو أرماس العميلة للولايات المتحدة الأميركية قضت على الثورة.
انتقل بعد ذلك الى المكسيك حيث التقى بفيدل كاسترو وأشعلوا الثورة ضد نظام حكم "باتيستا" الرجعي حتى سقوطه سنة 1959.
تولى منصب رئيس المصرف الوطني سنة 1959.
ووزارة الصناعة (1961 -1965).
اشترك مع حركات ثورية عالمية عديدة.
ألّف : حرب العصابات (1961). الإنسان والإشتراكية في كوبا (1967).
ذكريات الحرب الثورية الكوبية (1968).
الأسفار تكون الشباب … والوعي!
حصل تشي بالكاد على شهادته لما غادر من جديد الأرجنتين نحو رحلة جديدة عبر أمريكا اللاتينية. وقد كان عام 1951، خلال رحلته الأولى، قد لاحظ بؤس الفلاحين الهنود. كما تبين استغلال العمال في مناجم النحاس بشيلي والتي تملكها شركات أمريكية. وفي عام 1953 في بوليفيا والبيرو، مرورا بباناما وبلدان أخرى، ناقش مع منفيين سياسيين يساريين من كل مكان تقريبا، ولاسيما مع كاسترويين كوبيين. تسيس، وفي تلك اللحظة قرر فعلا الالتحاق بصفوف الثوريين. واعتبر نفسه آنذاك شيوعيا.
وفي العام 1954 توقف في غواتيمالا التي كانت تشهد غليانا ديمقراطيا في ظل حكومة جاكوب أربنز. وشارك تشي في مقاومة الانقلاب العسكري الذي دبرته المخابرات الأمريكية والذي انهى الإصلاحات الزراعية التي قام بها أربنز، وستطبع هذه التجربة فكره السياسي.
التحق آنذاك بالمكسيك. وهناك تعرف في تموز/ يوليو 1955 على فيديل كاسترو الذي لجأ إلى ميكسيكو بعد الهجوم الفاشل على ثكنة مونكادا في سانتياغو دو كوبا. وجنده كاسترو طبيبا في البعثة التي ستحرر كوبا من ديكتاتورية باتيستا. وهناك سمي بتشي وهو تعبيير تعجب يستعمله الارجنتينيون عمليا في نهاية كل جملة.
و قابل جيفارا المناضلة اليسارية 'هيلدا أكوستا' من 'بيرو' في منفاها في جواتيمالا، فتزوجها وأنجب منها طفلته الأولى، وهيلدا هي التي جعلته يقرأ للمرة الأولى بعض الكلاسيكيات الماركسية، إضافة إلى لينين و تروتسكي و ماو تسي تونغ ماو.
وفي حزيران/ يوينو 1956 سجن تشي في مكسيك مع فيدل كاسترو ومجموعة متمردين كوبيين. واطلق سراحهم بعد شهرين.
1959 اكتسب جيفارا لقب 'تشي' الارجنتيني، وتزوج من زوجته الثانية 'إليدا مارش'، وأنجب منها أربعة أبناء بعد أن طلّق زوجته الأولى.
1956-1965 الثورة الكوبية
بدءا من 1965 ارتمى تشي مع رفاقه في التحرير الوطني
يوم 9 أكتوبر 1967 مات تشي غيفارا إذ اغتاله الجيش البوليفي ومستشارو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA
برز تشي جيفارا كقائد ومقاتل شرس جدا لا يهاب الموت و سريع البديهة يحسن التصرف في الأزمات. لم يعد جيفارا مجرد طبيب بل أصبح قائدا برتبة عقيد، وشريك فيدل كاسترو في قيادة الثورة، وقد أشرف كاسترو على استراتيجية المعارك بينما قاد وخطط جيفارا للمعارك.
عرف كاسترو بخطاباته التي صنعت له وللثورة شعبيتها، لكن جيفارا كان خلف أدلجة الخطاب وإعادة رسم ايديولوجيا الثورة على الأساس الماركسي اللينيني.
جيفارا وزيراً
صدر قانون يعطي الجنسية والمواطنية الكاملة لكل من حارب مع الثوار برتبة عقيد، ولم توجد هذه المواصفات سوى في جيفارا الذي عيّن مديرا للمصرف المركزي وأشرف على محاكمات خصوم الثورة وبناء الدولة في فترة لم تعلن فيها الثورة عن وجهها الشيوعي، وما أن أمسكت الثورة بزمام الأمور -وبخاصة الجيش- حتى قامت الحكومة الشيوعية التي كان فيها جيفارا وزيراً للصناعة وممثلاً لكوبا في الخارج ومتحدثاً باسمها في الأمم المتحدة. كما قام بزيارة الإتحاد السوفيتي والصين، واختلف مع السوفييت على إثر سحب صورايخهم من كوبا بعد أن وقعت الولايات المتحدة معاهدة عدم اعتداء مع كوبا.
تولى جيفارا بعد استقرار الحكومة الثورية الجديدة –وعلى رأسها فيدل كاسترو- على التوالي، وأحيانا في نفس الوقت المناصب التالية:
سفير منتدب إلى الهيئات الدولية الكبرى.
منظم الميليشيا.
رئيس البنك المركزي.
مسئول التخطيط.
وزير الصناعة.
ومن خلال هذه المناصب قام الـ'تشي' بالتصدي بكل قوة لتدخلات الولايات المتحدة؛ فقرر تأميم جميع مصالح الدولة بالاتفاق مع كاسترو؛ فشددت الولايات المتحدة الحصار على كوبا، وهو ما جعل الحكومة الكوبية تتجه تدريجيا نحو الاتحاد السوفيتي. كما أعلنت عن مساندتها لحركات التحرير في كل من: تشيلي، وفيتنام، والجزائر.
اختفاؤه
لم يرتح جيفارا للحياة السياسية فاختفى، ونشرت مقالات كثيرة عن مقتله لكي يرد لعل رده يحدد مكانه لكنه لم يرد.
نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية شائعات تدعي فيها اختفاء إرنستو تشي جيفارا في ظروف غامضة، ومقتله على يد زميله في النضال القائد الكوبي فيدل كاسترو، ممااضطر الزعيم الكوبي للكشف عن الغموض الذي اكتنف اختفائه من الجزيرة للشعب الكوبي فأدلى بخطابه الشهير الذي ورد في بعض أجزائه ما يلي:
لدي هنا رسالة كتبت بخط اليد، من الرفيق إرنستو جيفارا يقول فيها: أشعر أني أتممت ما لدي من واجبات تربطني بالثورة الكوبية على أرضها، لهذا أستودعك، وأستودع الرفاق، وأستودع شعبك الذي أصبح شعبي. أتقدم رسميا باستقالتي من قيادة الحزب، ومن منصبي كوزير، ومن رتبة القائد، ومن جنسيتي الكوبية، لم يعد يربطني شيء قانوني بكوبا.
في أكتوبر 1965 أرسل جيفارا رسالة إلى كاسترو تخلى فيها نهائيا عن مسؤولياته في قيادة الحزب، وعن منصبه كوزير، وعن رتبته كقائد، وعن وضعه ككوبي، إلا أنه أعلن عن أن هناك روابط طبيعة أخرى لا يمكن القضاء عليها بالأوراق الرسمية، كما عبر عن حبه العميق لكاسترو ولكوبا، وحنينه لأيام النضال المشترك.
أكدت هذه الرسالة إصراره على عدم العودة إلى كوبا بصفة رسمية، بل كثائر يبحث عن ملاذ آمن بين الحين والآخر. ثم أوقف مساعيه الثورية في الكونغو وأخذ الثائر فيه يبحث عن قضية عالمية أخرى.
الكونغو
سعى جيفارا لإقامة مجموعات حرب عصابات في الكونغو. ومع أن فكرته لم تلق صدى واسعا لدى بعض القادة، أصر جيفارا على موقفه، وتموه بملابس رجل أعمال ثري، لينطلق في رحلة طويلة سافر فيها من بلد إلى آخر ليواجه المصاعب تلو الأخرى.
ذهب 'تشي' لأفريقيا مسانداً للثورات التحررية، قائدا لـ 125 كوبيا، ولكن فشلت التجربة الأفريقية لأسباب عديدة، منها عدم تعاون رؤوس الثورة الأفارقة، واختلاف المناخ واللغة، وانتهى الأمر بالـ'تشي' في أحد المستشفيات في براغ للنقاهة، وزاره كاسترو بنفسه ليرجوه العودة، لكنه بقي في زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية) محارباً بجانب قائد ثورة الكونغو باتريس لومومبا، لكنه فجأة ظهر في بوليفيا قائدا لثورة جديدة، ولم يوثق هذه المرحلة سوى رسائله لفيديل كاسترو الذي لم ينقطع الإتصال معه حتى أيامه الأخيرة.
بوليفيا
لم يكن مشروع 'تشي' خلق حركة مسلحة بوليفية، بل التحضير لرص صفوف الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية لمجابهة النزعة الأمريكية المستغلة لثروات دول القارة. منذ بداية عام 1967 وجد جيفارا نفسه مع مقاتليه العشرين، وحيداً يواجه وحدات الجيش المدججة بالسلاح بقيادة السي أي إيه في براري بوليفيا الاستوائية. أراد جيفارا أن يمضي بعض الوقت في حشد القوى والعمل على تجنيد الفلاحين والهنود الحمر من حوله، ولكنه أجبر على خوض المعارك مبكراً.
وقد قام 'تشي' بقيادة مجموعة من المحاربين لتحقيق هذه الأهداف، وقام أثناء تلك الفترة الواقعة بين 7 نوفمبر 1966 و7 أكتوبر 1967 بكتابه يوميات المعركة.
اغتياله
ألقي القبض على اثنين من مراسلي الثوار، فاعترفوا تحت قسوة التعذيب أن جيفارا هو قائد الثوار. فبدأت حينها مطاردة لشخص واحد. بقيت السي أي على رأس جهود الجيش البوليفي طوال الحملة، فانتشر آلاف الجنود لتمشيط المناطق الوعرة بحثا عن أربعين رجلا ضعيفا وجائعا. قسم جيفارا قواته لتسريع تقدمها، ثم أمضوا بعد ذلك أربعة أشهر متفرقين عن بعضهم في الأدغال. إلى جانب ظروف الضعف والعزلة هذه، تعرض جيفارا إلى أزمات ربو حادة، مما ساهم في تسهيل البحث عنه ومطاردته.
في يوم 8 أكتوبر 1967 وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرد مجموعة جيفارا المكونة من 16 فرداً، وقد ظل جيفارا ورفاقه يقاتلون 6 ساعات كاملة وهو شيء نادر الحدوث في حرب العصابات في منطقة صخرية وعرة، تجعل حتى الاتصال بينهم شبه مستحيل. وقد استمر 'تشي' في القتال حتى بعد موت جميع أفراد المجموعة رغم إصابته بجروح في ساقه إلى أن دُمّرت بندقيته (م-2) وضاع مخزن مسدسه وهو مايفسر وقوعه في الأسر حياً. نُقل 'تشي' إلى قرية 'لاهيجيرا'، وبقي حياً لمدة 24 ساعة، ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه. وفي مدرسة القرية نفذ ضابط الصف 'ماريو تيران' تعليمات ضابطيه: 'ميجيل أيوروا' و'أندريس سيلنيش' بإطلاق النار على 'تشي'.
دخل ماريو عليه متردداً فقال له 'تشي': أطلق النار، لا تخف؛ إنك ببساطة ستقتل مجرد رجل'، لكنه تراجع، ثم عاد مرة أخرى بعد أن كرر الضابطان الأوامر له فأخذ يطلق الرصاص من أعلى إلى أسفل تحت الخصر حيث كانت الأوامر واضحة بعدم توجيه النيران إلى القلب أو الرأس حتى تطول فترة احتضاره، إلى أن قام رقيب ثمل بإطلاق رصاصه من مسدسه في الجانب الأيسر فأنهى حياته.
وقد رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو حتى تعريف أحد بمكانه أو بمقبرته حتى لا تكون مزاراً للثوار من كل أنحاء العالم.
وقد شبّت أزمة بعد عملية اغتياله وسميت بأزمة 'كلمات جيفارا' أي مذكراته. وقد تم نشر هذه المذكرات بعد اغتياله بخمسة أعوام وصار جيفارا رمزاً من رموز الثوار على الظلم. نشر فليكس رودريجيس، العميل السابق لجهاز المخابرات الأميركية (CIA) عن إعدام تشي جيفارا. وتمثل هذه الصور آخر لحظات حياة هذا الثوري الأرجنتيني قبل إعدامه بالرصاص بـ'لا هيجيرا' في غابة 'فالي غراندي' ببوليفيا، في 9 أكتوبر(تشرين الأول) من عام 1967. وتظهر الصور كيفية أسر تشي جيفارا، واستلقائه على الأرض، وعيناه شبه المغلقتان ووجهه المتورم والأرض الملطخة بدمه بعد إعدامه. كما تنهي الصور كل الإشاعات حول مقتل تشي جيفارا أثناء معارك طاحنة مع الجيش البوليفي. وقبيل عدة شهور، كشف السيد فليكس رودريجيس النقاب عن أن أيدي تشي جيفارا بُترت من أجل التعرٌف على بصمات أيديه. في العام 1997م كشف النقاب عن جثمانه وأعيد إلى كوبا، حيث قام الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو بدفنة بصفة رسمية.
الرمز والاسطورة
نصب تذكاري لدخول تشي إلى سانتا كلارا بكوبا'لا يهمنى متى وأين سأموت، لكن يهمنى ان يبقى الثوار منتصبين، يملأون الارض ضجيجاً، كى لا ينام العالم بكل ثقله فوق أجساد البائسين والفقراء والمظلومين'
سيظل صدى هذه الكلمات يتردد، ويلهم المئات في مكان وزمان، ما دام الظلم والعنف يسود هذا العالم.
عام 1968، غضب شبان العالم وخرجوا إلى الشوارع معلنين أنهم يستطيعون إنهاء الحروب وتغيير ملامح العالم، وقد تحول هذا الرجل الثائر بعد موته إلى شهيد لقضاياهم. أصبح يمثل أحلام ورغبات الملايين ممن يحملون صوره. علماً أنه كان يمثل أيضا مجموعة من التناقضات، وكأن الموت حول ملامحه، ما يوحي بأنه لو منحه أعداؤه الحق في الحياة، لربما عجزت أسطورته عن احتلال هذا المدى العالمي الذي تنعم به اليوم.
نضالاته
كره تشي اتكال الثورة الكوبية على الاتحاد السوفيتي، واستمر في ابتكار وسائل أخرى للحصول على التمويل وتوزيعه. ولأنه الوحيد الذي درس فعلا أعمال كارل ماركس بين قادة حرب العصابات المنتصرين في كوبا، فانه كان يحتقر التحريفيين ومافيا الحزب الذين صعدوا على أكتاف الآخرين في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، وفي كوبا أيضا.
كشف (آي إف ستون) كيف انهمك تشي جيفارا في نقاش علني، أثناء مؤتمر في مدينة بونتي ديل استي بأوروجواي مبكراً في 1961 (وهو المولود في الأرجنتين حيث درس الطب هناك) مع بعض شباب اليسار الجديد من نيويورك. أثناء تلك المناقشة، مر بهم اثنان من جهاز الحزب الشيوعي الأرجنتيني. لم يستطع جيفارا أن يمنع نفسه من الصياح بصوت عال، 'هيي، لماذا أنتم هنا، أمن اجل أن تبدءوا الثورة المضادة؟'
مثّل تشي الكثيرين في الحركة الناشئة ارادتهم على الحركات الثورية للسكان الأصليين.
وبالفعل فإن الثورة في كوبا، على عكس المفاهيم المعاصرة للكثيرين في الولايات المتحدة اليوم، كانت مستقلة، وفي بعض الأحيان معارضة للحزب الشيوعي الكوبي. ولقد أخذ بناء مثل هذه العلاقة -التي لم يكن من السهل صنعها- عدة سنوات فقط بعد الثورة ونجحت في أخذ سلطة الدولة وتأسيسها، دافعة إلى الاندماج بين القوى الثورية والحزب -الاندماج الذي لم يضع نهاية لمشاكل جيفارا والثورة الكوبية نفسها.
إحدى تلك المشاكل هي اعتماد كوبا المتزايد على الاتحاد السوفيتي (في بعض الأوجه يماثل الاعتماد المتزايد لبعض المنظمات الراديكالية على منح المؤسسات في صورة أموال ولوازم لولبية أخرى). قررت الحكومة أثناء احتياجها اليائس للنقد من اجل شراء لوازم شعبها الضرورية -وبعد نقاش مرير- قررت أن تضيع فرصة تنويع الزراعة في كوبا من أجل التوسع في محصولها النقدي الرئيسي، قصب السكر، الذي يتم تبادله أمام البترول السوفيتي، لتستهلك جزء من هذا البترول وتعيد بيع الباقي في السوق العالمي. وبالتدريج فقدت كوبا، بالرغم من تحذيرات تشي (والآخرين)، القدرة على إطعام شعبها نفسه -وهي المشكلة التي بلغت أبعادا مدمرة بانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وهي نفس الأزمات التي أحدقت بالاتحاد السوفيتي والدول التي كان معترفا بها كدول اشتراكية عندما سعوا وراء النموذج الصناعي للتنمية وحاولوا أن يدفعوا ثمنه بالإنتاج والتنافس في السوق العالمي. كان رد فعل تشي: لا تنتج من أجل السوق العالمي. ارفض تحليلات التكلفة/المنفعة (cost/benefit) كمعيار لما ينبغي إنتاجه. آمن تشي بأن المجتمع الجديد حقيقة، وعليه أن يجعل طموحه هو ما يحلم به شعبه من أجل المستقبل، وأن يعمل على تنفيذه فورا في كل أوان ومكان. وحتى تبلغ ذلك، على الثورات الشيوعية أن ترفض معيار 'الكفاءة' وعليها أن ترعى المحاولات المجتمعية المحلية حتى تخلق مجتمعا أكثر إنسانية بدلاً من ذلك.
أمية تشي وعلاقته بالماركسية
ارتبط تشي جيفار ارتباطا وثيقا بالماركسية اللينينية في شبابه حيث كان عضوا في الشبيبة الشيوعية الأرجنتينية .
أممية وثورية تشي وارتباطه المميز بالفقراء والمنبوذين في كل مكان، ورفضه الاعتراف بقداسة الحدود القومية في الحرب ضد إمبريالية الولايات المتحدة، ألهمت الحركات الراديكالية الجديدة في العالم كله. نادى تشي الراديكاليين لنحول أنفسنا إلى شيء جديد، أن نكون اشتراكيين قبل الثورة، هذا إذا ما كان مقدراً لنا أن يكون لدينا أمل في أن نحقق فعلا الحياة التي نستحق أن نعيشها. نداؤه 'بأن نبدأ العيش بطريقة لها معنى الآن' تردد صداه عبر الجيل بأكمله، فاتحا ذراعيه ليصل بدرجة كبيرة من ناحية إلى ثورية ماو ومن ناحية أخرى ممتدا نحو ماركس. من خلال الحركة، ومن خلال انتزاع مباشرة الثورة عن طريق الاشتباك مع الظلم بكل أشكاله، في كل لحظة، ومن خلال وضع مثاليات المرء فورا في الممارسة العملية، صاغ تشي من التيارات الفلسفية المعاصرة الرئيسية موجة مد من التمرد مما جعل اطروحاته قريبة من الطرح الماوي الجديد (الماركسية اللينينية الماوية )
حب تشي للناس أخذه أولا إلى الكونغو ثم إلى بوليفيا، حيث نظم فرقة من رجال حرب العصابات لتكون، كما كان يتعشم، عاملا مساعدا على الإلهام بالثورة، ولم ينس ان يمر بمصر والجزائر في طريقه ليلتقى الزعيم المصري جمال عبد الناصر والرئيس الجزائري أحمد بن بلة اللذان كانا رموزاً للثورة العربية آنذاك.
أعماله
كمعظم الشباب اليساريين في فترات الدراسة في النصف الاول من القرن الماضي، مارس جيفارا الكتابة شعرا ونثرا. ومن أعماله قصيدة ماريا العجوز التي تكشف عن جانب من شخصية جيفارا
ماريا العجوز
ماريا العجوز، ستموتي
احدثك بجدية
كانت حياتك مسبحة من الصعاب
لا تصلي لرب قاسي
انكر عليك حياة الامل
ولا تطلبي الموت رحمة
لتشاهدي غزلانك الهجين تكبر
لا تفعليها
لا تصلي لرب
انكر عليك حياة الامل
من كتبه
حرب العصابات (1961)
الإنسان والإشتراكية في كوبا (1967).
ذكريات الحرب الثورية الكوبية (1968).
الأسفار تكون الشباب … والوعي!
الإنسان الجديد
رثاء جيفارا
وهناك الكثير من الشعراء الشيوعيين وغير الشيوعيين رثوا تشي غيفارا ومن أشهرهم الشاعر الشاعر أحمد فؤاد نجم في قصيدة ''جيفارا مات والشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي عن موت طائر البحر لقد كان عظيما.
صور جيفارا في مصر
عبد الناصر جيفارا السادات مجتمعين
عبد الناصر يسلم وسام الثورة المصرية لتشي جيفارا
بعد وصول ارنستو تشي جيفار الى مصر..
استقبله عبد الناصر وشدّ على يده.. ودار حديث
عبد الناصر: ما بك يا تشي
تشي: انتصرت الثورة في كوبا، بدأنا في تحقيق ما كنت احلم به، ولكن، ليس طموحي ان انشأ المصانع في كوبا، ولا ان اتسلم وزارات ولا مسؤوليات فيها، انا احلم في الثورة الكبرى، احلم بالاممية ان تتحقق، احلم بانتصار الخير على الشر، احلم بغد الاممية يوحد البشر..
عبدالناصر: وماذا بعد؟
تشي: قصدتك لاستشيرك بعد خيبتي في الكونغو
عبد الناصر مقاطعا: انت رجل ابيض.. هناك مفهوم الظلم مختلف.. الظلم قائم على الابيض والاسود..
تشي: فكرت في ان اذهب الى بوليفيا.. هناك يمكن ان نطلق ثورتنا العالمية.. يمكن ان تكون الشرارة.. في الثورة اجد نفسي..
عبد الناصر: ما قلته رائع، ولكن، دعني اقرب لك الصورة.. الثورة جميلة، شبهها بعلاقة بين رجل وامرأة، التعارف في البداية، المغامرات ثم الخطوبة، كلها مراحل جميلة، لا يوجد فيها مسؤوليات، نعيش هيام الحب، نحب الثورة، نحب التمرد، الى ان نصل الى الزواج، الزواج مسؤولية وجدّ.. انت تريد فقط من الثورة ما هو قبل الزواج.
من المعروف ان
الرئيس عبد الناصر كان لا يولى الكوبيين وسياساتهم الكثير من الاهتمام .
ولم يكن هناك أى اتصال حقيقى بين الحركتين حتى يونيو 1959 عندما وصل تشى جيفارا إلى القاهرة في زيارة لمدة خمسة عشر يوما لدراسة تجربة الإصلاح الزراعى في مصر .
في هذا اللقاء، روى تشى لعبد الناصر إنه عندما كان كاسترو يجابه المصاعب والنكسات-وهو يقود حرب العصابات في قمم التلال الكوبية في سنة 1956 -- كان يستمد كثيرا من الشجاعة من الطريقة التى صمدت بها مصر للعدوان الثلاثي البريطاني- الفرنسى- الإسرائيلى . وقال إن عبد الناصر كان مصدر قوة روحية وأدبية لرجاله.
على أنه عندما بدأ الرجلان يتطرقان إلى موضوع الإصلاح الزراعى، بدا الاختلاف بينهما واضحا
بعض الصورالمتنوعه لـ جيفارا
منقول