رح دعاء اليوم التاسع من رمضان
(اَللّـهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ نَصيباً مِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ، وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السّاطِعَةِ، وَخُذْ بِناصِيَتي اِلى مَرْضاتِكَ الْجامِعَةِ، بِمَحَبَّتِكَ يا اَمَلَ الْمُشْتاقينَ).
- (اَللّـهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ نَصيباً مِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ...) :
نلاحظ أنه الداعي الصائم في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان ، يطلب من الله عزوجل أمراً متميزاً ، عما وعده الله عزوجل لعباده.. ومن المعلوم أن هناك رحمة إلهية عامة متجلية للجميع -رحمة رحمانية- ، وهناك رحمة رحيمية.. وهل هناك أوسع من أن يرزق الله سبحانه وتعالى عبداً ينكر وجوده ؟!.. أو يتمرد على أوامره ؟!.. إذن، هذه رحمة كبيرة جداً ، لا تحتملها الأوهام.. ولكن المؤمن في هذا اليوم يطمع في أمر آخر ، فيقول : يا رب !.. هذه رحمة عامة ، فأين ما كتبته لي من تلك الرحمة الخاصة ؟..
ومن المعلوم أن تلك الرحمة الخاصة عبارة عن ذلك القوت ، الذي رب العزة والجلال لا يقدمه إلا لخواص عباده.. ومن هنا وردت هذه العبارة المتعارفة في كتب الكلام وفي كتب الفلسفة : جل جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد.. لأن العطاء المعنوي عطاء متميز ، لا يعطى إلا للثلة القليلة.. ولأنه متميز ، فإنه يحتاج إلى إصرار ، ويحتاج إلى متابعة.. الإنسان قد يسأل الله عزوجل أداء دين ، أو شفاء مرض ، وبركعتين يصليهما في جوف الليل ، ترفع مشاكله المادية.. ولكن المعنى ليس كذلك.. المعنى يحتاج إلى جهد جهيد.. ولهذا النبي الأكرم (ص) وقفة من وقفات غار حراء ، تقضي له حوائج الدنيا بكل صورها.. ولكن عليه أن يتعبد أربعين سنة ، متنقلاً من الغار إلى المسجد الحرام : ذهاباً وإياباً ، ذاكراً ، باكياً ، ساجداً ، راكعاً ؛ حتى يبعثه الله عزوجل المقام المحمود.. فإذن، الذين يتوقعون بعض الدرجات الكمالية المعنوية ، عليهم بطول البال ، فإنه ذلك يحتاج إلى دعاء حثيث ، ويحتاج إلى سعي متواصل ، والدعاء جزء العلة.
- (وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السّاطِعَةِ...) :
إن الله عزوجل له براهين.. برهان الفطرة : فالطفل يفهم أن هناك خالقاً خلقه.. والإنسان الكافر الذي يتورط في ظلمات البر والبحر ، فإنه يعود إلى البراهين الساطعة : برهان الفطرة ، وبرهان الاضطرار ، والبرهان الفلسفي : لكل علة معلول.. هذه براهين.. ولكن هناك برهان الانكشاف والرؤية الحصولية ، وهو : أن الإنسان يصل إلى درجة ، ويعتقد في تلك الدرجة بعالم الغيب ، كما يعتقد بعالم الشهود.. ولهذا في دعاء عرفة المنسوب للإمام الحسين (ع) ، يقول الداعي : ألغيرك من الظهور ما ليس لك ؟!.. متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ؟!.. عميت عين لا تراك !.. فالمبتدئين والأطفال الصغار يستدلون بالشجر على وجود الله ، وبالمجرة على وجود الله.. ولكن الصالحين ليسوا كذلك !.. فإنهم لا يحتاجون إلى برهان العلة والمعلول ، لأنهم رأوا ما لم يره الآخرون.. ولهذا عندما سأل أحدهم أمير المؤمنين (ع) : هل رأيت ربك ؟.. قال (ع) : كيف أعبد رباً لم أره !.. وفي نص آخر يقول (ع) : (ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه)..
إذن، البرهان الساطع إذا أشرق في القلب ، فقد زالت الحجب من النفس ، وما بقي شيء.. إن الإنسان الذي يعصي ، لأنه لا يرى الله عزوجل.. ولكن لو وصل إلى اليقين برؤية الله عزوجل له ، كما في قوله تعالى : {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ؛ لعامله معاملة الرقابة الاجتماعية.. ومن المعلوم أن الإنسان لا يخطئ في السير في طريقه ؛ لأنه يخاف من المرور ، ولأنه يرى الرقابة البشرية.. فإذا رأى الرقابة الإلهية ، بنفس الوضوح ، وبنفس اليقين ؛ أيضاً فإنه لا يحتاج الأمر إلى زجر ووعد ووعيد وما شابه ذلك.
- (وَخُذْ بِناصِيَتي إِلى مَرْضاتِكَ الْجامِعَةِ...) :
وكأن الإنسان المؤمن هنا يعترف بواقع ضعفه ، فيقول : يا ربي، لو تركتني ونفسي فإن شهواتي تغلبني ، والمجتمع يقودني إلى الجهة التي يريدها.. ماذا أعمل مع غرائزي ، ونفسي الأمارة بالسوء ، وتاريخي الأسود ؟!.. حالاتي وأموري لا تبشر بخير !.. يا ربي، أنت خذ بناصيتي ، كما تقول في كتابك الكريم : {مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}.. كما تأخذ بناصية الدواب في عالم المادة ، وكما تأخذ بناصية النحلة ، فتسوقها إلى الجبال : {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}.. يا ربي، أنت الذي سقت النحلة إلى خليتها سوقاً بداعي الفطرة ، كذلك خذ بيدي إليك !.. خذ بناصيتي إليك !.. خذ بناصيتي إلى مرضاتك الجامعة !..
- (بِمَحَبَّتِكَ يا أَمَلَ الْمُشْتاقينَ) :
وكأن الإنسان المؤمن يريد أن يقول : يا ربي !.. أنا ليس لي بضاعة ، وليس لي علم متميز ، وليس لي عمل متميز ؛ ولكنك تعلم أن في قلبي حباً لك ؛ فبهذه المحبة - يا أمل المشتاقين !- أعطني سؤلي في هذا اليوم من أيام شهر رمضان..
وفقنا الله وإياكم ، لأن نكون من المشتاقين إلى لقائه
(اَللّـهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ نَصيباً مِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ، وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السّاطِعَةِ، وَخُذْ بِناصِيَتي اِلى مَرْضاتِكَ الْجامِعَةِ، بِمَحَبَّتِكَ يا اَمَلَ الْمُشْتاقينَ).
- (اَللّـهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ نَصيباً مِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ...) :
نلاحظ أنه الداعي الصائم في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان ، يطلب من الله عزوجل أمراً متميزاً ، عما وعده الله عزوجل لعباده.. ومن المعلوم أن هناك رحمة إلهية عامة متجلية للجميع -رحمة رحمانية- ، وهناك رحمة رحيمية.. وهل هناك أوسع من أن يرزق الله سبحانه وتعالى عبداً ينكر وجوده ؟!.. أو يتمرد على أوامره ؟!.. إذن، هذه رحمة كبيرة جداً ، لا تحتملها الأوهام.. ولكن المؤمن في هذا اليوم يطمع في أمر آخر ، فيقول : يا رب !.. هذه رحمة عامة ، فأين ما كتبته لي من تلك الرحمة الخاصة ؟..
ومن المعلوم أن تلك الرحمة الخاصة عبارة عن ذلك القوت ، الذي رب العزة والجلال لا يقدمه إلا لخواص عباده.. ومن هنا وردت هذه العبارة المتعارفة في كتب الكلام وفي كتب الفلسفة : جل جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد.. لأن العطاء المعنوي عطاء متميز ، لا يعطى إلا للثلة القليلة.. ولأنه متميز ، فإنه يحتاج إلى إصرار ، ويحتاج إلى متابعة.. الإنسان قد يسأل الله عزوجل أداء دين ، أو شفاء مرض ، وبركعتين يصليهما في جوف الليل ، ترفع مشاكله المادية.. ولكن المعنى ليس كذلك.. المعنى يحتاج إلى جهد جهيد.. ولهذا النبي الأكرم (ص) وقفة من وقفات غار حراء ، تقضي له حوائج الدنيا بكل صورها.. ولكن عليه أن يتعبد أربعين سنة ، متنقلاً من الغار إلى المسجد الحرام : ذهاباً وإياباً ، ذاكراً ، باكياً ، ساجداً ، راكعاً ؛ حتى يبعثه الله عزوجل المقام المحمود.. فإذن، الذين يتوقعون بعض الدرجات الكمالية المعنوية ، عليهم بطول البال ، فإنه ذلك يحتاج إلى دعاء حثيث ، ويحتاج إلى سعي متواصل ، والدعاء جزء العلة.
- (وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السّاطِعَةِ...) :
إن الله عزوجل له براهين.. برهان الفطرة : فالطفل يفهم أن هناك خالقاً خلقه.. والإنسان الكافر الذي يتورط في ظلمات البر والبحر ، فإنه يعود إلى البراهين الساطعة : برهان الفطرة ، وبرهان الاضطرار ، والبرهان الفلسفي : لكل علة معلول.. هذه براهين.. ولكن هناك برهان الانكشاف والرؤية الحصولية ، وهو : أن الإنسان يصل إلى درجة ، ويعتقد في تلك الدرجة بعالم الغيب ، كما يعتقد بعالم الشهود.. ولهذا في دعاء عرفة المنسوب للإمام الحسين (ع) ، يقول الداعي : ألغيرك من الظهور ما ليس لك ؟!.. متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ؟!.. عميت عين لا تراك !.. فالمبتدئين والأطفال الصغار يستدلون بالشجر على وجود الله ، وبالمجرة على وجود الله.. ولكن الصالحين ليسوا كذلك !.. فإنهم لا يحتاجون إلى برهان العلة والمعلول ، لأنهم رأوا ما لم يره الآخرون.. ولهذا عندما سأل أحدهم أمير المؤمنين (ع) : هل رأيت ربك ؟.. قال (ع) : كيف أعبد رباً لم أره !.. وفي نص آخر يقول (ع) : (ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه)..
إذن، البرهان الساطع إذا أشرق في القلب ، فقد زالت الحجب من النفس ، وما بقي شيء.. إن الإنسان الذي يعصي ، لأنه لا يرى الله عزوجل.. ولكن لو وصل إلى اليقين برؤية الله عزوجل له ، كما في قوله تعالى : {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ؛ لعامله معاملة الرقابة الاجتماعية.. ومن المعلوم أن الإنسان لا يخطئ في السير في طريقه ؛ لأنه يخاف من المرور ، ولأنه يرى الرقابة البشرية.. فإذا رأى الرقابة الإلهية ، بنفس الوضوح ، وبنفس اليقين ؛ أيضاً فإنه لا يحتاج الأمر إلى زجر ووعد ووعيد وما شابه ذلك.
- (وَخُذْ بِناصِيَتي إِلى مَرْضاتِكَ الْجامِعَةِ...) :
وكأن الإنسان المؤمن هنا يعترف بواقع ضعفه ، فيقول : يا ربي، لو تركتني ونفسي فإن شهواتي تغلبني ، والمجتمع يقودني إلى الجهة التي يريدها.. ماذا أعمل مع غرائزي ، ونفسي الأمارة بالسوء ، وتاريخي الأسود ؟!.. حالاتي وأموري لا تبشر بخير !.. يا ربي، أنت خذ بناصيتي ، كما تقول في كتابك الكريم : {مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}.. كما تأخذ بناصية الدواب في عالم المادة ، وكما تأخذ بناصية النحلة ، فتسوقها إلى الجبال : {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}.. يا ربي، أنت الذي سقت النحلة إلى خليتها سوقاً بداعي الفطرة ، كذلك خذ بيدي إليك !.. خذ بناصيتي إليك !.. خذ بناصيتي إلى مرضاتك الجامعة !..
- (بِمَحَبَّتِكَ يا أَمَلَ الْمُشْتاقينَ) :
وكأن الإنسان المؤمن يريد أن يقول : يا ربي !.. أنا ليس لي بضاعة ، وليس لي علم متميز ، وليس لي عمل متميز ؛ ولكنك تعلم أن في قلبي حباً لك ؛ فبهذه المحبة - يا أمل المشتاقين !- أعطني سؤلي في هذا اليوم من أيام شهر رمضان..
وفقنا الله وإياكم ، لأن نكون من المشتاقين إلى لقائه