الخميس ، 10 حزيران/يونيو 2010، آخر تحديث 20:33 (GMT+0400)
نووي إيران قسم لبنان والسنّة يأبون
تلبيس أنقرة عباءة شيعية
تلبيس أنقرة عباءة شيعية
متابعة: مصطفى العرب
مندوب لبنان بمجلس الأمن نواف سلام يجري مشاورات
مع نظيره التركي وممثلة البرازيل قبل التصويت
مع نظيره التركي وممثلة البرازيل قبل التصويت
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعيداً عن المحصلة العامة للتصويت في مجلس الأمن على قرار فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب ملفها النووي، شكل الموقف اللبناني الممتنع عن التصويت، المحطة الأبرز على جدول الأعمال السياسي في بلد منقسم حول كل الأمور، وخاصة بالملفات الخارجية، بين فريقين في حكومة واحدة، ولكنهما يتبادلان تهم الولاء والتبعية طوال الوقت.
ورغم أن تصويت لبنان، وبصرف النظر عن توجهاته، ما كان ليبدل خواتم الأمور بمجلس الأمن، إلا أنه اعتبر حلقة في سلسلة النزاع حول هوية البلد، فانقسمت القوى السياسية في الحكومة بين وزراء "14 آذار"، المصنفين ضمن محور "الاعتدال العربي" بثقل سُني، والذين أيدوا الامتناع عن التصويت، وبين وزراء "8 آذار"، المتحالفين مع سوريا وإيران بثقل شيعي، والذين طالبوا بمعارضة القرار، إظهاراً لموقف رسمي لبناني متحالف مع طهران.
وليس خافياً أن إيران كانت تتطلع لموقف لبناني معارض في مجلس الأمن، إذ سبق لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، أن قال لدى تسّلم بيروت منصبها الدوري في المجلس الدولي، إن حضور لبنان هو "بالنيابة عن دول المقاومة."
وكانت الحكومة اللبنانية قد اجتمعت ليل الثلاثاء للنظر في التصويت بمجلس الأمن، فوقف رئيسها سعد الدين الحريري ووزراء قوى "14 آذار"، وعددهم 14 وزيراً إلى جانب "عدم التصويت"، بينما وقف رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، ومن يمثله بالحكومة، إلى جانب وزراء المعارضة، وعددهم 14 وزيراً أيضاً مع التصويت برفض العقوبات، وإزاء تعادل الأصوات أبلغت الحكومة ممثلها في مجلس الأمن بأنها "لم تتوصل لقرار."
وسارع رئيس البرلمان، نبيه بري، وهو أحد أركان المعارضة، إلى مهاجمة القرار، ووصل الأمر به إلى حد اعتبار أن "التصويت بأقل من الموقف التركي (الرافض للعقوبات) يعني بشكل أو بآخر فعلاً كأننا نأخذ موقفا إلى جانب الدعم الإسرائيلي"، داعياً إلى ضرورة الوقوف مع إيران "تلك الدولة الصديقة، والتي وقفت ولا تزال إلى جانب لبنان."
وفي وقت بدأ البعض يتوقع ظهور انعكاسات قريبة على الوضع الحكومي اللبناني، قال المحلل السياسي اللبناني، محمد سلام، لـCNN بالعربية، إن ما جرى كان عبارة عن "مخرج سياسي قرر إنتاج هذا المشهد تفادياً للإحراج العام."
وعن موقف بري، قال سلام: "لقد حاول رئيس البرلمان أن يقول بأن علينا الاندفاع خلف الموقف التركي، وفي واقع الأمر فإن هذه ليست إلا محاولة لترويج تأييده لطهران، من خلال إلباس تركيا الموقف الإيراني، على أمل أن يبتلع جزء من اللبنانيين ذلك."
وأضاف: "هذا الثوب كان مفصلاً للسنّة تحديداً، عبر الإشارة إلى تركيا، ولكن السنّة لم يلبسوه لعدم رغبتهم في تأييد إيران، ولذلك تساوى الامتناع مع الرفض في مجلس الوزراء."
ولفت سلام إلى أنه بالمحصلة العامة، لم يقل أحد في لبنان أنه مع العقوبات، معتبراً أن ذلك يعبّر عن حقيقة موقف الوزراء والشارع على حد سواء، باعتبار أن اللبنانيين مجمعون على عدم فرض عقوبات على من يشك العالم في وجود سلاح نووي لديه، مثل إيران، وترك دولة لديها ترسانة نووية كبيرة، مثل إسرائيل.
ولكنه اعتبر أن المأزق في الانقسام اللبناني حول التصويت، بلغ درجة عجزت معها الحكومة حتى عن إعلان عدم توصلها لنتيجة، ورأى أن الأمر الخطير يتمثل في "السقوط تحت ابتزاز السلاح"، باعتبار أن إيران تدعم قوة المعارضة اللبنانية التي يقودها حزب الله عسكرياً وسياسياً.
وبحسب سلام، فإن حزب الله لم يضطر للتلويح الفعلي باستخدام سلاحه لفرض اتجاه التصويت في مجلس الوزراء، لأن لبنان ما زال يعيش في ظل هاجس هذا السلاح الذي استخدم في الداخل خلال معارك 8 مايو/ أيار 2008.
ورفض المحلل السياسي اللبناني ما ذهب إليه البعض في بيروت لجهة اعتبار أن وصول لبنان لمجلس الأمن كان "ورطة"، ولم يتوقع سقوطاً قريباً للحكومة كما تشيع بعض التقارير، قائلاً إنه "لم يتلمس حتى الآن ما يشير إلى خطر داهم على الحكومة، إلا إذا كان الموقف مما جرى سيحفظ للاستثمار لاحقاً."
وكانت الصحف اللبنانية قد انقسمت في تقدير الموقف مما جرى في نيويورك، فقالت صحيفة "السفير" المقربة من المعارضة، إن لبنان "انقسم على نفسه وتصدع وفاقه الهش"، متحدثة عن "إرباك وتخاذل الأداء الرسمي اللبناني في التعاطي مع اختبار مجلس الأمن، وهو الاختبار الذي سقط فيه لبنان سقوطاً مدوياً، بعدما اكتفى بالامتناع عن التصويت."
ورجحت الصحيفة أن "تعبر التداعيات الداخلية للانقسام في مجلس الوزراء عن ذاتها على المديين القصير والمتوسط، من خلال الملفات المحلية المفتوحة، والتي قد يتم تنفيس الاحتقان عبرها."
أما صحيفة "الأخبار"، شديدة الصلة بحزب الله، فقالت إن وزير الخارجية اللبناني علي الشامي، وهو من كتلة بري الشيعية، "أرسل صباح الثلاثاء مذكرة خطية إلى مندوب لبنان الدائم في نيويورك، تتضمن توجيهات بأن يبادر إلى التصويت برفض العقوبات إذا ما كان الموقف التركي رافضاً لها"، علماً بأن هذا القرار من صلاحيات مجلس الوزراء.
أما صحيفة "المستقبل"، الناطقة باسم التيار الذي يقوده رئيس الحكومة، سعد الحريري، فنقلت أن رئيس الحكومة "كان متفاجئاً بطريقة التصويت التي حصلت"، وإنه قال "إن ما حصل يعني أن لبنان ليس لديه قرار، وسنتحمل تبعات هذا الأمر أمام المجتمع الدولي."
وأوردت الصحيفة أن الحريري ذكر أن امتناع لبنان عن التصويت "لا يعني أبداً أنه مع العقوبات"، وأضاف: "ما حصل هو موقف سلبي، والخوف من أن يحاسب المجتمع الدولي لبنان على هذا الأمر"، مشيراً إلى أنه "لو كان صوت لبنان يرجّح رفض العقوبات ما كنا ترددنا بالرفض."
يُذكر أن حزب الله أصدر بياناً، فور التصويت على عقوبات جديدة على إيران، ندد فيه بالقرار، فيما ندد النائب عن الحزب، حسين الموسوي، بموقف ممثل لبنان في مجلس الأمن، بالامتناع عن التصويت، وقال إن هذا الموقف يستفيد منه العدوّ لا الصديق.
http://arabic.cnn.com/2010/middle_east/6/10/iran.security/index.html