10/07/2010 - 19:17
مدرب منتخب اسبانيا دل بوسكي يسافر إلى بحر الخلود
كرة القدم - كاس العالم 2010
مدرب منتخب إسبانيا يُـعتبر الأبرز بين المدربين
الـ49 الذين تناوبوا على الماتادور، ويقترب من تحقيق حلم شعب بأكمله بالصعود إلى منصات
التتويج في لقاء نهائي المونديال أمام هولندا.
الـ49 الذين تناوبوا على الماتادور، ويقترب من تحقيق حلم شعب بأكمله بالصعود إلى منصات
التتويج في لقاء نهائي المونديال أمام هولندا.
جوهانسبرغ - دخل مدرب اسبانيا فيسنتي دل بوسكي نهائيات مونديال جنوب أفريقيا 2010 وهو يحمل على كتفيه عبئا بأنه يشرف على المنتخب الأفضل في العرس الكروي والمرشح الأوفر حظا للظفر باللقب، فارتقى إلى مستوى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه بعد خلافة لويس اراغونيس الذي قاد "لا فوريا روخا" إلى لقبه الأول منذ 1964 بعدما توج بطلا لكأس أوروبا 2008 على حساب نظيره الألماني (1-صفر)، وأصبح على بعد 90 دقيقة من أن يصبح الرجل "الخالد" في أذهان شعب بأكمله.
نجح رهان الاتحاد الاسباني على ابن سلمنقة المولود عام 1950، وها هو "لا فوريا روخا" على عتبة أن يرفع الكأس العالمية المرموقة للمرة الأولى في تاريخه والعقبة الأخيرة التي تقف في وجهه متمثلة بالمنتخب الهولندي الباحث عن المجد الذي كان قريبا منه في مناسبتين قبل أن يسقط في المتر الأخير.
خسارتين على يد دل بوسكي
تسلم دل بوسكي مهامه في المنتخب بعد كأس أوروبا مباشرة ونجح في قيادته لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم يلق أبطال أوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى مرتين فقط، الأولى على يد الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات العام الماضي (صفر-2) عندما وضع منتخب "بلاد العم السام" حينها حدا لمسلسل انتصارات بطل أوروبا عند 15 على التوالي (رقم قياسي جديد) والحق به هزيمته الأولى منذ سقوطه امام رومانيا صفر-1 في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2006، فحرمه من تحطيم الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة، ليبقى شريكا للمنتخب البرازيلي في هذا الرقم (35 مباراة دون هزيمة)، علما بان الاخير سجله بين عامي 1993 و1996.
أما الثانية فكانت في مستهل المشوار المونديالي على يد سويسرا التي سجلت مفاجأة مدوية بإسقاطها المنتخب الاسباني الذي استعاد توازنه بعدها وواصل زحفه حتى بلغ نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1950، متخلصا في طريقه من البرتغال والبارغواي قبل أن يجدد الموعد مع ألمانيا في نصف النهائي فتغلب عليها مجددا وبالنتيجة ذاتها التي فاز بها في نهائي كأس أوروبا.
اسبانيا تدخل بالأكثر ترشيحاً
ودخل دل بوسكي ومنتخبه نهائيات جنوب أفريقيا وفي جعبتهما 11 انتصارا متتاليا و24 من اصل المباريات ال25 الأخيرة، ما جعلهم المنتخب الأوفر حظا للفوز باللقب العالمي للمرة الأولى وهو ما زاد الضغط على لاعب وسط ريال مدريد وكاستيلون سابقا، إلا انه كان على قدر المسؤولية رغم البداية المتعثرة وأصبح على موعد مع التاريخ.
اثبت دل بوسكي انه يجيد التعامل مع الضغوط خصوصا انه اشرف على اشهر وانجح فريق في العالم وهو ريال مدريد من 1999 حتى 2003، فائزا معه بلقب الدوري عامي 2001 و2003 ودوري أبطال أوروبا عامي 2000 و2002 قبل أن يقال من منصبه عام 2003 من قبل رئيس النادي فلورنتينو بيريز.
يعد دل بوسكي شخصية فريدة من نوعها، وبينما اشتهر معظم أفراد أسرته في العمل في مجال السكك الحديدية، اختار شخصيا أن يخوض مغامرة مهنية مختلفة عن باقي أقربائه، مفضلا الاستجابة لرغباته الكروية ومواصلة مسيرته في عالم الساحرة المستديرة.
دل بوسكي يروي طموحاته
ولم تخب طموحات دل بوسكي في مشواره العملي الذي ارتبط في مجمله بعملاق العاصمة ريال مدريد، حيث حقق نجاحات كبيرة على امتداد سنواته الطويلة في ملاعب كرة القدم فتوج بلقب الدوري المحلي كلاعب 5 مرات وبالكأس المحلية أربع مرات، قبل أن ينجح كمدرب بقيادة النادي الملكي إلى لقب الدوري مرتين ودوري أبطال أوروبا مرتين وكأس السوبر الأوروبية مرة واحدة والكأس القارية مرة واحدة أيضا.
طرق الاتحاد الاسباني باب دل بوسكي بعد كأس أوروبا 2008 ليخلف اراغونيس، فلبى ابن سلمنقة النداء الوطني ونجح في قيادة بلاده إلى نهائيات جنوب أفريقيا بطريقة رائعة لان "لا فوريا روخا" حصد النقاط الكاملة في مجموعته الأوروبية الخامسة، متفوقا بفارق 8 نقاط عن البوسنة الثانية.
أعرب دل بوسكي عن أمله في أن يواصل مشواره بهذه الطريقة خلال النهائيات، و وهو حذر لاعبيه من الوقوع في فخ المفاجآت خلال العرس الكروي العالمي الذي يقام للمرة الأولى في القارة السمراء: "أن السؤال الذي يتكرر بشكل شبه دائم يتعلق بوضع منتخبه كأفضل مرشح للظفر باللقب. حسنا، في ما نؤكد دائما عدم اتفاقنا مع هذا الطرح، فإننا في الوقت ذاته لا ننكر انه من المنطقي أن تصب أغلب الترشيحات في مصلحتنا بحكم تربعنا على العرش الأوروبي وتحقيق الفوز في عدد من المباريات المتتالية".
وواصل "إننا نعرف في قرارة أنفسنا أننا سنواجه خصوما من العيار الثقيل، إذ لا توجد منتخبات صغيرة وضعيفة في كأس العالم. علينا أن نركز بشكل كامل من اجل تجنب الوقوع في فخ المفاجآت أمام سويسرا أو تشيلي أو هندوراس"، وهي المنتخبات التي واجهها أبطال أوروبا في الدور الأول.
دل بوسكي يرغب باللقب العالمي
وأردف دل بوسكي الذي اشرف على بشكتاش التركي موسم 2004-2005، "إن الجميع في اسبانيا يتشوق لرؤيتنا نعتلي منصة التتويج في كأس العالم. لكن من يعتقد أن عدم الفوز باللقب العالمي يعتبر فشلا ذريعا فهو مخطئ تماما. إن مثل هذه الطروحات تعتبر تفكيرا متطرفا نوعا ما".
من المؤكد أن دل بوسكي لم يخيب ظن الشعب الاسباني بأكمله بل انه خلق جوا توحيديا في البلاد لدرجة أن مقاطعة كاتالونيا التي تطالب باستقلالها رفعت العلم الاسباني إلى جانب الكاتالوني في خطوة نادرة بعد وصول المنتخب إلى النهائي.
ولم يدخل دل بوسكي، المدرب الخمسين في تاريخ المنتخب الاسباني، الكثير من التعديلات على طريقة لعب المنتخب والأسلوب الذي طبقه سلفه اراغونيس رغم الاختلاف الجذري بين المدربين على الصعيدين الشخصي والإداري. وخلافا لاراغونيس الذي عرف عنه طابعه الحاد ومواقفه المثيرة للجدل في بعض الأحيان، ادخل دل بوسكي الهدوء والتحفظ والصبر إلى منصب المدرب، إضافة إلى التواضع.
الهدوء سمة نادرة في المدربين
ويعتبر دل بوسكي نموذجا للمدربين الهادئين الذين بإمكانهم المحافظة على رباطة جأشهم في الأوقات الحرجة ويتمتع أيضا بطبيعته المسالمة وبمقارباته المدروسة بالإضافة إلى قدرته على التعامل مع فرق تعج بالنجوم الكبار وهو ما سهل استلامه السلس لرئاسة الإدارة الفنية المنتخب دون إهمال واقع انه يعمل دائما للمحافظة على وحدة وأداء لاعبيه الموهوبين.
والتزم دل بوسكي بالحكمة التي تقول بأنه "لا يجب العبث بتركيبة رابحة" واتخذها كمبدأ له منذ أن استلم مهامه مع المنتخب وكان التغيير الوحيد الذي أجراه خلال مشواره مع المنتخب حتى الآن هو تطعيمه ببعض المواهب الشابة من اجل المحافظة على الاستمرارية في النتائج والتنافس والنشاط على الأمد الطويل.
"لن يعمينا النجاح"، هذا ما قاله دل بوسكي بعد التأهل إلى النهائي، مضيفا "لا يوجد هناك أصعب أو أغلى من الفوز بكأس العالم. لكن علينا أن نلعب المباراة النهائية، لا يمكننا أن نتباهى أو أن نصاب بالغرور. أنا أدير مجموعة من الشبان يملكون خبرة كبيرة، يعلمون ما هي كرة القدم. الخسارة أمام سويسرا كانت صعبة جدا علينا. لكننا نؤمن بقدراتنا وشخصيتنا. نحن ننمو واعتقد أن هذا ما أتى بالنهائي إلينا".
أسلحة النهائي متوفرة
من المؤكد أن دل بوسكي يملك الأسلحة اللازمة لكي يحقق آمال الشعب الاسباني بالصعود إلى منصة التتويج الأحد لان "لا فوريا روخا" يتميز بلعبه الجماعي الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبيه، وهو يتحدث عن هذه المسألة قائلا: "إن كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحيانا من اجل صنع الفارق واختراق الدفاعات. نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءا بالحارس ومرورا بالوسط وانتهاء بالهجوم، إذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين بارزين".
سواء نجح الأسبان في رفع الكأس من عدمه، فان دل بوسكي سيبقى دائما في الأذهان بأنه المدرب الذي نجح في فك عقدة بلد بأكمله في العرس الكروي العالمي ونجح في قيادة "لا فوريا" روخا إلى ابعد ما نجح فيه أي من المدربين ال49 الذين تناوبوا على رأس الهرم الفني للمنتخب الوطني.
http://arabia.eurosport.com/football/world-cup/2010/ar-story_sto2393609.shtml