المقاطعة والإشراف الرسمي على القطاع الخاص.. حلول مقترحةالمصريون يستغيثون بالحكومة من "جنون" أسعار السلع
القاهرة - دار الإعلام العربية
لا يكاد المواطن المصري يتخلص من أزمة حتى تظهر له مزيد من المشكلات التي تؤثر على مستوى معيشته وعلى ضمانه حد الكفاية التي يستطيع من خلالها أن ينعم بحياة كريمة، فيشهد السوق المصري حاليا ارتفاعات جنونية غير مبررة بأسعار الخضروات والفاكهة والسلع أيضا، الأمر الذي ينذر باستمرار زحف معدل التضخم خلال 2011.
استطلعت "العربية نت" أراء عدد من المسؤولين وخبراء الاقتصاد والمستثمرين حول السبب الخفي وراء ارتفاع الأسعار بالسوق؟ ومدى توافق مستوى دخل المواطنين مع متطلبات المعيشة متزايدة التكاليف؟ والوسائل التي ستلجأ إليها الحكومة المصرية لوقف ارتفاع الأسعار المتتالي؟.
التغيرات المناخية "التغيرات المناخية السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة" هذا ما أكده د.حمدي الصوالحي، أمين عام الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي وأستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، موضحا أن الفترة الماضية بل والحالية تشهدان ارتفاعا حقيقيا بأسعار المحاصيل الزراعية، والسبب يرجع إلى الموجة الحارة الماضية التي أفسدت محاصيل الخضروات والفاكهة، وأدت إلى تلف الكثير منها، الأمر الذي خفض من حجم المعروض بالسوق ومن ثم ارتفعت أسعاره.
وأوضح أن الفاكهة والخضروات تتم زراعتها كل ثلاثة أشهر، ومن يتابع حركة الأسعار خلال الأشهر الثلاثة الماضية يجدها ارتفعت تدريجيا؛ نتيجة مصادفة تلك الفترة بالموجة الحارة التي ارتفعت معدلاتها عن المعدلات الطبيعية بشكل أفسد خطط التوريد للسوق المحلية بل للتصدير أيضا.
وأشار إلى أن الخضروات والفاكهة كان يتم تصدير جزء كبير منها للدول العربية، مثل السعودية والكويت، وقد أضرت الموجة الحارة بتلك الدول أيضا، إذ أن انخفاض معدل الصادرات المصرية لهم من الطماطم وغيرها من الخضر والفاكهة أدى إلى ارتفاع أسعار تلك السلع لديهم أيضا.
وقال الصوالحي إن موجة الارتفاعات السعرية التي ما زال المواطن يعيشها حتى تلك اللحظة ستؤثر على معدلات التضخم بمزيد من الارتفاع، إذ إن كل السلع والخدمات يتضمنها ذلك المعدل بحسابه ويتم تحديده صعودا أو هبوطا بناء على مستوى الأسعار السائد والقدرة الشرائية لدى المستهلكين، مضيفا أن معدل التضخم الذي سيتم الإعلان عنه خلال الربع الأخير من العام الحالي سيرتفع بالطبع عن الربع السابق عليه نتيجة لتلك الظروف السعرية والشرائية.
وأكد أن وجهة النظر الحكومية لمواجهة ارتفاعات الأسعار تتضمن التوسع في تنفيذ عمليات التنمية ومشروعاتها لزيادة الدخل القومي، ومن ثم توفير حياة كريمة للمواطن.
وأوضح الصوالحي أن الحكومة قديما كانت تمتلك القدرة لتحديد تسعيرة للبيع والشراء، أما الآن ووفقا لمبادئ السوق الحرة التي تعمل بها الحكومة المصرية فإنها لا تستطيع تخفيض الأسعار بشكل إجباري، لذلك فالحل يكمن في زيادة المعروض من الخضروات والفاكهة بقرارات من المزارعين أنفسهم، الأمر الذي سيحتم ضرورة تشجيعهم وتطوير أوضاعهم لرفع معدلات إنتاجيتهم من ناحية أخرى.
دخل متدنيوأشار إلى أنه في الدول المتقدمة تقوم شركات القطاع الخاص العاملة ببيع السلع من الخضروات والفاكهة بشراء عدد كبير من ثلاجات التخزين للمحافظة على تلك السلع والمحاصيل لأطول فترة ممكنة ثم يقومون بعرضها في السوق تدريجيا حتى في غير مواسمها، الأمر الذي سيمنع حدوث أي ارتفاعات مفاجئة للمواطن، ويتم ذلك تحت إشراف حكومة كل دولة؛ نظرا لترابط الأهداف وتشابكها لمصلحة المجتمع ومواطنيه، مطالبا بتنفيذ مثل تلك المشروعات داخل الدول العربية على أن تتوجه الحكومات بالإشراف على القطاع الخاص بشكل دوري لضمان عدم حدوث أي خلل بالمجتمع.
وانتقد الصوالحي مستوى دخل المصريين حاليا، واصفا إياه بالتدني والانتقاص، إذ إنه يرى أنه لا توجد أى مواءمة أو توافق بين مستوى الدخول وتكاليف مستوى المعيشة، فزيادة الأسعار تلتهم أي زيادات بالرواتب، وذلك في حالة حدوث زيادات من الأساس.
وأشار إلى أن 60% من المواطنين المصريين دخلهم غير مناسب على الإطلاق لسد كامل احتياجاتهم من السلع الأساسية والخدمات، موضحا أن هناك العديد من المواطنين يصل مستوى دخلهم إلى 1000 جنيه وأكثر، ورغم ذلك ارتفاع الأسعار المستمر للسلع والخدمات يمتص ذلك الراتب لسد حاجات الأسرة من الغذاء وبعض الخدمات الأساسية فقط.
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر الدكتور صلاح الدين فهمي، أن زيادة الأسعار التي حدثت للسلع والخدمات أخيرا والتي ما زالت مستمرة حاليا ليس سببها زيادة كمية النقود الموجوة بالمجتمع كما هو معروف اقتصاديا، ولكنها نتاج أحوال مناخية سيئة جاءت عكس المستهدفات، مشيرا إلى أن الطماطم، على سبيل المثال، أصيبت بداء قادم من إيطاليا قضى على جزء كبير من المحصول، الأمر الذي رفع من سعرها وغيرها من أصناف الخضروات والفاكهة مثل الفاصوليا والبسلة والموز.
وقال إن دخل المواطن المصري يتسم بالانخفاض، مفرقا بين نوعين من الدخل أولهما الدخل النقدي وهو ما يحصل عليه العامل من وحدات نقدية، والدخل الحقيقي وهو الذي يعبر عن القدرة الشرائية للمواطن خلال عملية إنفاقه دخله الحقيقي، مشيرا إلى أن همزة الوصل بين نوعي الدخل السابق ذكرهما تعتبر مستوى الأسعار، فكلما ارتفعت الأسعار مع ثبات الدخل النقدي تدنى الدخل الحقيقي وانخفض مستوى المعيشة؛ نظرا لارتفاع تكاليفها التي لا يستطيع المواطن تحملها، وذلك ما يحدث حاليا بالمجتمع المصري.
الحكومة حائرةأكد فهمي أن ميزانية الأسرة تتحدد بناء على ما تنفقه على البنود الشهرية من طعام وكساء وخدمات وغير ذلك، وفي الوقت الحالي تشهد تلك الميزانية تدنيا ملحوظا في المستوى بعدما تم توجيه أغلبها إن لم يكن جميعها لسد حاجة الأسرة من الطعام (الخضروات والفاكهة)، موضحا أن الحكومة تسعى لمواجهة ارتفاع الأسعار عن طريق رفع الدخول وزيادة الدخل القومي عن طريق تنفيذ عدد من المشروعات التنموية التي من شأنها رفع معدلات الإنتاج القومي.
وأشار إلى أن معدل التضخم المعلن عنه من قبل المؤسسات الحكومية الإحصائية الرسمية يبلغ 11.9%، موضحا أن الواقع الحالي يؤكد أن المعدل الحقيقي يرتفع فوق تلك النسبة، مضيفا أن ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة والخدمات من مياه وكهرباء وغاز طبيعي بالإضافة إلى الخدمات الطبية وأسعار الأدوية وغير ذلك من الخدمات عوامل من شأنها زحف معدل التضخم، بمعنى أن التضخم يرتفع تدريجيا لكن بكل القطاعات الاقتصادية.
وأوضح أن أسعار الخدمات الطبية والأدوية تشهد ارتفاعا ملحوظا، فأقل سعر للكشف الطبي يبلغ 50 جنيها ويصل إلى 150 جنيها للأطباء الذين يمتلكون الخبرة والمهارة، وبالتالي مجموع تلك الارتفاعات السعرية بالسلع والخدمات سيؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم خلال2011 إذا استمر الوضع على ما هو عليه، الأمر الذي من شأنه انخفاض مستوى معيشة المواطنين.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية حائرة بين إلغاء الدعم لتوفير نفقات ضخمة تتحملها، وتنفيذ مشروعات جديدة، ومن الممكن أن تنفذ حلا مؤقتا يقتضي التوفيق بين الأمرين، ولكن بشكل عام فإن مشكلة ارتفاع الأسعار من الممكن حلها بشكل دائم من قبل المستهلكين أنفسهم عن طريق مقاطعة شراء بعض السلع لفترة من الوقت، الأمر الذي سيخفض من أسعارها، موضحا أن الفترة القادمة لابد أن تشهد مصارحة حكومية حقيقية للشعب بكل مشكلات المجتمع دون تجميل مع اتخاذ إجراءات صارمة لحل تلك المشكلات ومواجهة ارتفاعات الأسعار.
وطالب أستاذ الاقتصاد بالتوسع في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة لتلبية حاجة المواطنين من خدمات الكهرباء، موضحا أن الفترة القادمة من المتوقع لها أن تشهد أزمات بمحاصيل القمح والأرز والقطن وغيرها، وهو الأمر الواجب الاستعداد لمواجهته للحد من خسائره.
جدير بالذكر أن أمين أباظة، وزير الزراعة، قال أخيرا في تصريحات للصحف المصرية بأن اتجاه الحكومة لفرض أي تسعيرة على السلع سيؤدِّي إلى اختفاء السلع الزراعية تمامًا من الأسواق، وتفشي الفساد وتضاعف الأسعار، مؤكدًا رفض الحكومة فرض هذه التسعيرة.
من جانبها ترى الدكتورة ليلى البيلي، عضو مجلس إدارة بالغرف التجارية، أن أي زيادة في الرواتب خاصة خلال الفترة الحالية من المتوقع أن تتبعها زيادة في أسعار السلع والخدمات، موضحة أن العامل لابد أن يقوم برفع مستوى مهاراته وقدراته حتى يتمكن من رفع مستوى دخله، ومن ثم تحسين مستوى معيشته وتوفير احتياجاته من السلع والخدمات.
ارتفاع التضخموكان اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في تصريحات صحفية حديثة له، قد أكد أن ارتفاع معدل التضخم خلال أغسطس الماضي، جاء نتيجة العلاوة السنوية لشهر يوليو، موضحا أن العلاوة السنوية، والاستعدادات الخاصة بشهر رمضان، وقرب دخول المدارس يصاحبها عادة ارتفاع في الأسعار، ومن ثم ارتفاع نسبة التضخم.
على الصعيد ذاته أكد البنك المركزي المصري في تقرير حديث له أن استمرار الارتفاعات الحادة في أسعار الخضروات والفاكهة منذ شهر يوليو الماضي، خاصة الطماطم والفاصوليا والبطاطس- تسبب في ارتفاع معدل التضخم في الأسعار، مشيرا في تقريره إلى زيادة أسعار الخضروات والفاكهة خلال الشهر الماضي فقط بنحو 18.72٪ عن الشهر السابق، وتضاعفت أسعارها بنحو 5أضعاف خلال الشهور الثلاثة الأخيرة مقارنة ببداية العام.
ولفت البنك إلى أن متوسط الزيادة الشهرية للتضخم العام بلغ 2.35٪ خلال النصف الثاني من العام الجاري، وأكد أن هذا أعلى بكثير من المتوسط المسجل في النصف الأول من العام البالغ 0.49٪.
فيما كشف تقرير رسمي أصدره مركز البحوث الزراعية أخيرا عن انخفاض إنتاجية محاصيل الخضروات والفاكهة بنسبة بلغت أكثر من 70%، مقارنة بإنتاجية العام الماضي من هذه المحاصيل، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بنسبة بلغت أكثر من 300% مقارنة بأسعار العام الماضي.
القاهرة - دار الإعلام العربية
لا يكاد المواطن المصري يتخلص من أزمة حتى تظهر له مزيد من المشكلات التي تؤثر على مستوى معيشته وعلى ضمانه حد الكفاية التي يستطيع من خلالها أن ينعم بحياة كريمة، فيشهد السوق المصري حاليا ارتفاعات جنونية غير مبررة بأسعار الخضروات والفاكهة والسلع أيضا، الأمر الذي ينذر باستمرار زحف معدل التضخم خلال 2011.
استطلعت "العربية نت" أراء عدد من المسؤولين وخبراء الاقتصاد والمستثمرين حول السبب الخفي وراء ارتفاع الأسعار بالسوق؟ ومدى توافق مستوى دخل المواطنين مع متطلبات المعيشة متزايدة التكاليف؟ والوسائل التي ستلجأ إليها الحكومة المصرية لوقف ارتفاع الأسعار المتتالي؟.
التغيرات المناخية "التغيرات المناخية السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة" هذا ما أكده د.حمدي الصوالحي، أمين عام الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي وأستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، موضحا أن الفترة الماضية بل والحالية تشهدان ارتفاعا حقيقيا بأسعار المحاصيل الزراعية، والسبب يرجع إلى الموجة الحارة الماضية التي أفسدت محاصيل الخضروات والفاكهة، وأدت إلى تلف الكثير منها، الأمر الذي خفض من حجم المعروض بالسوق ومن ثم ارتفعت أسعاره.
وأوضح أن الفاكهة والخضروات تتم زراعتها كل ثلاثة أشهر، ومن يتابع حركة الأسعار خلال الأشهر الثلاثة الماضية يجدها ارتفعت تدريجيا؛ نتيجة مصادفة تلك الفترة بالموجة الحارة التي ارتفعت معدلاتها عن المعدلات الطبيعية بشكل أفسد خطط التوريد للسوق المحلية بل للتصدير أيضا.
وأشار إلى أن الخضروات والفاكهة كان يتم تصدير جزء كبير منها للدول العربية، مثل السعودية والكويت، وقد أضرت الموجة الحارة بتلك الدول أيضا، إذ أن انخفاض معدل الصادرات المصرية لهم من الطماطم وغيرها من الخضر والفاكهة أدى إلى ارتفاع أسعار تلك السلع لديهم أيضا.
وقال الصوالحي إن موجة الارتفاعات السعرية التي ما زال المواطن يعيشها حتى تلك اللحظة ستؤثر على معدلات التضخم بمزيد من الارتفاع، إذ إن كل السلع والخدمات يتضمنها ذلك المعدل بحسابه ويتم تحديده صعودا أو هبوطا بناء على مستوى الأسعار السائد والقدرة الشرائية لدى المستهلكين، مضيفا أن معدل التضخم الذي سيتم الإعلان عنه خلال الربع الأخير من العام الحالي سيرتفع بالطبع عن الربع السابق عليه نتيجة لتلك الظروف السعرية والشرائية.
وأكد أن وجهة النظر الحكومية لمواجهة ارتفاعات الأسعار تتضمن التوسع في تنفيذ عمليات التنمية ومشروعاتها لزيادة الدخل القومي، ومن ثم توفير حياة كريمة للمواطن.
وأوضح الصوالحي أن الحكومة قديما كانت تمتلك القدرة لتحديد تسعيرة للبيع والشراء، أما الآن ووفقا لمبادئ السوق الحرة التي تعمل بها الحكومة المصرية فإنها لا تستطيع تخفيض الأسعار بشكل إجباري، لذلك فالحل يكمن في زيادة المعروض من الخضروات والفاكهة بقرارات من المزارعين أنفسهم، الأمر الذي سيحتم ضرورة تشجيعهم وتطوير أوضاعهم لرفع معدلات إنتاجيتهم من ناحية أخرى.
دخل متدنيوأشار إلى أنه في الدول المتقدمة تقوم شركات القطاع الخاص العاملة ببيع السلع من الخضروات والفاكهة بشراء عدد كبير من ثلاجات التخزين للمحافظة على تلك السلع والمحاصيل لأطول فترة ممكنة ثم يقومون بعرضها في السوق تدريجيا حتى في غير مواسمها، الأمر الذي سيمنع حدوث أي ارتفاعات مفاجئة للمواطن، ويتم ذلك تحت إشراف حكومة كل دولة؛ نظرا لترابط الأهداف وتشابكها لمصلحة المجتمع ومواطنيه، مطالبا بتنفيذ مثل تلك المشروعات داخل الدول العربية على أن تتوجه الحكومات بالإشراف على القطاع الخاص بشكل دوري لضمان عدم حدوث أي خلل بالمجتمع.
وانتقد الصوالحي مستوى دخل المصريين حاليا، واصفا إياه بالتدني والانتقاص، إذ إنه يرى أنه لا توجد أى مواءمة أو توافق بين مستوى الدخول وتكاليف مستوى المعيشة، فزيادة الأسعار تلتهم أي زيادات بالرواتب، وذلك في حالة حدوث زيادات من الأساس.
وأشار إلى أن 60% من المواطنين المصريين دخلهم غير مناسب على الإطلاق لسد كامل احتياجاتهم من السلع الأساسية والخدمات، موضحا أن هناك العديد من المواطنين يصل مستوى دخلهم إلى 1000 جنيه وأكثر، ورغم ذلك ارتفاع الأسعار المستمر للسلع والخدمات يمتص ذلك الراتب لسد حاجات الأسرة من الغذاء وبعض الخدمات الأساسية فقط.
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر الدكتور صلاح الدين فهمي، أن زيادة الأسعار التي حدثت للسلع والخدمات أخيرا والتي ما زالت مستمرة حاليا ليس سببها زيادة كمية النقود الموجوة بالمجتمع كما هو معروف اقتصاديا، ولكنها نتاج أحوال مناخية سيئة جاءت عكس المستهدفات، مشيرا إلى أن الطماطم، على سبيل المثال، أصيبت بداء قادم من إيطاليا قضى على جزء كبير من المحصول، الأمر الذي رفع من سعرها وغيرها من أصناف الخضروات والفاكهة مثل الفاصوليا والبسلة والموز.
وقال إن دخل المواطن المصري يتسم بالانخفاض، مفرقا بين نوعين من الدخل أولهما الدخل النقدي وهو ما يحصل عليه العامل من وحدات نقدية، والدخل الحقيقي وهو الذي يعبر عن القدرة الشرائية للمواطن خلال عملية إنفاقه دخله الحقيقي، مشيرا إلى أن همزة الوصل بين نوعي الدخل السابق ذكرهما تعتبر مستوى الأسعار، فكلما ارتفعت الأسعار مع ثبات الدخل النقدي تدنى الدخل الحقيقي وانخفض مستوى المعيشة؛ نظرا لارتفاع تكاليفها التي لا يستطيع المواطن تحملها، وذلك ما يحدث حاليا بالمجتمع المصري.
الحكومة حائرةأكد فهمي أن ميزانية الأسرة تتحدد بناء على ما تنفقه على البنود الشهرية من طعام وكساء وخدمات وغير ذلك، وفي الوقت الحالي تشهد تلك الميزانية تدنيا ملحوظا في المستوى بعدما تم توجيه أغلبها إن لم يكن جميعها لسد حاجة الأسرة من الطعام (الخضروات والفاكهة)، موضحا أن الحكومة تسعى لمواجهة ارتفاع الأسعار عن طريق رفع الدخول وزيادة الدخل القومي عن طريق تنفيذ عدد من المشروعات التنموية التي من شأنها رفع معدلات الإنتاج القومي.
وأشار إلى أن معدل التضخم المعلن عنه من قبل المؤسسات الحكومية الإحصائية الرسمية يبلغ 11.9%، موضحا أن الواقع الحالي يؤكد أن المعدل الحقيقي يرتفع فوق تلك النسبة، مضيفا أن ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة والخدمات من مياه وكهرباء وغاز طبيعي بالإضافة إلى الخدمات الطبية وأسعار الأدوية وغير ذلك من الخدمات عوامل من شأنها زحف معدل التضخم، بمعنى أن التضخم يرتفع تدريجيا لكن بكل القطاعات الاقتصادية.
وأوضح أن أسعار الخدمات الطبية والأدوية تشهد ارتفاعا ملحوظا، فأقل سعر للكشف الطبي يبلغ 50 جنيها ويصل إلى 150 جنيها للأطباء الذين يمتلكون الخبرة والمهارة، وبالتالي مجموع تلك الارتفاعات السعرية بالسلع والخدمات سيؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم خلال2011 إذا استمر الوضع على ما هو عليه، الأمر الذي من شأنه انخفاض مستوى معيشة المواطنين.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية حائرة بين إلغاء الدعم لتوفير نفقات ضخمة تتحملها، وتنفيذ مشروعات جديدة، ومن الممكن أن تنفذ حلا مؤقتا يقتضي التوفيق بين الأمرين، ولكن بشكل عام فإن مشكلة ارتفاع الأسعار من الممكن حلها بشكل دائم من قبل المستهلكين أنفسهم عن طريق مقاطعة شراء بعض السلع لفترة من الوقت، الأمر الذي سيخفض من أسعارها، موضحا أن الفترة القادمة لابد أن تشهد مصارحة حكومية حقيقية للشعب بكل مشكلات المجتمع دون تجميل مع اتخاذ إجراءات صارمة لحل تلك المشكلات ومواجهة ارتفاعات الأسعار.
وطالب أستاذ الاقتصاد بالتوسع في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة لتلبية حاجة المواطنين من خدمات الكهرباء، موضحا أن الفترة القادمة من المتوقع لها أن تشهد أزمات بمحاصيل القمح والأرز والقطن وغيرها، وهو الأمر الواجب الاستعداد لمواجهته للحد من خسائره.
جدير بالذكر أن أمين أباظة، وزير الزراعة، قال أخيرا في تصريحات للصحف المصرية بأن اتجاه الحكومة لفرض أي تسعيرة على السلع سيؤدِّي إلى اختفاء السلع الزراعية تمامًا من الأسواق، وتفشي الفساد وتضاعف الأسعار، مؤكدًا رفض الحكومة فرض هذه التسعيرة.
من جانبها ترى الدكتورة ليلى البيلي، عضو مجلس إدارة بالغرف التجارية، أن أي زيادة في الرواتب خاصة خلال الفترة الحالية من المتوقع أن تتبعها زيادة في أسعار السلع والخدمات، موضحة أن العامل لابد أن يقوم برفع مستوى مهاراته وقدراته حتى يتمكن من رفع مستوى دخله، ومن ثم تحسين مستوى معيشته وتوفير احتياجاته من السلع والخدمات.
ارتفاع التضخموكان اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في تصريحات صحفية حديثة له، قد أكد أن ارتفاع معدل التضخم خلال أغسطس الماضي، جاء نتيجة العلاوة السنوية لشهر يوليو، موضحا أن العلاوة السنوية، والاستعدادات الخاصة بشهر رمضان، وقرب دخول المدارس يصاحبها عادة ارتفاع في الأسعار، ومن ثم ارتفاع نسبة التضخم.
على الصعيد ذاته أكد البنك المركزي المصري في تقرير حديث له أن استمرار الارتفاعات الحادة في أسعار الخضروات والفاكهة منذ شهر يوليو الماضي، خاصة الطماطم والفاصوليا والبطاطس- تسبب في ارتفاع معدل التضخم في الأسعار، مشيرا في تقريره إلى زيادة أسعار الخضروات والفاكهة خلال الشهر الماضي فقط بنحو 18.72٪ عن الشهر السابق، وتضاعفت أسعارها بنحو 5أضعاف خلال الشهور الثلاثة الأخيرة مقارنة ببداية العام.
ولفت البنك إلى أن متوسط الزيادة الشهرية للتضخم العام بلغ 2.35٪ خلال النصف الثاني من العام الجاري، وأكد أن هذا أعلى بكثير من المتوسط المسجل في النصف الأول من العام البالغ 0.49٪.
فيما كشف تقرير رسمي أصدره مركز البحوث الزراعية أخيرا عن انخفاض إنتاجية محاصيل الخضروات والفاكهة بنسبة بلغت أكثر من 70%، مقارنة بإنتاجية العام الماضي من هذه المحاصيل، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بنسبة بلغت أكثر من 300% مقارنة بأسعار العام الماضي.