الأربعاء، 30 حزيران/يونيو 2010، آخر تحديث 16:22 (GMT+0400)
هوس الساسة بكأس العالم.. غضب ساركوزي وحزن أوباما
أوباما يتابع مباراة للمنتخب الأمريكي
خلال مشاركته في بطولة كأس العالم
خلال مشاركته في بطولة كأس العالم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- استحوذت بطولة كأس العالم المقامة حاليا بجنوب أفريقيا على اهتمام وعقول الرؤساء والحكام في مختلف أركان المعمورة، وشاهد العالم كيف انشغل رؤساء الدول بالبطولة، وكيف أن اجتماع دول "الثمانية" وبعده اجتماع "العشرين" بكندا سيطر عليه مونديال جنوب أفريقيا، لدرجة أن البعض رتب مواعيده حسب المباريات.
فقد دفعت بطولة كأس العالم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، للخروج من أحد الاجتماعات ليرسل برقية تهنئة للمنتخب الأمريكي بعد تأهله للدور الثاني، وتحدث مع مدرب الفريق هاتفياً، قبل أن يبدي حزنه الشديد على خروج منتخب بلاده أمام غانا في دور الستة عشر، كما ظهر الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون، في مدرجات ملاعب جنوب أفريقيا مساندا لمنتخب بلاده.
منذ المونديال الأول
اهتمام الساسة بكرة القدم ليس جديدا على اللعبة الشعبية الأولى عالمياً، بل إن هذا الاهتمام بدأ مع انطلاق أول بطولة لكأس العالم، فقد حصلت أوروغواي على شرف تنظيم المونديال عام 1930 احتفالا بمرور مائة عام على استقلالها بمشاركة 13 منتخبا وفازت باللقب الأول في التاريخ.
المونديال الثاني عام 1934 بإيطاليا، شارك فيه 16 فريقا، بمشاركة مصر كأول فريق عربي في المونديال، وغاب حامل اللقب عن البطولة بعد اعتذار أوروغواي عن المشاركة بسبب إضراب لاعبي كرة القدم هناك وفازت إيطاليا باللقب الأول في تاريخها.
الفوز أو الموت
وشهد مونديال 1938 ترسيخ اهتمام الساسة بكرة القدم بعدما أرسل الرئيس الإيطالي موسوليني رسالة إلى لاعبي منتخب بلاده قال فيها "فوزوا أو موتوا" في إشارة إلى اهتمامه شخصيا بضرورة فوز منتخب إيطاليا بالبطولة.
وفازت إيطاليا في النهائي على منتخب المجر 4/ 2، وبعد المباراة قال الحارس المجري: "خسرنا البطولة ولكننا أنقذنا لاعبي إيطاليا من الموت."
وفي هذه البطولة رفضت الأرجنتين المشاركة في البطولة بقرار سياسي بعد فشلها في الحصول على حق تنظيم البطولة، كما أن النمسا لم تتمكن من المشاركة في البطولة بسبب وقوعها تحت الاحتلال الألماني، بل إن الزعيم الألماني أدولف هتلر أجبر لاعبي النمسا على المشاركة مع منتخب ألمانيا بعد مشاركتهم بشكل جيد في مونديال 1934.
وألقت الأحداث السياسية والعسكرية بظلالها على بطولة كأس العالم 1950، إذ حصلت البرازيل على حق تنظيم البطولة بسبب التدمير الكبير الذي شهدته أوروبا من جراء الحرب العالمية الثانية، وانسحبت بعض المنتخبات الأوروبية من البطولة وأجبر البعض على المشاركة ليتراجع عدد الفرق المشاركة إلى 13 منتخبا فقط.
وفي مونديال 1966 بإنكلترا عاد الحديث عن السياسة في كأس العالم بعد أن اتهمت ألمانيا حكم اللقاء النهائي الذي جمع بين منتخبها ونظيره الإنجليزي بمجاملة إنجلترا بعدما احتسب الهدف الثالث في الوقت الإضافي دون أن تمر الكرة خط المرمى مجاملة لإنجلترا بسبب حضور ملكة بريطانيا اللقاء في إستاد ويمبلي.
الحكم العسكري وأول فوز عربي
ورفض منتخب الاتحاد السوفيتي المشاركة في مونديال 1974 بعد أن رفض اللعب أمام منتخب تشيلي على بطاقة التأهل للمونديال إثر مقتل الزعيم التشيلي سلفادور ألليندي في انقلاب عسكري أطاح بحكومته الاشتراكية واغتياله في القصر الحكومي على أيدي القوات المسلحة بقيادة الجنرال أوغستو بينوشيه.
وجاء رفض الاتحاد السوفيتي المشاركة في المباراة بعد معرفته بإقامتها على الاستاد الذي شهد حشد الحكومة التشيلية للمعتقلين اليساريين فيه وتصفية المئات منهم في هذا الملعب، عدا الآلاف الذين قتلوا واختفوا عن وجه الأرض، لتشارك تشيلي في البطولة دون لعب المباراة الأخيرة في التصفيات.
ومنح الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" للأرجنتين حق تنظيم بطولة كأس العالم عام 1978 رغم الحكم العسكري الذي سيطر على الأرجنتين، وقال اللاعب الصغير الذي لم يتخط وقتها عامه السابع عشر دييغو أرماندو مارادونا: "نحن لا نعرف كيف نحيى ولكن نعرف كيف نحتفل."
ولم يتوقع أحد نجاح المونديال بسبب الحكم العسكري في بلد يعاني من الفقر والجهل، وتعرض رئيس الاتحاد الأرجنتيني للاغتيال قبل انطلاق البطولة بأشهر قليلة، وتلقت المنتخبات المشاركة تهديدات دفعت البعض للانسحاب، ونجحت الأرجنتين في تنظيم البطولة بمشاركة منتخب تونس الذي حقق أول فوز للعرب في المونديال على حساب منتخب المكسيك 3/1، وحقق المنتخب الأرجنتيني الفوز باللقب بعد أن قدم بطولة مليئة بالبهجة والاحتفالات ونسي الجمهور الأرجنتيني معاناته على يد ماريو كمبس هداف البطولة.
المونديال والعنصرية
وعاد وجه السياسة ليلقي بظلاله على كرة القدم في مونديال 1998 بفرنسا التي شاركت بمنتخب ضم العديد من اللاعبين المهاجرين على رأسهم النجم الفرنسي الشهير زين الدين زيدان الجزائري الأصل ورفاقه ليليام تورام وكريستيان كريمبو وباتريك فييرا ومارسيل ديسايه.
ونجح المنتخب الفرنسي في الفوز باللقب الأول لفرنسا والوحيد حتى الآن، ويومها علق رئيس الحزب اليميني جون ماري لوبان على الصورة التذكارية للمنتخب الفرنسي بعد فوزه باللقب قائلا: "من الجيد أن نجد شخصا فرنسيا في تلك الصورة" وكان يقصد الرئيس الفرنسي جال شيراك الذي التقط صورة مع الفريق الفائز ببطولة كأس العالم.
وفي مونديال 2010، راجت شائعات وأقاويل بأنه تم منح جنوب أفريقيا شرف تنظيم البطولة بسبب زعيمها الأفريقي الشهير، نيلسون مانديلا، وتكريماً له بعد عقود من سيطرة نظام التفرقة العنصرية "الأبرتهايد" على تلك الدولة، لتكون بذلك أول دولة أفريقية تنظم المونديال.
وتعود فرنسا للصورة مرة أخرى بعدما أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استيائه وغضبه الشديدين من المستوى الذي ظهر عليه منتخب الديوك الفرنسية في مونديال 2010، واستقباله لقائد المنتخب تيري هنري ليعرف منه أسباب ما حدث، وهو ما دفع "الفيفا" لإبداء تخوفه وعدم رضاه عما حدث في فرنسا واعتبر الأمر تدخلا حكوميا غير مقبول.
أمام السحر والغموض والفرحة التي تحققها كرة القدم، ينسى الساسة أنفسهم، فالرئيس الغاني جون إيفانز أتا ميلز هبط لغرفة ملابس منتخب بلاده عقب الفوز على أمريكا في دور الستة عشر ليبلغهم تهنئته بنفسه ويعيش لحظات الفرح مع لاعبيه، وقال إنه صلى من أجل فوز فريقه قبل لقاء أمريكا، وأكد الرئيس الأمريكي أوباما أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الغاني واتفقا على تبادل قمصان في أول مقابلة تجمع بينهما.
http://arabic.cnn.com/2010/worldcup.2010/6/30/politicians.worldcup/index.html