لاعبون ومدربون وراء تزايد العنف وتحويل دوري تونس إلى "صراع دموي"
شغب في ملاعب تونس تونس - أمال الهلالي
أعادت أحداث الشغب والعنف التي شهدها ستاد رادس، في أعقاب بطولة الدوري التونسي للمحترفين بين النجم الساحلي والإفريقي السبت 23-10-2010، إلى الواجهة؛ "ظاهرة العنف داخل الملاعب التونسية " الذي شكل ولا يزال داء عضالاً ينخر مستقبل كرة القدم التونسية، ويشغل بال الأطراف الرياضية والإعلامية في البلاد.
وكانت إدارة الحي الأولمبي المكلفة بالإشراف على المدينة الرياضية برادس قررت إغلاق الملعب الأولمبي في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الذي احتضن هذا اللقاء قصد الصيانة، بعد الأضرار المادية الفادحة التي طالت بنيته التحتية من مدرجات وكراسي وحمامات، والتي قدرت خسائرها بنحو 20 ألف دولار.
التراس في الملاعب التونسية ويجمع مسؤولون رياضيون ولاعبون في تونس أن استئصال "داء العنف الرياضي" من جذوره يتطلب تضافر كل الأطراف وليس طرفاً بعينه.
ويصف اللاعب الدولي السابق عادل السليمي خلال حديثه لـ"العربية.نت" الواقع المأساوي والعنيف الذي تعرفه ملاعب كرة القدم التونسية بشكل يكاد يكون أسبوعي " بالدخيل" و"الوافد" على الرياضة التونسية، حيث "لم تشهد مباريات الأندية التونسية أحداثاً بذلك الكم من العنف والشغب في جيله وجيل من سبقه مثلما هي عليه الآن"، حسب تعبيره.
وحمل السليمي اللاعبين ومسيري الأندية جزءاً من مسؤولية تفشي العنف داخل الملاعب من خلال التصريحات الإعلامية النارية والتحريضية في بعض الأحيان نهاية كل مباراة، والتي من شأنها أن تشعل فتيل الحرب بين الجماهير عوض أن تطفأها.
وأضاف قائلاً: "لقد حادت كرة القدم عن إطارها الطبيعي كونها أداة للفرجة والمتعة وتقريب المجتمعات فيما بينها إلى رهان مصيري ومسألة حياة أو موت تحددها النتيجة وصافرة الحكم".
وفي السياق ذاته، حذر السليمي من الخطورة التي تمثلها "مجموعات الألتراس ultra" (مجموعات شبابية متعصبة لنواديها)، داعياً الجمعيات الرياضية ولجان الأحباء إلى ضمهم تحت لوائها وتأطيرهم بشكل رياضي.
وأضاف "أنا أؤمن بالتوعية في هذا المجال، ولكن أدعو أيضاً إلى فرض أقصى العقوبات" على مفتعلي الشغب سواء كانوا لاعبين أو جماهير أو مسيرين.
طائفية كروية
شغب بالملاعب التونسية وحذر الباحث في علم الاجتماع التربوي طارق بلجاج محمد من استسهال الحكومة لظاهرة العنف واعتبار أنها مازالت في بداياتها، مؤكداً أن الواقع الرياضي في البلاد تجاوز مرحلة التعصب للدفاع عن ألوان هذا الفريق أو ذاك إلى مرحلة "الطائفية الكروية"، الناتجة عن ترسبات قبلية بالأساس، حيث تحول الملعب إلى فضاء "للاحتجاج الاجتماعي" ورفع "شعارات جهوية".
وأضاف: "نحن إزاء حركة شبابية تأخذ من الملعب فضاءً لها للتعبير عن وضع قائم كالبطالة أو التهميش". واستدل في هذا الخصوص على مجموعات "الألتراس" التي ترفع شعارات عنصرية لا تمت للرياضة والروح الرياضية بأي صلة.
ويرى أن هذه المجموعات وغيرها استغلت شبكات التواصل الاجتماعي الشهير "الفيس بوك" لتحديد مواعيد في المباريات الرياضية من أجل الاحتجاج لا على نتيجة المباراة ولا على مردود التحكيم، بل للتعبير عن استيائها من وضع اجتماعي قائم بعد أن تراجع دور الأسرة والمجتمع المدني في تأطير واحتواء هؤلاء الشباب.
ويخلص إلى ضرورة وعي كل الأطراف الرياضية والاجتماعية والمدنية إلى قيمة الرياضة كونها ممارسة وليست مجرد بضاعة استهلاكية للفرجة والمتابعة فقط.
"رجعية" القوانين الرياضية
ويعتبر السيد الهادي بوقراص، كاتب عام مجلس التحكيم الرياضي "المحكمة الرياضية"، ومؤلف كتاب "قانون الرياضة"، الذي تطرق لظاهرة العنف الرياضي من زاوية قانونية؛ أن تضخم هذه الظاهرة واستفحالها في تونس ناتج عن عدم مواكبة القوانين الرياضية الجاري العمل بها لواقع كرة القدم التونسية والرياضة بشكل عام، ولما شهدت تطورات في كافة جوانبها.
وأقر بضرورة إعادة النظر في التشريعات ومراجعة النصوص القانونية التي تحمي الجماهير وتحمي اللعبة الرياضية الأكثر شعبية في تونس.
وشدد على ضرورة تكثيف الإجراءات الردعية للمسؤولين عن تنامي ظاهرة العنف داخل الملاعب على غرار ما هو معمول به في الدوريات الأوروبية، عن طريق اعتماد "لوائح حمراء" لأشخاص ثبت تورطهم في أعمال شغب أو التحريض عليها ومنعهم من دخول الملاعب على غرار مجموعات "الألتراس".
وتشير بعض التقارير إلى أن دخول ظاهرة "الألتراس" أو ما يعرف بمشجعي النوادي المتعصبين لفرقهم، حديث الدخول لتونس في 2002 تحديداً عن طريق الفرق الكبرى الترجي والإفريقي.
وقامت الحكومة التونسية بإصدار قرار بمنع أنشطتهم وتواجدهم بالملاعب التونسية أو ما يعرف بـ"الدخلة"، عقب أحداث عنف وشغب شهدتها مباريات كرة القدم في 2009.
كما منعت دخول الشعارات واللافتات التي تحتوي على عبارات عنصرية أو تحريضية للخصم أو احتوائها على صور لرموز الثورة في العالم، فضلاً عن منع دخول الشماريخ "الألعاب النارية".
ويرى بوقراص أن المشكلة التي تواجه هذه المجموعات وتجعلهم ينشطون بشكل "غير منظم" وهمجي يكمن في عدم اعتراف الأندية بهم نظراً لوجودهم غير القانوني رغم محاولاتهم المتواصلة للعودة للنشاط.
التوعية أولاً
من أحداث الشغب بالملاعب التونسية ويرى شيبوب، رئيس اللجنة الأولمبية التونسية، أن القضاء على مظاهر العنف داخل الملاعب التونسية مسؤولية جماعية لا يتحملها فقط جماهير النوادي بل كل القوى الحية في القطاع الرياضي بما فيها الإعلام التونسي.
وشدد على البعد التوعوي كخطوة أولى لترسيخ السلوك الرياضي السوي عن طريق المعلقات الإشهارية والومضات السمعية البصرية التي وقع تسجيلها عن طريق لاعبين قدامى كانوا ولا يزالون قدوة حسنة في تاريخ كرة القدم التونسية. وأكد على الدور الذي تلعبه "لجان الأحباء" في سبيل احتواء الجماهير وتأطيرها.
في المقابل، يرى شيبوب أن القضاء النهائي على هذه الظاهرة لن يتم في يوم أو في شهر بل على المدى الطويل.
واستبعد اعتماد الإجراءات الردعية على غرار ما هو معمول به في الخارج، مضيفاً "نحن لا نريد أن نلجأ إلى الإجراءات الردعية ونعول على الجانب التوعوي لتأطير الجيل الجديد والناشئة، لكن بحوزتنا قوانين ردعية قد نعتمدها مستقبلاً".
وحول تخوف الشارع الرياضي من اندلاع أعمال شغب خلال مباراة الترجي ومازمبي في إطار نهائي دوري أبطال إفريقيا بعد ردود الفعل السلبية وتداعيات مباراة الذهاب ومردود الحكم كوكو، لم يستبعد شيبوب هذا الأمر، ودعا جماهير الترجي إلى تقبل مظلمة الحكم وما ستؤل إليه النتيجة النهائية لهذه المباراة.
وختم بالقول "أي اعتداء على فريق مازمبي سيصعب مهمة فريق الترجي مستقبلاً في إفريقيا".
شغب في ملاعب تونس تونس - أمال الهلالي
أعادت أحداث الشغب والعنف التي شهدها ستاد رادس، في أعقاب بطولة الدوري التونسي للمحترفين بين النجم الساحلي والإفريقي السبت 23-10-2010، إلى الواجهة؛ "ظاهرة العنف داخل الملاعب التونسية " الذي شكل ولا يزال داء عضالاً ينخر مستقبل كرة القدم التونسية، ويشغل بال الأطراف الرياضية والإعلامية في البلاد.
وكانت إدارة الحي الأولمبي المكلفة بالإشراف على المدينة الرياضية برادس قررت إغلاق الملعب الأولمبي في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الذي احتضن هذا اللقاء قصد الصيانة، بعد الأضرار المادية الفادحة التي طالت بنيته التحتية من مدرجات وكراسي وحمامات، والتي قدرت خسائرها بنحو 20 ألف دولار.
التراس في الملاعب التونسية ويجمع مسؤولون رياضيون ولاعبون في تونس أن استئصال "داء العنف الرياضي" من جذوره يتطلب تضافر كل الأطراف وليس طرفاً بعينه.
ويصف اللاعب الدولي السابق عادل السليمي خلال حديثه لـ"العربية.نت" الواقع المأساوي والعنيف الذي تعرفه ملاعب كرة القدم التونسية بشكل يكاد يكون أسبوعي " بالدخيل" و"الوافد" على الرياضة التونسية، حيث "لم تشهد مباريات الأندية التونسية أحداثاً بذلك الكم من العنف والشغب في جيله وجيل من سبقه مثلما هي عليه الآن"، حسب تعبيره.
وحمل السليمي اللاعبين ومسيري الأندية جزءاً من مسؤولية تفشي العنف داخل الملاعب من خلال التصريحات الإعلامية النارية والتحريضية في بعض الأحيان نهاية كل مباراة، والتي من شأنها أن تشعل فتيل الحرب بين الجماهير عوض أن تطفأها.
وأضاف قائلاً: "لقد حادت كرة القدم عن إطارها الطبيعي كونها أداة للفرجة والمتعة وتقريب المجتمعات فيما بينها إلى رهان مصيري ومسألة حياة أو موت تحددها النتيجة وصافرة الحكم".
وفي السياق ذاته، حذر السليمي من الخطورة التي تمثلها "مجموعات الألتراس ultra" (مجموعات شبابية متعصبة لنواديها)، داعياً الجمعيات الرياضية ولجان الأحباء إلى ضمهم تحت لوائها وتأطيرهم بشكل رياضي.
وأضاف "أنا أؤمن بالتوعية في هذا المجال، ولكن أدعو أيضاً إلى فرض أقصى العقوبات" على مفتعلي الشغب سواء كانوا لاعبين أو جماهير أو مسيرين.
طائفية كروية
شغب بالملاعب التونسية وحذر الباحث في علم الاجتماع التربوي طارق بلجاج محمد من استسهال الحكومة لظاهرة العنف واعتبار أنها مازالت في بداياتها، مؤكداً أن الواقع الرياضي في البلاد تجاوز مرحلة التعصب للدفاع عن ألوان هذا الفريق أو ذاك إلى مرحلة "الطائفية الكروية"، الناتجة عن ترسبات قبلية بالأساس، حيث تحول الملعب إلى فضاء "للاحتجاج الاجتماعي" ورفع "شعارات جهوية".
وأضاف: "نحن إزاء حركة شبابية تأخذ من الملعب فضاءً لها للتعبير عن وضع قائم كالبطالة أو التهميش". واستدل في هذا الخصوص على مجموعات "الألتراس" التي ترفع شعارات عنصرية لا تمت للرياضة والروح الرياضية بأي صلة.
ويرى أن هذه المجموعات وغيرها استغلت شبكات التواصل الاجتماعي الشهير "الفيس بوك" لتحديد مواعيد في المباريات الرياضية من أجل الاحتجاج لا على نتيجة المباراة ولا على مردود التحكيم، بل للتعبير عن استيائها من وضع اجتماعي قائم بعد أن تراجع دور الأسرة والمجتمع المدني في تأطير واحتواء هؤلاء الشباب.
ويخلص إلى ضرورة وعي كل الأطراف الرياضية والاجتماعية والمدنية إلى قيمة الرياضة كونها ممارسة وليست مجرد بضاعة استهلاكية للفرجة والمتابعة فقط.
"رجعية" القوانين الرياضية
ويعتبر السيد الهادي بوقراص، كاتب عام مجلس التحكيم الرياضي "المحكمة الرياضية"، ومؤلف كتاب "قانون الرياضة"، الذي تطرق لظاهرة العنف الرياضي من زاوية قانونية؛ أن تضخم هذه الظاهرة واستفحالها في تونس ناتج عن عدم مواكبة القوانين الرياضية الجاري العمل بها لواقع كرة القدم التونسية والرياضة بشكل عام، ولما شهدت تطورات في كافة جوانبها.
وأقر بضرورة إعادة النظر في التشريعات ومراجعة النصوص القانونية التي تحمي الجماهير وتحمي اللعبة الرياضية الأكثر شعبية في تونس.
وشدد على ضرورة تكثيف الإجراءات الردعية للمسؤولين عن تنامي ظاهرة العنف داخل الملاعب على غرار ما هو معمول به في الدوريات الأوروبية، عن طريق اعتماد "لوائح حمراء" لأشخاص ثبت تورطهم في أعمال شغب أو التحريض عليها ومنعهم من دخول الملاعب على غرار مجموعات "الألتراس".
وتشير بعض التقارير إلى أن دخول ظاهرة "الألتراس" أو ما يعرف بمشجعي النوادي المتعصبين لفرقهم، حديث الدخول لتونس في 2002 تحديداً عن طريق الفرق الكبرى الترجي والإفريقي.
وقامت الحكومة التونسية بإصدار قرار بمنع أنشطتهم وتواجدهم بالملاعب التونسية أو ما يعرف بـ"الدخلة"، عقب أحداث عنف وشغب شهدتها مباريات كرة القدم في 2009.
كما منعت دخول الشعارات واللافتات التي تحتوي على عبارات عنصرية أو تحريضية للخصم أو احتوائها على صور لرموز الثورة في العالم، فضلاً عن منع دخول الشماريخ "الألعاب النارية".
ويرى بوقراص أن المشكلة التي تواجه هذه المجموعات وتجعلهم ينشطون بشكل "غير منظم" وهمجي يكمن في عدم اعتراف الأندية بهم نظراً لوجودهم غير القانوني رغم محاولاتهم المتواصلة للعودة للنشاط.
التوعية أولاً
من أحداث الشغب بالملاعب التونسية ويرى شيبوب، رئيس اللجنة الأولمبية التونسية، أن القضاء على مظاهر العنف داخل الملاعب التونسية مسؤولية جماعية لا يتحملها فقط جماهير النوادي بل كل القوى الحية في القطاع الرياضي بما فيها الإعلام التونسي.
وشدد على البعد التوعوي كخطوة أولى لترسيخ السلوك الرياضي السوي عن طريق المعلقات الإشهارية والومضات السمعية البصرية التي وقع تسجيلها عن طريق لاعبين قدامى كانوا ولا يزالون قدوة حسنة في تاريخ كرة القدم التونسية. وأكد على الدور الذي تلعبه "لجان الأحباء" في سبيل احتواء الجماهير وتأطيرها.
في المقابل، يرى شيبوب أن القضاء النهائي على هذه الظاهرة لن يتم في يوم أو في شهر بل على المدى الطويل.
واستبعد اعتماد الإجراءات الردعية على غرار ما هو معمول به في الخارج، مضيفاً "نحن لا نريد أن نلجأ إلى الإجراءات الردعية ونعول على الجانب التوعوي لتأطير الجيل الجديد والناشئة، لكن بحوزتنا قوانين ردعية قد نعتمدها مستقبلاً".
وحول تخوف الشارع الرياضي من اندلاع أعمال شغب خلال مباراة الترجي ومازمبي في إطار نهائي دوري أبطال إفريقيا بعد ردود الفعل السلبية وتداعيات مباراة الذهاب ومردود الحكم كوكو، لم يستبعد شيبوب هذا الأمر، ودعا جماهير الترجي إلى تقبل مظلمة الحكم وما ستؤل إليه النتيجة النهائية لهذه المباراة.
وختم بالقول "أي اعتداء على فريق مازمبي سيصعب مهمة فريق الترجي مستقبلاً في إفريقيا".