ما الذي يجعل أعمال شكسبير خالدة إلى يومنا هذا ؟ بل ما الذي يجعل أعمال شكسبير المسرحية صالحة لكل الازمان ، لكل الاماكن ؟
انها الطبيعة البشرية وارهاصات الانسانية بغض النظر عن الزمن او المجتمع الذي نعيش فيه ؟ بمعنى آخر ، لماذا عندما نطالع مسرحية (هاملت) نتفاعل مع هاملت ، قد نحتقره او نشفق عليه ، قد نغضب معه او عليه ، قد نحب معه اوفيليا وقد نزدريها ونحتقرها ؟ لماذا ؟
في مسرحية (الملك لير) لماذا كلنا نتعاطف مع الملك الشيخ لير الذي نبذته بناته وازواجهن وخدمهن ؟ لماذا غضب على ابنته الصغرى كورديليا وحرمها من الميراث (وهي مملكته التي قسمّها لبنتيه غونريل وريغن) ؟ رغم انهما كانا يتملقانه ويستغلانه عكس كورديليا التي كان حبها صادقاً منزه عن كل ما هو دنيوي ومادي ؟ لماذا نتعاطف مع الملك لير بعد ان يجور عليه الزمن وحتى خدم وحشم بنتيه الكبرى والصغرى ،
لماذا نحب الملك لير ونغضب له ؟
لماذا نحب كورديليا ونغضب لها ؟
لماذا نغضب على ريغن ونسخط عليها ؟
لماذا نغضب على غونريل ونسخط عليها ؟
لماذا نعتقد اننا دوما الملك ودوما كورديليا والاخرين ريغن وغونريل ؟
بمعنى اخر ، لماذا نعتبر الحق هو نحن والباطل الاخر بغض النظر عن المقياس المجرد عن عواطفنا بالتعبير المطلق والحرفي للحق والمطلق والحرفي للعدالة !
ماذا لو كنا غونريل دون ان نعترف ، ماذا لو كنا ريغن دون نعترف ؟
السنا بشر ، اليست مطامعنا تأخذنا بعيداً احيانا وتبعدنا اكثر واكثر عن جادة الخير ثم اكثر فأكثر عن جادة الصواب ثم اكثر فأكثر عن جادة الحب والرضا ، اليس الاخر سيكون عندئذ الخير ، الحب ، ثم الصواب ؟!
لنسأل أنفسنا كم هي صافية مرآة شكسبير ، وكم هي صافية بما فيه الكفاية كي ترينا انفسنا من الداخل ونحن نتسمّر أمام مسرحية (عطيل) متعاطفين مع دزديمونة وهي تتوسل حبيبها وزوجها عطيل كي يتركها تعيش هذه الليلة فقط في حين نحن ليس الا (إياغو) (مصدر الشر المطلق في مسرحية عطيل) ، لماذا نبتعد كثيرا في غيّنا ولا نكتفي بالسلبية بل نمضي قدما كي نؤكد خطلنا ازاء (الآخر) الخير ، الحب ، ثم الصواب !
أليس من الضعف والجبن بل والنفاق ان نبقى كما نحن ، نقيس الاشياء والمعاني والمفاهيم من واقع مصالحنا ومدى قربها او بعدها من هذه المصالح ، كم من ريغن التقت مع غونريل فصارتا الشر المطلق ازاء الخير والحب (الملك لير وكورديليا) ، نعم انتهت (الملك لير) بموت مأساوي لكورديليا والملك لير ، لكن هذا لا يعني انتصاراً لغونريل وريغن ،
الم يحن الاوان كي نوقف هذا النفاق ونحن نتسمر أمام هاملت طالبين الثأر لأبيه من عمه ونحن قد كسرنا مرآتنا وما عدنا ننظر اليها !
لنسأل أنفسنا سؤال محدد وواضح ؟ لماذا نعشق اعمال شكسبير ، وماذا تعني لنا ، وهل نحن عطيل (القاتل والمنتحر المخدوع والذي بيديه يخنق حبيبته دزديمونة بسبب مكيدة قذرة من إياغو) كم منا اداة غبية بأيدي الشر كعطيل الذي انتحر بعد فوات الاوان ؟ كم منا غونريل وريغن (استغلال الاب ، الصديق ، القريب لمآرب شخصية حقيرة) (تعاضد الشر ضد الخير) ؟
كم منا هاملت ؟ (عقدة أوديب)
كم منا الملك لير (الأب الاحمق الساذج رغم طيبته)
كم منا إياغو (الشر المطلق) الذي يفتعل المكيدة الحقيرة انتقاما لتقديم الضابط كاسيو عليه من قبل قائده عطيل فيدمر حقده كل شيء ويستخدم ذكائه الحاد بخبث نادر ان تجد له مثيلا في كل اعمال شكسبير ؟
هل سألتم انفسكم ؟ على الاقل أسأل نفسي ولا أعطي الذريعة لنفسي كي تتمادى أكثر في غيها ازاء الآخر ، ولا آبه ان كان الاخر نموذج جيد أم أرعن ، فهذا شأنه ولي شأن ،
ها من سأل نفسه !
كتب وليد الشبيبي
18 تشرين الأول/ أكتوبر 2010
18 تشرين الأول/ أكتوبر 2010
عدل سابقا من قبل وليد محمد الشبيبي في الجمعة 03 ديسمبر 2010, 1:46 pm عدل 1 مرات