المالكي لا يعلم أم لا يستطيع
الكل يتحدث هذه الأيام عن الفساد المالي والإداري في العراق حتى إن احد التقارير-تقرير هيئة النزاهة العامة في العراق الذي اعتمد على عدد الشكاوى المقدمة على كل وزارة كمعيار- ذُكرت فيه قائمة بأكثر الوزارات فساداً في العراق
والغريب إن وزارة التجارة والتي أُعتقل وزيرها مؤخراً جاءت في آخر تلك القائمة فكيف بالوزارات التي تقع في المقدمة هل يستحق وزرائها الحرق مثلاً-وصدرت مئات التقارير وآلاف الأخبار والمقالات عن هذا الفساد الذي وصل إلى المدراء العامين ووكلاء الوزارات والوزراء ومكتب رئيس الوزراء بل ربما ستصل النوبة إلى المالكي نفسه-اقصد هنا بوصل وجود أدلة-، ولا اعتقد إننا نحتاج إلى جهد كبير لإثبات الفساد المالي والوزاري لأنه منتشر ويراه الجميع ولا سيما إن الفساد لا يعني قانوناً اخذ الرشا فقط وإنما يشمل كل تصرف يؤدي إلى هدر المال العام أو صرفه في غير محله أو إضاعة الفرص الاقتصادية أو التأثير على مستوى الرفاه الاقتصادي للمواطن وغيرها ولو أردنا أن نتحدث عن مصاديق هذا الفساد في الواقع العراقي لاحتجنا إلى مجلدات ولكننا سنكتفي بضرب أمثلة في ثلاث وزارات فقط ألا وهي وزارة الدفاع والتجارة والنفط فنقول:
1-وزارة الدفاع:-
كل العراقيين يعرفون بأنه من غير الممكن –عدى في حالات نادرة- الحصول على فرصة تعيين في هذه الوزارة –والوزارات الأخرى- من غير طريق الواسطة-واغلب الأحيان تكون واسطة حزبية- أو بالرشوة وقد وصلت الأسعار في وزارة الدفاع إلى أرقام خيالية –بالدولار- وعبر شبكات يشترك فيها كبار الضباط والقادة ولا ينتهي الأمر عن هذا الحد فالإجازة يمكن الحصول عليها مقابل ثمن ونقل المنتسب من وحدة عسكرية إلى أخرى له سعره الخاص هو الآخر وحسب الراحة وقد انتهت منذ مدة طويلة في اغلب الوحدات العسكرية الفترة التي كان ينعم بها العسكري العراقي بوجبة طعام جيدة ونظيفة فالمقاولين يدفعون الأموال للمسؤولين العسكريين مقابل تقليل الوجبات واختيار نوعية الطعام الرديئة والتجهيزات العسكرية للعسكري هي الأخرى مسها الفساد وصار تباع في الشوارع وتكون في اغلب الأحيان من مناشىء رديئة هذه الأمور يلحظها المواطن العادي ويسمع بها من حين لآخر ولكن هناك أمور اكبر تجري في الخفاء لا يعلم بها إلا القليلون وتخرج بين الحين لآخر بعض التقارير التي تشير إليها منها الصفقات العسكرية مع الارهابين ومع المهربين ومع الشركات التي تجهز وزارة الدفاع بما تحتاج إليه وغيرها من الأمور التي جعلت وزارة الدفاع تستحق مكانها في الصدارة كأكثر الوزارات فساداً في العراق.
2-وزارة التجارة:-
ولا يحتاج الأمر مزيد جهد لكي تعرف إلى أي مستوى وصل الفساد في وزارة التجارة فيكفي أن تكون مواطناً من الأغلبية الساحقة –عفواً المسحوقة- التي تعتمد في حياتها على الحصة التموينية فالطحين ليس كمثل طحين الآخرين لأنه غني بالحديد والبروتين-نشارة وفضلات- بل ربما فيه مواد أخرى لا نعلم بها والشاي صار يستعمل في بعض القرى مكان التبن في الخلطة الطينية للبناء–كما رأيت بعيني- وصار التابوت منه –كما يسمونه في السوق-وهو صندوق كبير يباع بألفي دينار فقط والصابون من يستعمله يقف شعر رأسه يومين –احتراماً لوزير التجارة طبعا- والدهن أكاد اجزم انه سبب للعراقيين الكثير من الأمراض لردائه نوعيته وغيرها من المفردات رغم البعض منها اختفى أو كاد من الحصة الشهرية ولا يأتي دائماً هذا الفساد على المستوى المنظور للمواطن العادي فقط أما المخفي فهو اكبر واكبر فهذه المواد بالمواصفات التي ذكرناها لم تأتي للعراق لان المسؤولين في وزارة التجارة يريدون تخفيف الضغط على ميزانية الدولة فيشترون ارخص الأشياء ولا لأنهم عميان لا يرون الخلل بل لان هذه الخلل تُدفع مقابله المليارات للمسؤولين بما فيهم وزير التجارة نفسه وإخوته–ومن هذه الأموال دفع هذا الوزير كفالته البالغة 250 مليون دينار فقط أي ما يعادل راتب ألف شهر أكثر من ثمانين سنة فقط لموظف بسيط- وغيرها من الأمور التي يصعب علينا عدها فضلاً عن التفاصيل.
3-وزارة النفط:-
أو أم الخبزة كما يسميها بعض العراقيين فهي المصدر الأساسي ويكاد يكون الوحيد للدخل القومي وفيها من الفساد ما يشيب له رأس الرضيع فالنفط العراقي يُهرب على مرأى ومسمع من الجميع –هذا الملف تشترك فيه وزارة الدفاع والداخلية والنقل-والكوبونات توزع هنا وهناك في الأردن وفي الإمارات وفي غيرها من الدول ويشترك فيها كبار المسؤولين في الدولة –كمثال فقط ابن الجعفري وعمار الحكيم واخو الشهرستاني ووووو- والنفط العراقي يُسرق من دول الجوار من خلال الإنتاج المنفرد من الحقول المشتركة خلافاً للقوانين والكل صامت لأنهم قبضوا الثمن-حقل مجنون على الحدود الإيرانية والحقول على الحدود مع الكويت- وشركات المشاركة أو عقود الخدمة أو سمها ما شئت يتم اختيارها وفقاً لقيمة مبلغ (الكومشن) أي الرشوة فمن يدفع أكثر فهو مؤهل وغيرها من الملفات التي ربما ستكشف في القريب العاجل.
هذه الوزارات وغيرها التي تُسرق فيها من أموال الشعب سنوياً عشرات المليارات من الدولارات في اكبر عملية سرقة تم التوافق عليها –لا تعلم على الحرامي مالتي وانا ما اعلم على الحرامي مالتك- وإشغال الشعب بهموم ومشاكل أخرى بل وإيهامه بان من يقوم بالسرقة والفساد هم آخرون خارج الحكومة أو غيرها من العنوانين هذا والشعب مليء بالجياع والفقراء –تقول التقارير إن عددهم يصل إلى تسعة ملايين شخص يعيشون على البطاقة التموينية ودون خط الفقر-والأرامل –تقول التقارير إن العدد وصل إلى ثمانية ملايين-والأيتام –تقول التقارير إن عددهم بلغ مليونين ونصف-والعاطلين عن العمل الذين ربما كان يكفي عشر هذه المبالغ لحل مشاكلهم .
فأين المالكي من كل هذا فهل هو لا يعلم وهو رئيس الوزراء هذا طبعا غير منطقي ولو كان موجوداً لدل على إن الرجل لا يصلح أن يكون مدير ناحية فضلاً عن رئيس وزراء ، أم هل هو يعلم ولكنه لا يستطيع إيجاد حل مرة لأن الوضع الحالي مفروض عليه من جهات خارجية ومرة لأنه لا يد له في اختيار وزرائه قد يكون كلا الأمرين صحيحين ولكن القانون يبيح له محاسبة الوزراء وهو يدعو إلى دولة القانون كما يقول فلماذا الصمت؟.
كل المؤشرات تقول بأنه يعلم وأوضح دليل دعوته لإعلان الحرب على الفساد الأخيرة وهي ليست الأولى وقوانين الدولة وما يدعو له ويتشدق به تقول انه يستطيع أن يعالج ولكنه لا يريد وأوضح الأدلة على ذلك إبقاءه على القانون الذي يسمح للوزراء بحماية المفسدين في وزاراتهم وتهريبه للدايني الذي قيل انه لديه ملفات تثبت قضايا فساد ومحاولته لدعم ومن ثم تهريب السوداني وزير التجارة الفاسد ومحاولته لمنع استجواب باقي الوزراء من قبل البرلمان وغيرها من الأدلة فلماذا لا يريد المالكي معالجة الفساد؟؟
الجواب ببساطة ووضوح هو لان المالكي جزء من هذا الفساد بل هو رأس هذا الفساد وستثبت الأيام صدق هذا المدعى.
يمكنكم مشاهدة الموضوع والتعليق عليه بالنقر على الرابط التالي:
http://www.alfadn.com/news.php?action=view&id=2574
منقول
حسين الفيلي