قصة قصيرة الأرض والنخلة والإنسان جعفر صادق المكصوصي
توارى النهار واضمحل النور وعبدالله ينظر إلى اللوحة الإلهية التي رسمت بأبهى صورها وكيف أن الأشعة بدأت تخفت شيئا فشيئا . كانت النخلة منتصبة القامة تتدلى من أذنيها الأقراط الذهبية وتتوشح قلادة هي الأبهى من كل الجواهر .
شعر عبدالله بعاطفة وحب عظيم يملآ قلبه ويتحكم بأنفاسه ذلك الحب الذي تجاوز حدود المحسوسات والمرئيات إلى ما بعد الخيال كان شعوره نحو النخلة المتمسكة بالأرض تمسك جزيئات الهواء مع بعضها يردد مع نفسه كلما انظر إلى ارتفاع هذه النخلة واعتدال قامتها اشعر بالزهو والفخر فهي ليست مجرد ظل يظلني ولا مجرد مصدر يدر عليَ بأجود أنواع التمر هي صديقتي ورفيقة عمري وهنالك سر لا يعرفه احد سواي وهي هو إنا نتحاور في شؤون شتى وعلاقتي بها عميقة ومتينة ومرتبطة ارتباط وثيق كارتباط جذورها في الأرض .
ـــ نخلتي العزيزة مالي أرى شحوب لون سعفك وانحناء شموخك .
ـــ مالي لا أكون كذلك والأرض التي تحتضنني وتغذيني مهانة يدنسها الإغراب .
ـــ ياسيدتي المباركة لا نريد أن نخسركما معا ابقي شامخة تمدين عزيمتنا بالقوة والإصرار والتواصل بالحياة .
ـــ ما هي سوى لحظات وجاء الجنود وآلاتهم العسكرية الغربية يقطعون بالأشجار ويرسمون الطريق الذي يريدون .
أشار احدهم وهو يتكلم بانجليزية مقيتة متعجرفة إلى المترجم بان يستدعي الشيخ الجالس تحت الشجيرات .
ـــ المترجم أيها الرجل سوف نقوم بتجريف الأشجار إلى مسافة 50 م عن الشارع ذلك لأننا نرى أنها تشكل تهديدا للقوات الأمريكية .
كان ذلك الحديث يدور وعبدالله يسمع حديث المترجم مع عمه وهذا يعني أن نخلته سوف تجرف أيضا رأى أن الشيخ يتوسل فيهم قائلا أن البستان هو أهم ما يملك وان الأشجار لا تقل أهمية عن أولاده .
لكن ذلك من دون جدوى فالقرار الأمريكي قد اتخذ بإعدام الأشجار ومنها النخلة المباركة وان التنفيذ يوم غد كان المترجم الفظ يتكلم وكأن كلامه سهام موجهة إلى عبدالله .
ذهب الجميع ولم يبقى سوى عبدالله والأشجار .
ـــ عندها تكلمت النخلة المباركة هذا يعني اليوم أخر يوم أتنفس فيه هواء البرية وأخر يوم ينتصب جذعي على الأرض الطيبة لقد قدمت الكثير أطعمت الناس وأويت اللائذين من الحرور وحتى من المطر.
ـــ سيدتي النخلة المباركة منذ وطئ الاحتلال ارض بلادي وكل شيء في بلادي يهلك الإنسان ، قيم الإنسانية ، العلاقات الإنسانية ، العلماء ، رجال الدين ، الابتسامة ، لحظات السعادة ، براءة الأطفال ، حتى الطيور التي كانت تأتي في الربيع والشتاء قل عديدها وألان جاء دورك لتضحي سيدتي المباركة.
ـــ لكن يا سيدتي لن اجعلها تمر عليهم بسلام فقد أعددت العدة ولو حاولوا بمسك إطرافك سيكون ذلك نهايتهم .
وكان الليل وكان العمل الثوري كان يستأذن من الأرض وهو يحشوها بالة قتل الغزاة وشريط حياته يمر منذ طفولته حيث كان يلعب تحت النخلة المباركة حتى دخوله المدرسة وهو يدرس تحتها حتى التقى أول مرة مع حبيبته تحتها أيضا .
إلى أن رأى الغزاة يدنسون الأرض لاح فجر البرية وسال النور وداعب النسيم الإعشاب والأغصان وشعر عبدالله كانت الدقائق تمر سريعا لأنه يعلم ما يكون عند الفجر امتطى النخلة فرسا أصيلا ليصول الصولة الشجاعة على أعداء الأرض والنخلة والإنسان .
جاء الغزاة يريدون أن ينفذوا أمر إعدام الأشجار .
عبدالله يمتطي النخلة يترقب وبيده جهاز قادر على إشعال الأرض تحتهم .
حال وصولهم جعل الأرض بركانا تحت إقدامهم .
حاول عبدالله النزول مسرعا رآه احد جنود الاحتلال سارع إلى قنصه سقط على الأرض مضرجا بدمائه التي سقت النخلة المباركة لم يتوقف الجنود عن جرف الأشجار رغم تكبدهم الخسائر فاختلط سعف النخلة المباركة بدماء عبدالله الزكية 0
جعفر صادق المكصوصي
[b]
توارى النهار واضمحل النور وعبدالله ينظر إلى اللوحة الإلهية التي رسمت بأبهى صورها وكيف أن الأشعة بدأت تخفت شيئا فشيئا . كانت النخلة منتصبة القامة تتدلى من أذنيها الأقراط الذهبية وتتوشح قلادة هي الأبهى من كل الجواهر .
شعر عبدالله بعاطفة وحب عظيم يملآ قلبه ويتحكم بأنفاسه ذلك الحب الذي تجاوز حدود المحسوسات والمرئيات إلى ما بعد الخيال كان شعوره نحو النخلة المتمسكة بالأرض تمسك جزيئات الهواء مع بعضها يردد مع نفسه كلما انظر إلى ارتفاع هذه النخلة واعتدال قامتها اشعر بالزهو والفخر فهي ليست مجرد ظل يظلني ولا مجرد مصدر يدر عليَ بأجود أنواع التمر هي صديقتي ورفيقة عمري وهنالك سر لا يعرفه احد سواي وهي هو إنا نتحاور في شؤون شتى وعلاقتي بها عميقة ومتينة ومرتبطة ارتباط وثيق كارتباط جذورها في الأرض .
ـــ نخلتي العزيزة مالي أرى شحوب لون سعفك وانحناء شموخك .
ـــ مالي لا أكون كذلك والأرض التي تحتضنني وتغذيني مهانة يدنسها الإغراب .
ـــ ياسيدتي المباركة لا نريد أن نخسركما معا ابقي شامخة تمدين عزيمتنا بالقوة والإصرار والتواصل بالحياة .
ـــ ما هي سوى لحظات وجاء الجنود وآلاتهم العسكرية الغربية يقطعون بالأشجار ويرسمون الطريق الذي يريدون .
أشار احدهم وهو يتكلم بانجليزية مقيتة متعجرفة إلى المترجم بان يستدعي الشيخ الجالس تحت الشجيرات .
ـــ المترجم أيها الرجل سوف نقوم بتجريف الأشجار إلى مسافة 50 م عن الشارع ذلك لأننا نرى أنها تشكل تهديدا للقوات الأمريكية .
كان ذلك الحديث يدور وعبدالله يسمع حديث المترجم مع عمه وهذا يعني أن نخلته سوف تجرف أيضا رأى أن الشيخ يتوسل فيهم قائلا أن البستان هو أهم ما يملك وان الأشجار لا تقل أهمية عن أولاده .
لكن ذلك من دون جدوى فالقرار الأمريكي قد اتخذ بإعدام الأشجار ومنها النخلة المباركة وان التنفيذ يوم غد كان المترجم الفظ يتكلم وكأن كلامه سهام موجهة إلى عبدالله .
ذهب الجميع ولم يبقى سوى عبدالله والأشجار .
ـــ عندها تكلمت النخلة المباركة هذا يعني اليوم أخر يوم أتنفس فيه هواء البرية وأخر يوم ينتصب جذعي على الأرض الطيبة لقد قدمت الكثير أطعمت الناس وأويت اللائذين من الحرور وحتى من المطر.
ـــ سيدتي النخلة المباركة منذ وطئ الاحتلال ارض بلادي وكل شيء في بلادي يهلك الإنسان ، قيم الإنسانية ، العلاقات الإنسانية ، العلماء ، رجال الدين ، الابتسامة ، لحظات السعادة ، براءة الأطفال ، حتى الطيور التي كانت تأتي في الربيع والشتاء قل عديدها وألان جاء دورك لتضحي سيدتي المباركة.
ـــ لكن يا سيدتي لن اجعلها تمر عليهم بسلام فقد أعددت العدة ولو حاولوا بمسك إطرافك سيكون ذلك نهايتهم .
وكان الليل وكان العمل الثوري كان يستأذن من الأرض وهو يحشوها بالة قتل الغزاة وشريط حياته يمر منذ طفولته حيث كان يلعب تحت النخلة المباركة حتى دخوله المدرسة وهو يدرس تحتها حتى التقى أول مرة مع حبيبته تحتها أيضا .
إلى أن رأى الغزاة يدنسون الأرض لاح فجر البرية وسال النور وداعب النسيم الإعشاب والأغصان وشعر عبدالله كانت الدقائق تمر سريعا لأنه يعلم ما يكون عند الفجر امتطى النخلة فرسا أصيلا ليصول الصولة الشجاعة على أعداء الأرض والنخلة والإنسان .
جاء الغزاة يريدون أن ينفذوا أمر إعدام الأشجار .
عبدالله يمتطي النخلة يترقب وبيده جهاز قادر على إشعال الأرض تحتهم .
حال وصولهم جعل الأرض بركانا تحت إقدامهم .
حاول عبدالله النزول مسرعا رآه احد جنود الاحتلال سارع إلى قنصه سقط على الأرض مضرجا بدمائه التي سقت النخلة المباركة لم يتوقف الجنود عن جرف الأشجار رغم تكبدهم الخسائر فاختلط سعف النخلة المباركة بدماء عبدالله الزكية 0
جعفر صادق المكصوصي
[b]