يمنعون الغناء ويحظرون عرض الملابس الداخلية النسائية.. في كربلاء!
كربلاء - عباس سرحان (نقاش)
بطلب من رجال دين، أصدرت حكومة كربلاء المحلية في 22 حزيران (يونيو) الماضي القانون رقم 114 الذي يحاسب على الاستماع إلى الأغاني ومشاهدة مقاطع فيديو الكليب "الفاضحة" في في المطاعم والمقاهي، كما يحاسب على ممارسات أخرى، أبرزها عرض الملابس الداخلية النسائية على واجهات المتاجر.
ويقول نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء، نصيف جاسم الخطابي، لـ"نقاش" إن "القانون يهدف إلى الحد من الممارسات التي تنتهك حرمة كربلاء".
ومع أن الشاب ماهر عبد يحرص على الالتزام بالقرار الجديد، وعلى ألا يجتاز صوت المغني الشعبي نوافذ سيارته، إلا أنه يقول إن القرار "يعتدي على حريتنا الشخصية" مستغربا صدوره عن جهة إدارية.
وفي مدينة مثل كربلاء، تحوي عتبات دينية يقدسها المسلمون الشيعة، ويزورها الملايين منهم سنويا، يتحفظ رجال الدين، ومعهم عدد من سكان المدينة والزوار، على الاستماع للأغاني عبر أجهزة التسجيل أو الراديو في الأماكن العامة، وعلى المظاهر "الخلاعية" معتبرين إنها "انتهاك لقدسية المكان".
وفضلا عن منع الغناء والرقص، شمل القرار الجديد ممارسات اخرى مثل "عرض الملابس النسائية، لاسيما الداخلية على واجهات المحلات بشكل فاضح، وترويج المعروضات الإباحية من صور وأفلام، وترويج الخمور، وارتداء الملابس غير المحتشمة من قبل النساء"، وجميعها اعتبرت ممارسات "لا تنسجم ومكانة كربلاء" على حد قول نائب رئيس مجلس المحافظة.
ويعتقد الخطابي أن من حق السلطات في كل المدن المقدسة حول العالم وضع ضوابط تهدف إلى الحفاظ على ملامح تلك المدن "حتى لا تنتهك حرمتها وتتساوى مع غيرها من المدن".
ويرفض الخطابي اعتبار القرار تجاوزا على الحريات الشخصية، ويقول إن "الحريات الشخصية يمكن أن تمارس في أوقات الخلوة".
ويوضح وجهة نظر حكومته في موضوع الحريات الشخصية قائلا إن "الاستماع إلى الأغاني أو الغناء، أو إقامة حفلات الأعراس يمكن أن تتم في البيوت أو الفنادق المغلقة، كما أن عرض الملابس النسائية ينبغي أن يكون أكثر حشمة"، واصفا بعض الممارسات التي كانت تجري بأنها "تدمير لقيم المجتمع".
وكان رجال دين نافذين وخطباء جوامع قد حذروا من المساس بـ"قدسية كربلاء" بسبب الاستماع إلى الغناء في الأماكن العامة، وبسبب بعض حفلات الزفاف التي يستقدم أصحابها مطربين شعبيين، وأيضا من خلال فتح أجهزة التلفاز، في الأماكن العامة، على قنوات تبث كليبات تحوي مقاطع لراقصات.
وقد وصف رجل الدين البارز في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في وقت سابق، هذه المظاهر بأنها "منافية للإسلام" وأبدى استغرابه من عدم تصدي الحكومة لها.
في حين أشاد معتمد المرجع السيستاني بكربلاء أحمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة الأخيرة بقانون "الحفاظ على قدسية كربلاء" الذي ابتدعته الحكومة المحلية ودعا المواطنين إلى التقيد بما ورد فيه.
وقد نص القانون الذي أصدرته الحكومة المحلية، على معاقبة المتجاوزين وفقا للمادة 240 من قانون العقوبات، رقم 111 لسنة 1969، وتنص المادة المذكورة، بحسب المحامي، أحمد عبد الحسن النصرواي، "الحبس لمدة لا تزيد على ستة اشهر او بغرامة لا تزيد على مائة دينار لكل من خالف الأوامر الصادرة من موظف او مكلف بخدمة عامة او من مجالس البلدية او هيئة رسمية او شبه رسمية ضمن سلطاتهم القانونية او لم يمتثل اوامر اية جهة من الجهات المذكورة".
ويؤكد النصرواي، أن "مقدار الغرامة الواردة في نص المادة، أصبح لا يساوي شيئا، لذا يعود تقدير الغرامة اليوم إلى قاضي المحكمة وبمراعاة التعديلات التي ترد من وقت لآخر من وزارة العدل".
ويؤكد عدد من أهالي كربلاء التقتهم "نقاش" إن أحد لم يهتم قبل 2003 بما يبث وما يتم الاستماع إليه من الأغاني من خلال السيارات أو في الفنادق والمطاعم والمقاهي.
ولكن بعد هذا التاريخ تغيرت الأمور بشكل جذري، واتسعت المشاعر الدينية بشكل واضح. فمع ضعف سلطة الدولة خلال الأعوام من 2003 وحتى 2008 كان بإمكان عناصر من بعض الميليشيات المسلحة استهداف المواطنين لكونهم يستمعون إلى الأغاني في سياراتهم أو في محلاتهم، "كما لم يجرؤ أحد على إبداء مظاهر فرح سافرة خلال حفل زفاف، واستعيض عن الغناء بما يعرف بالمواليد، وهو نوع من الموشحات الدينية" على حد قول محمد جلال أحد قاطني المدينة.
ويصف محمد جلال (54 سنة) وهو عسكري متفاعد تلك السنوات بأنها كانت "مرعبة" مضيفا أن أحدا لم يكن يأمن من اقتحام مجموعة مسلحين منزله وإطلاقهم عدة عيارات نارية صوبه بحجة استماعه إلى الغنا.
ويخشى جلال أن يكون القانون الجديد ذريعة لتقييد الحريات الشخصية، ويقول إن" أحدا لا يمكنه التكهن بكيفية تطبيق هذا القانون، وما إذا كانت الجهات التنفيذية ستكون حيادية في تطبيقه أم أن أنه سيوفر مناخا مناسبا للدعاوى الكيدية".
فيما يؤيد رضا عبد الحسين (47 سنة)، ويعمل موظف في شركة اتصالات محلية، اتخاذ الحكومة المحلية لإجراءات ما للحد من ظاهرة الغناء والرقص التي تبث عبر أجهزة التلفاز أو المسجلات.
ويقول إن "الأسر الكربلائية المحافظة لم تعد تستمتع بوقت هادئ حين تزور العديد من الأماكن العامة مثل المتنزهات" مبينا أن "الشباب العاملين في هذه المتنزهات يقومون بعرض فيديو كليبات لمطربات خلاعيات أمام الأسر وهذا أمر يخالف عاداتنا وتقاليدنا".
من جهته أعرب منسق بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في كربلاء، علي كمونه، عن قلقه من ان يتم التوسع في تطبيق القانون، بما يؤدي إلى التضييق على الحريات الشخصية.
وقال كمونة لـ"نقاش" إن "من حق الأشخاص فعل ما يريدون شريطة عدم التجاوز على حقوق وحريات الآخرين".
ويضيف كمونة أن آلية تطبيق القانون الجديد ما زالت غامضة وتثير القلق، لكنه أكد حصول مكتب (يونامي) على تطمينات من الحكومة المحلية بأن القانون لا يهدف التضييق على الحريات العامة.
كربلاء - عباس سرحان (نقاش)
بطلب من رجال دين، أصدرت حكومة كربلاء المحلية في 22 حزيران (يونيو) الماضي القانون رقم 114 الذي يحاسب على الاستماع إلى الأغاني ومشاهدة مقاطع فيديو الكليب "الفاضحة" في في المطاعم والمقاهي، كما يحاسب على ممارسات أخرى، أبرزها عرض الملابس الداخلية النسائية على واجهات المتاجر.
ويقول نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء، نصيف جاسم الخطابي، لـ"نقاش" إن "القانون يهدف إلى الحد من الممارسات التي تنتهك حرمة كربلاء".
ومع أن الشاب ماهر عبد يحرص على الالتزام بالقرار الجديد، وعلى ألا يجتاز صوت المغني الشعبي نوافذ سيارته، إلا أنه يقول إن القرار "يعتدي على حريتنا الشخصية" مستغربا صدوره عن جهة إدارية.
وفي مدينة مثل كربلاء، تحوي عتبات دينية يقدسها المسلمون الشيعة، ويزورها الملايين منهم سنويا، يتحفظ رجال الدين، ومعهم عدد من سكان المدينة والزوار، على الاستماع للأغاني عبر أجهزة التسجيل أو الراديو في الأماكن العامة، وعلى المظاهر "الخلاعية" معتبرين إنها "انتهاك لقدسية المكان".
وفضلا عن منع الغناء والرقص، شمل القرار الجديد ممارسات اخرى مثل "عرض الملابس النسائية، لاسيما الداخلية على واجهات المحلات بشكل فاضح، وترويج المعروضات الإباحية من صور وأفلام، وترويج الخمور، وارتداء الملابس غير المحتشمة من قبل النساء"، وجميعها اعتبرت ممارسات "لا تنسجم ومكانة كربلاء" على حد قول نائب رئيس مجلس المحافظة.
ويعتقد الخطابي أن من حق السلطات في كل المدن المقدسة حول العالم وضع ضوابط تهدف إلى الحفاظ على ملامح تلك المدن "حتى لا تنتهك حرمتها وتتساوى مع غيرها من المدن".
ويرفض الخطابي اعتبار القرار تجاوزا على الحريات الشخصية، ويقول إن "الحريات الشخصية يمكن أن تمارس في أوقات الخلوة".
ويوضح وجهة نظر حكومته في موضوع الحريات الشخصية قائلا إن "الاستماع إلى الأغاني أو الغناء، أو إقامة حفلات الأعراس يمكن أن تتم في البيوت أو الفنادق المغلقة، كما أن عرض الملابس النسائية ينبغي أن يكون أكثر حشمة"، واصفا بعض الممارسات التي كانت تجري بأنها "تدمير لقيم المجتمع".
وكان رجال دين نافذين وخطباء جوامع قد حذروا من المساس بـ"قدسية كربلاء" بسبب الاستماع إلى الغناء في الأماكن العامة، وبسبب بعض حفلات الزفاف التي يستقدم أصحابها مطربين شعبيين، وأيضا من خلال فتح أجهزة التلفاز، في الأماكن العامة، على قنوات تبث كليبات تحوي مقاطع لراقصات.
وقد وصف رجل الدين البارز في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في وقت سابق، هذه المظاهر بأنها "منافية للإسلام" وأبدى استغرابه من عدم تصدي الحكومة لها.
في حين أشاد معتمد المرجع السيستاني بكربلاء أحمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة الأخيرة بقانون "الحفاظ على قدسية كربلاء" الذي ابتدعته الحكومة المحلية ودعا المواطنين إلى التقيد بما ورد فيه.
وقد نص القانون الذي أصدرته الحكومة المحلية، على معاقبة المتجاوزين وفقا للمادة 240 من قانون العقوبات، رقم 111 لسنة 1969، وتنص المادة المذكورة، بحسب المحامي، أحمد عبد الحسن النصرواي، "الحبس لمدة لا تزيد على ستة اشهر او بغرامة لا تزيد على مائة دينار لكل من خالف الأوامر الصادرة من موظف او مكلف بخدمة عامة او من مجالس البلدية او هيئة رسمية او شبه رسمية ضمن سلطاتهم القانونية او لم يمتثل اوامر اية جهة من الجهات المذكورة".
ويؤكد النصرواي، أن "مقدار الغرامة الواردة في نص المادة، أصبح لا يساوي شيئا، لذا يعود تقدير الغرامة اليوم إلى قاضي المحكمة وبمراعاة التعديلات التي ترد من وقت لآخر من وزارة العدل".
ويؤكد عدد من أهالي كربلاء التقتهم "نقاش" إن أحد لم يهتم قبل 2003 بما يبث وما يتم الاستماع إليه من الأغاني من خلال السيارات أو في الفنادق والمطاعم والمقاهي.
ولكن بعد هذا التاريخ تغيرت الأمور بشكل جذري، واتسعت المشاعر الدينية بشكل واضح. فمع ضعف سلطة الدولة خلال الأعوام من 2003 وحتى 2008 كان بإمكان عناصر من بعض الميليشيات المسلحة استهداف المواطنين لكونهم يستمعون إلى الأغاني في سياراتهم أو في محلاتهم، "كما لم يجرؤ أحد على إبداء مظاهر فرح سافرة خلال حفل زفاف، واستعيض عن الغناء بما يعرف بالمواليد، وهو نوع من الموشحات الدينية" على حد قول محمد جلال أحد قاطني المدينة.
ويصف محمد جلال (54 سنة) وهو عسكري متفاعد تلك السنوات بأنها كانت "مرعبة" مضيفا أن أحدا لم يكن يأمن من اقتحام مجموعة مسلحين منزله وإطلاقهم عدة عيارات نارية صوبه بحجة استماعه إلى الغنا.
ويخشى جلال أن يكون القانون الجديد ذريعة لتقييد الحريات الشخصية، ويقول إن" أحدا لا يمكنه التكهن بكيفية تطبيق هذا القانون، وما إذا كانت الجهات التنفيذية ستكون حيادية في تطبيقه أم أن أنه سيوفر مناخا مناسبا للدعاوى الكيدية".
فيما يؤيد رضا عبد الحسين (47 سنة)، ويعمل موظف في شركة اتصالات محلية، اتخاذ الحكومة المحلية لإجراءات ما للحد من ظاهرة الغناء والرقص التي تبث عبر أجهزة التلفاز أو المسجلات.
ويقول إن "الأسر الكربلائية المحافظة لم تعد تستمتع بوقت هادئ حين تزور العديد من الأماكن العامة مثل المتنزهات" مبينا أن "الشباب العاملين في هذه المتنزهات يقومون بعرض فيديو كليبات لمطربات خلاعيات أمام الأسر وهذا أمر يخالف عاداتنا وتقاليدنا".
من جهته أعرب منسق بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في كربلاء، علي كمونه، عن قلقه من ان يتم التوسع في تطبيق القانون، بما يؤدي إلى التضييق على الحريات الشخصية.
وقال كمونة لـ"نقاش" إن "من حق الأشخاص فعل ما يريدون شريطة عدم التجاوز على حقوق وحريات الآخرين".
ويضيف كمونة أن آلية تطبيق القانون الجديد ما زالت غامضة وتثير القلق، لكنه أكد حصول مكتب (يونامي) على تطمينات من الحكومة المحلية بأن القانون لا يهدف التضييق على الحريات العامة.