اختيار الزوجة
سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه المولى
ثلاثة أبعاد أساسية ينبغي أن يهتم بها الرجل في صفات من يختارها زوجة له:
الأول: شرف الأسرة: بأن تكون الزوجة منتمية لعائلة صالحة، وأسرة شريفة، وبذلك يتوقع منها الخير والصلاح لما للوراثة والتربية من أثر، وينعكس ذلك أيضاً على نسلها وذريتها، كما يطمئن الإنسان إلى حسن العلاقة والارتباط بالأسرة الصالحة، فهو سيتداخل معهم حينما يصبح صهراً لهم.
ورد في الحديث أن رسول الله قام خطيباً فقال: أيها الناس، إياكم وخضراء الدِمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدِمن؟ قال : «المرأة الحسناء في منبت السوء»[1] . يشبّه المرأة الجميلة في العائلة السيئة بالنبتة الخضراء في مكان فضلات الحيوانات.
وفي حديث آخر عنه : «"انكحوا الأكفاء وانكحوا فيهم واختاروا لنطفكم"»[2] .
وينبغي الإشارة هنا إلى أنه قد تكون هناك فتاة صالحة تتجاوز تأثيرات محيطها وعائلتها السيئة، وتتشكل لها شخصيتها المستقلة المناسبة، ومثل هذه الفتاة يطمئن الإنسان إلى الزواج منها.
الثاني: التدين والأخلاق الفاضلة: فهي ستكون شريكة الإنسان في حياته وأقرب الناس إليه، وهي مربية أولاده، وبتدينها وحسن أخلاقها، تتوفر أجواء السعادة والثقة والارتياح.
جاء في الحديث عن النبي أنه قال: «"عليكم بذات الدين"»[3]
وعنه : «"من سعادة المرء الزوجة الصالحة"»[4] .
الثالث: الحسن والجمال لما لذلك من دور في إشباع الغريزة وإرضاء العاطفة، والجمال حالة نسبية تتفاوت في تفاصيلها الأذواق، ويكفي منه المستوى الطبيعي المتعارف، ولا ينبغي أن يكون الجمال وحده هو مقياس الاختيار، دون اهتمام بالأبعاد الأخرى، لأن الحياة الزوجية لا تقوم على الجانب العاطفي وحده.
التعرّف والاختيار:
كيف يتعرف الرجل على من يريدها زوجة له؟ وكيف يتأكد من توفر المواصفات المطلوبة فيها؟
فيما يرتبط بوضعيتها الأسرية العائلية، الأمر واضح ميسور، فلكل عائلة سمعتها ومكانتها في المجتمع، وبإمكان الإنسان أن يتحصل على المعلومات الكافية عن وضع أي أسرة من أوساط المجتمع المحيط بها.
أما بالنسبة للصفات الشخصية للفتاة من أخلاقية وجمالية فهناك الطرق التالية:
أولاً: المعرفة المباشرة: فيما إذا كانت هناك قرابة أو تداخل عائلي، أو زمالة في مجال العمل، فإن ذلك يتيح للرجل عادة فرصة المعرفة للفتاة، بمعنى اطلاعه بشكل عام على سلوكها وصفاتها.
ثانياً: القياس والاستنتاج: فمن خلال ما يظهر من صفات أهل الفتاة يمكن بالقياس والاستنتاج تكوين انطباع وصورة عنها، في الجانب الأخلاقي والجمالي، نظراً للتشابه والتقارب في صفات أبناء العائلة الواحدة غالباً.
ثالثاً: الاعتماد على تقويم الآخرين: بأن يسأل عن الفتاة من القريبين لها، والمطلعين على أحوالها، أو أن يكلّف بعض قريباته من النساء باستكشاف وضعها، وموافاته بأخبارها وأحوالها.
الموضوعية في التقويم:
حينما يضع الإنسان ثقته في شخص ويتشيره في اختيار فتاة ما، أو يعتمد على تقويمه لها، فإن على هذا المستشار رجلاً أو امرأة أن يكون صادقاً في إخباره، موضوعياً في تقويمه، فيحكي عن الواقع الذي يعرفه دون زيادة أو نقصان.فنذكر الايجابيات ونقاط القوة التي يعرفها وإذا كان هناك نقص أو عيب فعليه أن يذكره للمستشير، وقد استثنى الشارع المقدس مثل هذا المورد من الغيبة المحرّمة، قال الشيخ الأنصاري فيما استثني من الغيبة: (منها: نصح المستشير فإن النصيحة واجبة للمستشير فان خيانته قد تكون أقوى مفسدة من الوقوع في المغتاب. وكذلك النصح من غير استشارة فإن من أراد تزويج امرأة وأنت تعلم بقبائحها التي توجب وقوع الرجل من أجلها في الغيبة والفساد فلا ريب أن التنبيه على بعضها وإن أوجب الوقيعة فيها أولى من ترك نصح المؤمن، مع ظهور عدة من الأخبار في وجوبه)[5] .
وورد أن فاطمة بنت قيس جاءت إلى رسول الله فأخبرته أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها، فقال :«"أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد"»[6] .
وروي عن رسول الله أنه قال: «"إذا استنصحتم فأنصحوا"»[7] .
النظر إلى المخطوبة:
ومن أجل توفير أكبر ضمانات ممكنة لإنجاح العلاقة الزوجية، أتاح الإسلام للرجل فرصة التعرف على مخطوبته مباشرة، بالنظر إليها، ورؤية معالم شكلها، مع أنها لا تزال أجنبية عليه.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله : «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" قال جابر: فخطبت جارية فكنت اتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها»[8] .
وفي حديث آخر أنه قال للمغيرة وقد خطب امرأة: «"انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"»[9] أي اجدر وأدعى أن يحصل الوفاق والملاءمة بينكما.
وفي رواية صحيحة عن الإمام جعفر الصادق أنـه قال:« "لا بأس بأن يـنظر إلى وجهــها ومـعاصمها إذا أراد أن يتـــزوجـها "»[10] .
وهذه المسألة مورد اتفاق عند فقهاء المسلمين سنة وشيعة. ولعل من الأفضل أن يكون النظر إلى المخطوبة قبل التقدم لخطبتها، حتى لا يكون انصرافه عنها إن لم يرغب فيها موجباً لشيء من التأثر في نفسها.
حدود النظر إلى المخطوبة:
يرى أكثر فقهاء أهل السنة أن للخاطب أن ينظر إلى من يريد خطبتها في حدود الوجه والكفين فقط، وأضاف أبو حنيفة جواز النظر إلى قدميها أيضاً، أما فقهاء الشيعة فيرى أكثرهم أنه: (يجوز لمن يريد تزويج امرأة أن ينظر إلى وجهها وكفيها وشعرها ومحاسنها بل لا يبعد جواز النظر إلى سائر جسدها ما عدا عورتها، وإن كان الأحوط خلافه (احتياط استحبابي) ولا يشترط أن يكون ذلك بإذنها ورضاها. نعم يشترط أن لا يكون بقصد التلذذ وإن علم أنه يحصل بنظرها قهراً، ويجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الغرض وهو الاطلاع على حالها بالنظر الأول)[11] .
ويحدث في بعض الحالات أن يتزوج الرجل من امرأة لم تسبق له رؤيتها، فإذا ما رآها لم توافق ذوقه، وحينئذٍ إما أن يقبلها على عدم ارتياح منه، وإما أن يتركها بعد العقد عليها، مما يوجب لها حرجاً وانكساراً عاطفياً، وحتى لا يقع مثل ذلك أباح الشارع رؤية الفتاة لمن يريد تزوجها، كما أجاز للفتاة أن تراه أيضاً، كما هو رأي جمع من الفقهاء.
قال السيد الشيرازي: (ولا يبعد جواز نظر المرأة أيضاً إلى الرجل الذي يريد تزويجها، كما عن القواعد وغيره، وقوّاه الشيخ المرتضى، بل في المستند أنه صريح جماعة لاتحاد العلة، بل الأولوية حيث أن الرجل يمكنه الطلاق لو لم يستحسنها بخلاف الزوجة)[12] .
ونص على جواز نظر المرأة للرجل الخاطب لها الحنابلة كما في كشف القناع والشافعية كما في حاشية القليوبي[13] .
سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه المولى
ثلاثة أبعاد أساسية ينبغي أن يهتم بها الرجل في صفات من يختارها زوجة له:
الأول: شرف الأسرة: بأن تكون الزوجة منتمية لعائلة صالحة، وأسرة شريفة، وبذلك يتوقع منها الخير والصلاح لما للوراثة والتربية من أثر، وينعكس ذلك أيضاً على نسلها وذريتها، كما يطمئن الإنسان إلى حسن العلاقة والارتباط بالأسرة الصالحة، فهو سيتداخل معهم حينما يصبح صهراً لهم.
ورد في الحديث أن رسول الله قام خطيباً فقال: أيها الناس، إياكم وخضراء الدِمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدِمن؟ قال : «المرأة الحسناء في منبت السوء»[1] . يشبّه المرأة الجميلة في العائلة السيئة بالنبتة الخضراء في مكان فضلات الحيوانات.
وفي حديث آخر عنه : «"انكحوا الأكفاء وانكحوا فيهم واختاروا لنطفكم"»[2] .
وينبغي الإشارة هنا إلى أنه قد تكون هناك فتاة صالحة تتجاوز تأثيرات محيطها وعائلتها السيئة، وتتشكل لها شخصيتها المستقلة المناسبة، ومثل هذه الفتاة يطمئن الإنسان إلى الزواج منها.
الثاني: التدين والأخلاق الفاضلة: فهي ستكون شريكة الإنسان في حياته وأقرب الناس إليه، وهي مربية أولاده، وبتدينها وحسن أخلاقها، تتوفر أجواء السعادة والثقة والارتياح.
جاء في الحديث عن النبي أنه قال: «"عليكم بذات الدين"»[3]
وعنه : «"من سعادة المرء الزوجة الصالحة"»[4] .
الثالث: الحسن والجمال لما لذلك من دور في إشباع الغريزة وإرضاء العاطفة، والجمال حالة نسبية تتفاوت في تفاصيلها الأذواق، ويكفي منه المستوى الطبيعي المتعارف، ولا ينبغي أن يكون الجمال وحده هو مقياس الاختيار، دون اهتمام بالأبعاد الأخرى، لأن الحياة الزوجية لا تقوم على الجانب العاطفي وحده.
التعرّف والاختيار:
كيف يتعرف الرجل على من يريدها زوجة له؟ وكيف يتأكد من توفر المواصفات المطلوبة فيها؟
فيما يرتبط بوضعيتها الأسرية العائلية، الأمر واضح ميسور، فلكل عائلة سمعتها ومكانتها في المجتمع، وبإمكان الإنسان أن يتحصل على المعلومات الكافية عن وضع أي أسرة من أوساط المجتمع المحيط بها.
أما بالنسبة للصفات الشخصية للفتاة من أخلاقية وجمالية فهناك الطرق التالية:
أولاً: المعرفة المباشرة: فيما إذا كانت هناك قرابة أو تداخل عائلي، أو زمالة في مجال العمل، فإن ذلك يتيح للرجل عادة فرصة المعرفة للفتاة، بمعنى اطلاعه بشكل عام على سلوكها وصفاتها.
ثانياً: القياس والاستنتاج: فمن خلال ما يظهر من صفات أهل الفتاة يمكن بالقياس والاستنتاج تكوين انطباع وصورة عنها، في الجانب الأخلاقي والجمالي، نظراً للتشابه والتقارب في صفات أبناء العائلة الواحدة غالباً.
ثالثاً: الاعتماد على تقويم الآخرين: بأن يسأل عن الفتاة من القريبين لها، والمطلعين على أحوالها، أو أن يكلّف بعض قريباته من النساء باستكشاف وضعها، وموافاته بأخبارها وأحوالها.
الموضوعية في التقويم:
حينما يضع الإنسان ثقته في شخص ويتشيره في اختيار فتاة ما، أو يعتمد على تقويمه لها، فإن على هذا المستشار رجلاً أو امرأة أن يكون صادقاً في إخباره، موضوعياً في تقويمه، فيحكي عن الواقع الذي يعرفه دون زيادة أو نقصان.فنذكر الايجابيات ونقاط القوة التي يعرفها وإذا كان هناك نقص أو عيب فعليه أن يذكره للمستشير، وقد استثنى الشارع المقدس مثل هذا المورد من الغيبة المحرّمة، قال الشيخ الأنصاري فيما استثني من الغيبة: (منها: نصح المستشير فإن النصيحة واجبة للمستشير فان خيانته قد تكون أقوى مفسدة من الوقوع في المغتاب. وكذلك النصح من غير استشارة فإن من أراد تزويج امرأة وأنت تعلم بقبائحها التي توجب وقوع الرجل من أجلها في الغيبة والفساد فلا ريب أن التنبيه على بعضها وإن أوجب الوقيعة فيها أولى من ترك نصح المؤمن، مع ظهور عدة من الأخبار في وجوبه)[5] .
وورد أن فاطمة بنت قيس جاءت إلى رسول الله فأخبرته أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها، فقال :«"أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد"»[6] .
وروي عن رسول الله أنه قال: «"إذا استنصحتم فأنصحوا"»[7] .
النظر إلى المخطوبة:
ومن أجل توفير أكبر ضمانات ممكنة لإنجاح العلاقة الزوجية، أتاح الإسلام للرجل فرصة التعرف على مخطوبته مباشرة، بالنظر إليها، ورؤية معالم شكلها، مع أنها لا تزال أجنبية عليه.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله : «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" قال جابر: فخطبت جارية فكنت اتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها»[8] .
وفي حديث آخر أنه قال للمغيرة وقد خطب امرأة: «"انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"»[9] أي اجدر وأدعى أن يحصل الوفاق والملاءمة بينكما.
وفي رواية صحيحة عن الإمام جعفر الصادق أنـه قال:« "لا بأس بأن يـنظر إلى وجهــها ومـعاصمها إذا أراد أن يتـــزوجـها "»[10] .
وهذه المسألة مورد اتفاق عند فقهاء المسلمين سنة وشيعة. ولعل من الأفضل أن يكون النظر إلى المخطوبة قبل التقدم لخطبتها، حتى لا يكون انصرافه عنها إن لم يرغب فيها موجباً لشيء من التأثر في نفسها.
حدود النظر إلى المخطوبة:
يرى أكثر فقهاء أهل السنة أن للخاطب أن ينظر إلى من يريد خطبتها في حدود الوجه والكفين فقط، وأضاف أبو حنيفة جواز النظر إلى قدميها أيضاً، أما فقهاء الشيعة فيرى أكثرهم أنه: (يجوز لمن يريد تزويج امرأة أن ينظر إلى وجهها وكفيها وشعرها ومحاسنها بل لا يبعد جواز النظر إلى سائر جسدها ما عدا عورتها، وإن كان الأحوط خلافه (احتياط استحبابي) ولا يشترط أن يكون ذلك بإذنها ورضاها. نعم يشترط أن لا يكون بقصد التلذذ وإن علم أنه يحصل بنظرها قهراً، ويجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الغرض وهو الاطلاع على حالها بالنظر الأول)[11] .
ويحدث في بعض الحالات أن يتزوج الرجل من امرأة لم تسبق له رؤيتها، فإذا ما رآها لم توافق ذوقه، وحينئذٍ إما أن يقبلها على عدم ارتياح منه، وإما أن يتركها بعد العقد عليها، مما يوجب لها حرجاً وانكساراً عاطفياً، وحتى لا يقع مثل ذلك أباح الشارع رؤية الفتاة لمن يريد تزوجها، كما أجاز للفتاة أن تراه أيضاً، كما هو رأي جمع من الفقهاء.
قال السيد الشيرازي: (ولا يبعد جواز نظر المرأة أيضاً إلى الرجل الذي يريد تزويجها، كما عن القواعد وغيره، وقوّاه الشيخ المرتضى، بل في المستند أنه صريح جماعة لاتحاد العلة، بل الأولوية حيث أن الرجل يمكنه الطلاق لو لم يستحسنها بخلاف الزوجة)[12] .
ونص على جواز نظر المرأة للرجل الخاطب لها الحنابلة كما في كشف القناع والشافعية كما في حاشية القليوبي[13] .