دراسات أكدت أن سوقها بلغ حجمه 5 مليارات ريال سعودي
الكوفي شوب والمقاهي الشعبية بالسعودية.. صراع تنافسي وحرب باردة
جدة - حسن حاميدوي
تزايدت وتيرة التنافس القائم بين محال "الكوفي شوب" والمقاهي الشعبية في السعودية لاسيما في مدينة جدة (غرب المملكة)، حيث شهدت الفترة الماضية حرباً باردة وحالة من الصراع والتنافس بين الفريقين، وذلك بهدف الفوز بأكبر حصة من كعكة المرتادين والزوار وتحقيق أعلى نسبة حضور.
ففي الوقت الذي استطاع فيه "الكوفي شوب"، بخدماته الراقية وديكوراته الأنيقة والمتنوعة، إغراء شريحة من الشباب لإدمان ارتياده بغية الترفية، تمكنت المقاهي الشعبية بطابعها البسيط وأجوائها الحميمية من لفت أنظار شريحة أخرى ارتأت المقهى مسرحاً مسائياً للترويح عن نفسها والخروج من روتين الحياة اليومية.
وبالرغم من مرور المقاهي الشعبية بمرحلة سبات، واندثار مقاهي شهيرة كانت لها صولاتها إبان التسعينات جراء زحف "الكوفي شوب" وانتشاره، إلا أنها عادت وبقوة ممثلة في المقاهي الشعبية المصرية، ولتدخل جدة في حالة من الانقسام والتنافس بين محال تكسوها ملامح الرفاهية وأخرى تتعمد التواضع ولا نية لديها للحاق بنصفها الآخر.
مشاهد متناقضةوفي أحد محال "الكوفي شوب" بشارع البلد العتيق (وسط جدة) يرتسم مشهد لكرة بلياردو تتدحرج بين أيدي مجموعة من الشباب يرتدون ملابس رياضية، بينما يجلس شبان يلعبون البلاي ستيشن، ويتصفح آخرون أجهزة "اللاب توب" و"الآي باد" ويتبادلون مقاطع البلوتوث.. وتحت ديكور زاهي الألوان أنيق التصميم يجتمع شبان آخرون أمام شاشة بلازما ضخمة لمشاهدة مباراة لكرة القدم.
وعلى الرصيف المقابل ينعكس المشهد ذاته، حيث يتقاسم رجال من أعمار مختلفة ومستويات اجتماعية متباينة طاولات أحد المقاهي الشعبية التي يملأ ضجيجها أرجاء المكان، وبينما يتحلّق بعض مرتادي المقهى في أجواء حميمية على إيقاع الكوتشينة والدومنة، ينشغل آخرون باحتساء الينسون والقرفة والسحلب، منخرطون في حوارات اختلطت حروفها بدخان النرجيلة والمعسل.
ورغم تناقض المشهدين يبقى القاسم المشترك بينهما تلك الأحاديث المتناثرة من فضاءات هذه المقاهي والتي ترسم مع كل تفاصيل أجوائها الصورة الخلفية للأحداث الجارية في مدينة جدة سواء كانت رياضية أو اجتماعية أو ثقافية، فيما تحولت مقاهٍ أخرى إلى مقر لعقد اللقاءات والاجتماعات وإبرام الصفقات التجارية.
دوافع وأسبابوتتباين دوافع وأسباب رواد "الكوفي شوب" والمقاهي الشعبية كل حسب ميوله واهتماماته، فبينما تجذب الأولى المهتمين بالجانب الترفيهي والخدمي والهدوء، تلفت الثانية نظر الباحثين عن الطقوس المتوارثة والأصيلة والأماكن التقليدية.
يقول علي حسين (طالب جامعي) إنه يفضل وزملاؤه ارتياد "الكوفي شوب"، مشيراً إلى أن الأجواء التي تكسو تلك الأماكن تساعده على قضاء ساعات طويلة للاستذكار وتصفح الانترنت بعيداً عن الإزعاج.
وأضاف حسين في حديث لـ"العربية.نت": "الكوفي شوب يمتاز بتقديم أجود أنواع المشروبات والخدمات الترفيهية، فيما تشهد كافيهات أخرى محاضرات ثقافية وتدشيناً لكتب متنوعة، وهو ما يكاد يكون معدوماً في المقاهي الشعبية".
من جهته، قال عثمان عبده (موظف حكومي) إنه يفضل ارتياد المقاهي الشعبية لما فيها من أجواء تذكره بأيام دراسته الجامعية التي كانت في مصر، وأضاف: "غناء أم كلثوم وأجواء الألفة والفكاهة السائدة بين رواد القهوة والألعاب الشعبية كلها تفاصيل ونكهات تنعدم في "الكوفي شوب" ذي الطابع الهادئ الممل". وتابع "نحن نبحث عن طقس متوارث وأصيل نخرج به من روتين الحياة اليومية وهذا لن نجده إلا هنا".
أما فاطمة سعود (25 عاماً) فقالت: "لو لم تنتشر محال "الكوفي شوب" التي استطاعت أن تجلب المرأة بوصفها زبوناً، لما كانت المقاهي الشعبية قادرة ولا قابلة أصلاً لأن تستقبلنا كزبائن بحكم تقاليد وأعراف المجتمع السعودي"، وأشارت في حديثها لـ"العربية.نت" إلى أن "الكوفي شوب المخصص للفتيات شكّل متنفساً كسرنا به حاجز الملل والروتين الذي نشعر به أحياناً داخل المنزل، ولا مجال للمقارنة فأنا مع الكوفي شوب شئت أم أبيت".
تجدر الإشارة إلى أن دراسات اقتصادية أكدت أن أسواق المقاهي الشعبية والكوفي شوب في المملكة شهدت ارتفاعات ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث ينفق السعوديون والمقيمون عليها ما يتجاوز أكثر من مليار ونصف المليار ريال سنوياً في سوق بلغ حجمه خمسة مليارات ريال سعودي، وذلك بسبب ارتفاع نسبة الشباب في المجتمع السعودي من الفئة العمرية ما بين 19 و30 سنة والتي تتجاوز نسبتها 60% من عدد سكان المملكة الذين يبلغون حوالي 21 مليون نسمة.
الكوفي شوب والمقاهي الشعبية بالسعودية.. صراع تنافسي وحرب باردة
جدة - حسن حاميدوي
تزايدت وتيرة التنافس القائم بين محال "الكوفي شوب" والمقاهي الشعبية في السعودية لاسيما في مدينة جدة (غرب المملكة)، حيث شهدت الفترة الماضية حرباً باردة وحالة من الصراع والتنافس بين الفريقين، وذلك بهدف الفوز بأكبر حصة من كعكة المرتادين والزوار وتحقيق أعلى نسبة حضور.
ففي الوقت الذي استطاع فيه "الكوفي شوب"، بخدماته الراقية وديكوراته الأنيقة والمتنوعة، إغراء شريحة من الشباب لإدمان ارتياده بغية الترفية، تمكنت المقاهي الشعبية بطابعها البسيط وأجوائها الحميمية من لفت أنظار شريحة أخرى ارتأت المقهى مسرحاً مسائياً للترويح عن نفسها والخروج من روتين الحياة اليومية.
وبالرغم من مرور المقاهي الشعبية بمرحلة سبات، واندثار مقاهي شهيرة كانت لها صولاتها إبان التسعينات جراء زحف "الكوفي شوب" وانتشاره، إلا أنها عادت وبقوة ممثلة في المقاهي الشعبية المصرية، ولتدخل جدة في حالة من الانقسام والتنافس بين محال تكسوها ملامح الرفاهية وأخرى تتعمد التواضع ولا نية لديها للحاق بنصفها الآخر.
مشاهد متناقضةوفي أحد محال "الكوفي شوب" بشارع البلد العتيق (وسط جدة) يرتسم مشهد لكرة بلياردو تتدحرج بين أيدي مجموعة من الشباب يرتدون ملابس رياضية، بينما يجلس شبان يلعبون البلاي ستيشن، ويتصفح آخرون أجهزة "اللاب توب" و"الآي باد" ويتبادلون مقاطع البلوتوث.. وتحت ديكور زاهي الألوان أنيق التصميم يجتمع شبان آخرون أمام شاشة بلازما ضخمة لمشاهدة مباراة لكرة القدم.
وعلى الرصيف المقابل ينعكس المشهد ذاته، حيث يتقاسم رجال من أعمار مختلفة ومستويات اجتماعية متباينة طاولات أحد المقاهي الشعبية التي يملأ ضجيجها أرجاء المكان، وبينما يتحلّق بعض مرتادي المقهى في أجواء حميمية على إيقاع الكوتشينة والدومنة، ينشغل آخرون باحتساء الينسون والقرفة والسحلب، منخرطون في حوارات اختلطت حروفها بدخان النرجيلة والمعسل.
ورغم تناقض المشهدين يبقى القاسم المشترك بينهما تلك الأحاديث المتناثرة من فضاءات هذه المقاهي والتي ترسم مع كل تفاصيل أجوائها الصورة الخلفية للأحداث الجارية في مدينة جدة سواء كانت رياضية أو اجتماعية أو ثقافية، فيما تحولت مقاهٍ أخرى إلى مقر لعقد اللقاءات والاجتماعات وإبرام الصفقات التجارية.
دوافع وأسبابوتتباين دوافع وأسباب رواد "الكوفي شوب" والمقاهي الشعبية كل حسب ميوله واهتماماته، فبينما تجذب الأولى المهتمين بالجانب الترفيهي والخدمي والهدوء، تلفت الثانية نظر الباحثين عن الطقوس المتوارثة والأصيلة والأماكن التقليدية.
يقول علي حسين (طالب جامعي) إنه يفضل وزملاؤه ارتياد "الكوفي شوب"، مشيراً إلى أن الأجواء التي تكسو تلك الأماكن تساعده على قضاء ساعات طويلة للاستذكار وتصفح الانترنت بعيداً عن الإزعاج.
وأضاف حسين في حديث لـ"العربية.نت": "الكوفي شوب يمتاز بتقديم أجود أنواع المشروبات والخدمات الترفيهية، فيما تشهد كافيهات أخرى محاضرات ثقافية وتدشيناً لكتب متنوعة، وهو ما يكاد يكون معدوماً في المقاهي الشعبية".
من جهته، قال عثمان عبده (موظف حكومي) إنه يفضل ارتياد المقاهي الشعبية لما فيها من أجواء تذكره بأيام دراسته الجامعية التي كانت في مصر، وأضاف: "غناء أم كلثوم وأجواء الألفة والفكاهة السائدة بين رواد القهوة والألعاب الشعبية كلها تفاصيل ونكهات تنعدم في "الكوفي شوب" ذي الطابع الهادئ الممل". وتابع "نحن نبحث عن طقس متوارث وأصيل نخرج به من روتين الحياة اليومية وهذا لن نجده إلا هنا".
أما فاطمة سعود (25 عاماً) فقالت: "لو لم تنتشر محال "الكوفي شوب" التي استطاعت أن تجلب المرأة بوصفها زبوناً، لما كانت المقاهي الشعبية قادرة ولا قابلة أصلاً لأن تستقبلنا كزبائن بحكم تقاليد وأعراف المجتمع السعودي"، وأشارت في حديثها لـ"العربية.نت" إلى أن "الكوفي شوب المخصص للفتيات شكّل متنفساً كسرنا به حاجز الملل والروتين الذي نشعر به أحياناً داخل المنزل، ولا مجال للمقارنة فأنا مع الكوفي شوب شئت أم أبيت".
تجدر الإشارة إلى أن دراسات اقتصادية أكدت أن أسواق المقاهي الشعبية والكوفي شوب في المملكة شهدت ارتفاعات ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث ينفق السعوديون والمقيمون عليها ما يتجاوز أكثر من مليار ونصف المليار ريال سنوياً في سوق بلغ حجمه خمسة مليارات ريال سعودي، وذلك بسبب ارتفاع نسبة الشباب في المجتمع السعودي من الفئة العمرية ما بين 19 و30 سنة والتي تتجاوز نسبتها 60% من عدد سكان المملكة الذين يبلغون حوالي 21 مليون نسمة.