الكلمة .. ابداع والتزام
إدارة منتدى (الكلمة..إبداع وإلتزام) ترحّب دوماً بأعضائها الأعزاء وكذلك بضيوفها الكرام وتدعوهم لقضاء أوقات مفيدة وممتعة في منتداهم الإبداعي هذا مع أخوة وأخوات لهم مبدعين من كافة بلداننا العربية الحبيبة وكوردستان العراق العزيزة ، فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً. ومكانكم بالقلب.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الكلمة .. ابداع والتزام
إدارة منتدى (الكلمة..إبداع وإلتزام) ترحّب دوماً بأعضائها الأعزاء وكذلك بضيوفها الكرام وتدعوهم لقضاء أوقات مفيدة وممتعة في منتداهم الإبداعي هذا مع أخوة وأخوات لهم مبدعين من كافة بلداننا العربية الحبيبة وكوردستان العراق العزيزة ، فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً. ومكانكم بالقلب.
الكلمة .. ابداع والتزام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكلمة .. ابداع والتزام

منتدى للابداع .. ثقافي .. يعنى بشؤون الأدب والشعر والرسم والمسرح والنقد وكل ابداع حر ملتزم ، بلا انغلاق او اسفاف

منتدى الكلمة .. إبداع وإلتزام يرحب بالأعضاء الجدد والزوار الكرام . إدارة المنتدى ترحب كثيراً بكل أعضائها المبدعين والمبدعات ومن كافة بلادنا العربية الحبيبة ومن كوردستان العراق الغالية وتؤكد الإدارة بأن هذا المنتدى هو ملك لأعضائها الكرام وحتى لزوارها الأعزاء وغايتنا هي منح كامل الحرية في النشر والاطلاع وكل ما يزيدنا علماً وثقافة وبنفس الوقت تؤكد الإدارة انه لا يمكن لأحد ان يتدخل في حرية الأعضاء الكرام في نشر إبداعاتهم ما دام القانون محترم ، فيا هلا ومرحبا بكل أعضاءنا الرائعين ومن كل مكان كانوا في بلداننا الحبيبة جمعاء
اخواني واخواتي الاعزاء .. اهلا وسهلا بكم في منتداكم الابداعي (الكلمة .. إبداع وإلتزام) .. نرجوا منكم الانتباه الى أمر هام بخصوص أختيار (كلمة المرور) الخاصة بكم ، وهو وجوب أختيار (كلمة المرور) الخاصة بكم كتابتها باللغة الانكليزية وليس اللغة العربية أي بمعنى ادق استخدم (الاحرف اللاتينية) وليس (الاحرف العربية) لان هذا المنتدى لا يقبل الاحرف العربية في (كلمة المرور) وهذا يفسّر عدم دخول العديد لأعضاء الجدد بالرغم من استكمال كافة متطلبات التسجيل لذا اقتضى التنويه مع التحية للجميع ووقتا ممتعا في منتداكم الابداعي (الكلمة .. إبداع وإلتزام) .
إلى جميع زوارنا الكرام .. أن التسجيل مفتوح في منتدانا ويمكن التسجيل بسهولة عن طريق الضغط على العبارة (التسجيل) أو (Sign Up ) وملء المعلومات المطلوبة وبعد ذلك تنشيط حسابكم عن طريق الرسالة المرسلة من المنتدى لبريدكم الالكتروني مع تحياتنا لكم
تنبيه هام لجميع الاعضاء والزوار الكرام : تردنا بعض الأسئلة عن عناوين وارقام هواتف لزملاء محامين ومحاميات ، وحيث اننا جهة ليست مخولة بهذا الامر وان الجهة التي من المفروض مراجعتها بهذا الخصوص هي نقابة المحامين العراقيين او موقعها الالكتروني الموجود على الانترنت ، لذا نأسف عن اجابة أي طلب من أي عضو كريم او زائر كريم راجين تفهم ذلك مع وافر الشكر والتقدير (إدارة المنتدى)
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالأربعاء 05 فبراير 2020, 3:45 am من طرف doniamarika

» تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالأحد 15 ديسمبر 2019, 3:05 pm من طرف مصطفى أبوعبد الرحمن

»  شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالخميس 21 نوفمبر 2019, 4:27 am من طرف doniamarika

»  شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالسبت 13 أكتوبر 2018, 4:19 am من طرف doniamarika

» شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالسبت 13 أكتوبر 2018, 4:17 am من طرف doniamarika

» تصميم تطبيقات الجوال
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالخميس 07 يونيو 2018, 5:56 am من طرف 2Grand_net

» تصميم تطبيقات الجوال
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالخميس 07 يونيو 2018, 5:54 am من طرف 2Grand_net

» تحميل الاندرويد
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالثلاثاء 05 يونيو 2018, 3:35 am من طرف 2Grand_net

» تحميل تطبيقات اندرويد مجانا
الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري Emptyالثلاثاء 22 مايو 2018, 2:42 am من طرف 2Grand_net

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
pubarab
أكتوبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
28293031   

اليومية اليومية

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

المواضيع الأكثر نشاطاً
تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
مضيفكم (مضيف منتدى"الكلمة..إبداع وإلتزام") يعود إليكم ، ضيف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ، مبدعنا ومشرفنا المتألق العزيز الاستاذ خالد العراقي من محافظة الأنبار البطلة التي قاومت الأحتلال والأرهاب معاً
حدث في مثل هذا اليوم من التأريخ
الصحفي منتظر الزيدي وحادثة رمي الحذاء على بوش وتفاصيل محاكمته
سجل دخولك لمنتدى الكلمة ابداع والتزام بالصلاة على محمد وعلى ال محمد
أختر عضو في المنتدى ووجه سؤالك ، ومن لا يجيب على السؤال خلال مدة عشرة أيام طبعا سينال لقب (اسوأ عضو للمنتدى بجدارة في تلك الفترة) ، لنبدأ على بركة الله تعالى (لتكن الاسئلة خفيفة وموجزة وتختلف عن أسئلة مضيف المنتدى)
لمناسبة مرور عام على تأسيس منتدانا (منتدى "الكلمة..إبداع وإلتزام") كل عام وانتم بألف خير
برنامج (للذين أحسنوا الحسنى) للشيخ الدكتور أحمد الكبيسي ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) يونس) بثت الحلقات في شهر رمضان 1428هـ
صور حصرية للمنتدى لأنتخابات نقابة المحامين العراقيين التي جرت يوم 8/4/2010
صور نادرة وحصرية للمنتدى : صور أنتخابات نقابة المحامين العراقيين التي جرت يوم 16/11/2006

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 2029 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ن از فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 54777 مساهمة في هذا المنتدى في 36583 موضوع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الاحتياط في الدماء بقلم السيد الحاج سعيد العذاري

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

............



الاحتياط في الدماء



سعيد العذاري

تمهيد

الإسلام دين السلام ودين الرحمة جاء من أجل هداية الإنسانية وتحريرها من جميع ألوان الانحراف الفكري والعاطفي والسلوكي ؛ بتهيئة العقول والقلوب والإرادات للتلقّي والاستجابة الذاتية للمفاهيم والقيم الإلهية، واستتباعها بالعمل الإيجابي الذي يترجم التصورات والأفكار إلى مشاعر وممارسات وعلاقات في الواقع دون إكراه أو إجبار، وهو يسعى إلى تغيير المجتمع الإنساني لتكون المفاهيم والقيم الصالحة هي الحاكمة على الأفكار والمواقف ؛ وقد فتح للهداية أبواباً من البيانات والدلائل العقلية الواضحة، وحثّ الإنسان على التدبّر في الكون والحياة وفي آفاق النفس البشرية ليهتدي بعد التدبّر والاستدلال إلى تبنّي الإسلام منهجاً له في الحياة، وجعله حرّاً في إرادته في الإيمان والاعتقاد، ولهذا لم يكره أحداً على ذلك.

وعلى الرغم من وقوف الكثير من الناس في مواجهة الدعوة الإسلامية إلا أن الإسلام متمثلاً برسول الله كان حريصاً على هدايتهم بالموعظة الحسنة والدعوة السلمية، وكذلك سار أهل البيت# على نهجه في هداية المخالفين والمعاندين، وكانوا حريصين على هدايتهم، وقد حرصوا على الاحتياط في الدماء رغم المواجهة التي مورست فيها جميع مظاهر العنف والإرهاب من قبل المخالفين والمعاندين وأعداء الدعوة والرسالة، ولا نجانب الحقيقة لو قلنا إنّ جميع المعارك التي خاضها رسول الله@ وبعض أهل بيته# كانت معارك دفاعية ضد عدوان واقعي أو محتمل الوقوع ، بعد إن استنفدت جميع الوسائل السلمية للحيلولة دون وقوعها.

والاحتياط في الدماء نقصد به الاحتياط في الدماء المشروعة أي الدماء التي يجوز إراقتها دفاعاً عن الدين والوجود الإسلامي.



مظاهر الاحتياط في الدماء

فيما يلي نستعرض مظاهر ومجالات الاحتياط في الدماء:

عدم البدء في القتال.

القتال في المنهج الإسلامي شُرع للجهاد في سبيل الله وإقرار منهجه في الحياة بعد إزالة العوائق والعقابيل المانعة من هذا الإقرار، ولم يٌشرّع انتقاما للذات ولا حقداً على الذين آذوا الرسول@ وآذوا المسلمين، ولم يشرّع حباً للغلبة والاستعلاء والاستغلال أو للسيطرة على الشعوب والأراضي، بل شرع لتحطيم الحواجز الحائلة دون إيصال الخير والاستقامة والعدالة للناس، فالقتال وسيلة وليست غاية.

ولو أمعنّا النظر في سيرة رسول الله @ لوجدنا أن جميع حروبه ومعاركه كانت دفاعية أو تستبطن روح الدفاع لردع هجوم محتمل الوقوع، فقد بقي @ والمسلمون معه يدعو إلى دينه دعوة سلمية طيلة الفترة المكية، وكان يدعو المعذّبين من أتباعه بالصبر، ولم يأذن الله تعالى له باستخدام القوّة، وان توفرت مقوّماتها الشرعية والعلمية، لأن الدعوة السلمية أشد أثراً في تلك البيئة لأن المعركة أو القتال يزيد القرشيين عناداً لاتصافهم بالمنجهية وحب الشرف، وكذلك اجتناباً لحدوث معركة داخل كل بيت، حيث يقتل الأخ أخاه أو أباه مما يؤثر على الأهداف الإستراتيجية للدعوة ، ولعل أحد الأسباب هو علم الله تعالى وعلم رسوله @ إن هؤلاء سيسلمون عاجلاً أم آجلاً عن قناعة أو رهبة أو استسلام للأمر الواقع.

وحينما توسعت الدعوة وبايع بعض أهل يثرب رسول الله @ بيعة العقبة الأولى جاءوا ليبايعوه ثانية، فبايعوه سرّاً على الحماية والنصرة، وحينما علمت قريش بالخبر أقبلوا بالسلاح، فقال رسول الله @ للمبايعين: تفرّقوا، فقالوا: يا رسول الله إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا، فقال رسول الله @ : >لم أؤمر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم<([1]).



المحذوف الذي لم ينشر















المحذوف الذي لم ينشر

القسم الاول



فكانت البيعة سرّاً للحيلولة دون حدوث قتال بينهم وبين قريش، ولم يأذن لهم رسول الله @ بالقتال، وآثر الهجرة تفادياً له وحفاظاً على أرواح المسلمين وللحيلولة دون حدوث معركة تزهق به الأرواح من الطرفين.

وفي معركة بدر جعل رسول الله @ الأمر بالقتال أمراً مركزياً مختصاً به للحيلولة دون إراقة أيّ دم، وقد روى المؤرخون أنّه >تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض، وقد أمر رسول الله @ أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم، وقال: إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل<([2]).

فلم يترك الأمر لأصحابه لأنه كان يتجنب القتال ولو ترك الأمر لأصحابه فإنهم قد يتسرعون في القتال مندفعين بحماسهم أو مزاجهم وحقدهم على قريش الذين عذّبوهم واضطروهم إلى الهجرة، ولذا فمن الحصافة والعقل أن تتبع الحركات الثورية أو المجاهدة أوامر القيادة قبل اتخاذ أي قرار.

وأمر رسول الله@ بتجنب قتل من أخرج كرهاً ولم يرغب في القتال([3]).

ومن وصاياه@ في جميع المعارك: >لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموه فاصبروا<([4]).

ومهما كانت دوافع وأسباب القتال فهو محرّم قبل إلقاء الحجة، فقد أوصى@ الإمام علياً$ قائلاً: >يا علي، لا تقاتل أحداً حتى تدعوه إلى الإسلام، وأيم الله لان يهدي الله عز وجل على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه<([5]).

وحينما توجه رسول الله@ إلى مكة بقوة عظيمة قادرة على تحقيق النصر بعدتها وعددها ومعنوياتها العالية في مقابل ضعف المشركين عهد لأمراء الجيش ان >لا يقاتلوا إلا من قاتلهم<([6]).

فهم وإن كانوا مشركين، وقد ساهم بعضهم بتعذيب المسلمين، أو أنّ سكوته عن معارضة ظلم القريشيين لهم شجعهم على التمادي في ظلمهم واضطهادهم، إلا أن رسول الله@ لم يستحل دماءهم لمجرد شركهم بل تعامل معهم برحمة ولطف وحقن لدمائهم، ليدركوا إن الإسلام دين الرحمة واللطف فيتوجهون إليه عن رضا واستسلام ذاتي وهو ما حدث فعلاً، فقد دخلوا في دين الله أفواجاً وأصبحوا عناصر فاعلة في حركة المسلمين.

وقد تابع الإمام علي$ سيرة رسول الله@ في تجنب البدء بالقتال في معاركه مع الناكثين والقاسطين والمارقين، ولم يقاتلهم لمجرد نكث البيعة أو رفضها، وإنما لقيامهم بتمرد عسكري أريد منه تمزيق الأمة والدولة الإسلامية.

ففي إرشاداته لأصحابه حول الناكثين قال: >انهضوا إلى هؤلاء القوم الذين يريدون تفريق جماعتكم، لعل الله يصلح بكم ما أفسده أهل الآفاق ... ألا وأن ... قد تمالأوا على سخط إمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم<([7]).

ولما أراد الخروج إلى البصرة قام إليه ابن رفاعة بن رافع، فقال: >يا أمير المؤمنين، أي شيء تريد؟ وإلى أين تذهب بنا؟

فقال: أما الذي نريد وننوي فالإصلاح، إن قبلوا منّا وأجابونا إليه.

قال: فإن لم يجيبوا إليه.

قال: ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحقّ ونصبر.

قال: فإن لم يرضوا.

قال: ندعهم ما تركونا.

قال: فإن لم يتركونا.

قال: امتنعنا منهم<([8]).

وحاول $ مرات عديدة للحيلولة دون وقوع القتال إلا أنّ الأوضاع لم تساعده على ذلك، فقد حاور الزبير وذكّره بحديث لرسول الله @ فانصرف وانسحب من المعركة([9]).

وقد أصر الناكثون على القتال فلم يبدأهم الإمام به، ولم يستجيبوا لنداءات الصلح فقد بعث لهم شاباً ومعه مصحف يدعوهم للتحاكم إليه، إلا أنهم قتلوه، فقال الإمام: >الآن حل قتالهم<([10]).

وحاول الإمام $ إقناع معاوية للعودة إلى الطاعة والحيلولة دون إراقة الدماء، واستمر في مراسلته إلا أنه قال للوفد: >انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلا السيف<([11]).

وحاول الإمام $ إقناع الخوارج بإنهاء التمرد والكف عن إرهاب وقتل المسلمين إلا أنهم تمادوا في غيّهم، فقتلوا رسوله وكان جوابهم: >نحن مستحلون دماءهم ودماءكم<([12]).

وكانت توصيات الإمام $ لأتباعه: >كفوا عنهم حتى يبدؤوكم<([13]).

وقال عبد الرحمن بن جندب الأزدي عن إبيه: >إن علياً كان يأمرنا في كل موطن لقينا معه عدواً فيقول: لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم، فأنتم بحمد الله على حجّة، وتركم إياهم حتى يبدءوكم حجة أخرى لكم ...<([14]).

وحاول الإمام الحسين $ _ بخطبه المتعددة _ إقناع الجيش الأموي بعدم الإقدام على القتال، ورفض البدء بقتالهم وخصوصاً طلائع الجيش الأموي وكان يقول: >ما كنت لأبدأهم بالقتال<([15]).

فعلى الرغم من شرعية القتال لأنّه ردع للعدوان، ولأنه يهدف إلى إزالة الحواجز التي تمنع من إقرار المنهج الإلهي في الحياة، وتسعى إلى إنهاء الإسلام عقيدة وكياناً وقيادة إلا أن الرسول @ وأهل بيته كانوا يترددون في القتال ويمارسون جميع ألوان ومظاهر الوسائل السلمية للحيلولة دون وقوعه، وكانوا يرفضون البدء بالقتال حينما يكون أمراً واقعاً احتياطاً منهم بالدماء ؛ لأنهم حريصون على هداية المنحرفين والمعاندين لجعلهم عناصر فعالة نحو الخير.



أخلاقية القتال وإنسانية التعامل

الإسلام دين الرحمة والرأفة والسماحة، ولهذا لم يشرع القتال حقداً أو عدواناً حتى على المعتدين، وهذا واضح من خلال التأكيد على إشاعة قيم العفو والرحمة في ميادين القتال، وتتجسد أخلاقية القتال في المظاهر التالية:

1 _ النهي عن قتل النساء والأطفال والشيوخ

الإسلام لا يرغب في القتال إلا إذا أصبح أمراً واقعاً، وهو حريص على إبقاء الصراع في حدود الصراع الفكري والسياسي بين عقيدتين ومنهجين قائم على أساس الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الإيجابي الهادئ، ولهذا فحينما تحتم عليه الظروف دخول المعركة فإنّه يتجنّب ويحرّم قتال أو قتل المستضعفين وإن كانوا من الأعداء.

ومن وصايا رسول الله @ التي ذكرها الإمام الصادق $ : >سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبياً ولا امرأة ...<([16]).

2 _ النهي عن استخدام أسلحة الدمار الشامل

لم يكن الهدف من تشريع القتال هو الحقد والانتقام، وإنما الهداية أولاً وردّ العدوان ثانياً، لذا حرّم الرسول @ أسلحة الدمار الشامل فقد نهى >أن يلقى السمّ في بلاد المشركين<([17]).

والرواية وإن وردت في خصوص السمّ إلا أنها شاملة لجميع أسلحة الدمار الشامل كما هو الحال في الأسلحة الذرية والنووية والجرثومية التي لا تفرق بين البريء والمجرم والأعزل والمسلّح، والتحريم فرصة للهداية لأنها الهدف الأساسي من حركة الإسلام وقادته.

3 _ وجوب الاستجابة للاستجارة وطلب الأمان

من أهم مقاصد الشريعة حقن الدماء، ولهذا فقد اوجب الإسلام جميع الوسائل والمقدمات المؤدية إلى حقن الدماء، ومنها الاستجابة للاستجارة إن استجار المعتدي بالمسلم وطلب الأمان منه.

في حديث للإمام الصادق $ قال: >كان رسول الله @ إذا بعث سرية دعا بأميرها ... إلى قوله: وايما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإذا سمع كلام الله عز وجل، فإن أتبعكم فأخوكم في دينكم، وإن أبى فاستعينوا بالله عليه وأبلغوه مأمنه<([18]).

ولا فرق بين المجير حراً كان أم عبداً، فحكمه نافذ على الجميع في حال إجارته لأحد من المشركين أو الأعداء.

عن الإمام جعفر الصادق $ قال: >إنّ علياً $ أجاز أمان عبد مملك لأهل حصن من الحصون، وقال: هو من المؤمنين<([19]).

وأروع سياسة حكيمة تعبّر عن الاحتياط في الدماء هي مراعاة ظنّ الأعداء للحيلولة دون قتلهم.

قال الإمام الصادق $ : >لو أن قوماً حاصروا مدينة فسألوهم الأمان، فقالوا: لا، فظنوا أنهم قالوا: نعم، فنزلوا إليهم، كانوا آمنين<([20]).

4 _ الوفاء بمعاهدات الصلح

أوجب الإسلام الوفاء بمعاهدات الصلح، وحرم نقضها مادام العدو ملتزماً بها، وهذا الوجوب تجسيد لسماحة الإسلام ورحمته واحتياطه بالدماء.

قال الإمام علي $ : >إن وقعت بينك وبين عدوك قصة عقدت بها صلحاً وألبسته بها ذمة، فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة<([21]).

وقال $ : >فلا تغدرن بذمتك، ولا تغفر بعهدك، ولا تغتلن عدوك، فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل ...<([22]).

5 _ حسن المعاملة مع الأسرى

أمر الإسلام بحسن المعاملة مع الأسرى، فلا يباح قتل الأسير من قبل أي مقاتل، فأمره مركزي يرجع إلى إمام المسلمين وليس للمقاتلين واجتهاد أنهم الشخصية التي قد لا تصيب الواقع.

قال الإمام علي بن الحسين $ : >وإذا أخذت الأسير فعجز عن المشي وليس معك محمل فأرسله ولا تقتله، فإنك لا تدري ما حكم الإمام فيه<([23]).



شهادات واعترافات غير المسلمين

قال جوستاف لوبون: >إنّ القوة لم تكن عاملاً في انتشار الإسلام<([24]).

وقال توماس كاريل: >إنّ اتهام محمد بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم<([25]).

وقال روبرتسون: >إن المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الجهاد والتسامح نحو أتباع الأديان الأخرى الذين غلبوهم وتركوهم أحراراً في إقامة شعائرهم الدينية<([26]).

وقال الأب ميشون: >إن من المحزن للأمم المسيحية أن يكون التسامح الديني الذي هو أعظم ناموس للمحبة بين شعب وشعب، هو مما يجب أن يتعلمه المسيحيون من المسلمين<([27]).

فقد شهد هؤلاء العلماء بسماحة الإسلام ورحمته واحتياطه بالدماء في التعامل مع الأعداء والخصوم، وقد كان لهذه السماحة والرحمة الدور الأساسي في الإقبال على الإسلام والقناعة بسلامة منهجه، فإذا كان الإسلام سمحاً رحيماً مع أعدائه، فمن الأولى أن تكون هذه السماحة والرحمة أساساً في العلاقات بين المسلمين أنفسهم، وما يحدث من فتن طائفية في بعض البلدان الإسلامية وخصوصاً في العراق لم يكن بفعل أبنائه الواعين، بل هو مؤامرة عدوانية لتشويه سمعة منهجه وخلق الحواجز النفسية بين الشعوب وبين مفاهيمه وقيمه لكي لا تلجأ الشعوب إلى الإسلام وتتبناه منهجاً لها في الحياة، فقد أوحى المستفيد من هذه الفتن للشعوب بأن المسلمين يستحلون دماء بعضهم البعض ناهيك عن دماء غيرهم، وبهذه الممارسات يمكنهم تحجيم حركة الإسلام للحيلولة دون انتماء غير المسلمين إليه في توجهاتهم وتطلعاتهم إلى البديل الحضاري والإنساني بعد فشل الأطروحات الوضعية عن تحقيق السعادة والعدالة لهم.



التنازل عن الحق بالخلافة

إنّ الخلافة في نظر الإسلام هي وسيلة لغاية أسمى وهي قيادة المجتمع الإنساني وإيصاله إلى قمة التكامل والسمو والارتقاء بتقرير المنهج الإلهي في واقع الحياة وجعله حاكماً على تصورات الناس ومشاعرهم وممارساتهم حكّاماً كانوا أم محكومين ؛ ليكون حقيقة حركية تستمر به المسيرة التكاملية ويتوالى التغيير والبناء حتى يكون المنهج الإلهي هو المنهج الوحيد في العالم الإنساني.

وقد تعامل أهل البيت $ مع الخلافة كوسيلة لتحقيق غاية أسمى، وفي ذلك قال الإمام علي $ : >اللهم إنك تعلم أني لم أرد الإمرة، ولا علو الملك والرياسة، وإنّما أردت القيام بحدودك والأداء لشرعك<([28]).

وسأل $ عبد الله بن عباس: ما قيمة هذا النعل؟ فقال: لا قيمة له، فقال$ : >والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً<([29]).

وعلى ضوء هذه المتبنيات الفكرية ضحّى الإمام علي $ بحقه بالخلافة من أجل المصلحة الإسلامية العليا والتي تتجسد في أحد مظاهرها وهو حقن الدماء، لأن المطالبة بالحق قد يستدعي إعداد القوة أو يستلزم قيام الدولة بممارسة القوة للحيلولة دون استمرار المطالبة والمعارضة، وفي كلتا الحالتين ستكون النتيجة إراقة الدماء وخلق فتنة عمياء بين قبيلة الإمام علي $ وأنصاره وبين قبائل وأنصار المتصدّين للخلافة، وسواء بايع الإمام$ كرهاً أو اضطرا أو استسلاماً للأمر الواقع فانه حقن الدماء بهذه البيعة، وقد عبّر عن موقفه قائلاً: >إن الله لما قبض نبيّه استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حقّ نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف<([30]).







الحرص على دماء المعاندين

المحذوف

القسم الثاني



وما نعنيه من الاحتياط في الدماء هو الاحتياط في الدماء التي لا تحقق الغاية الأسمى، وإلا فان التضحية بالنفس هي مسؤولية شرعية إن أدت إلى تحقيق الغاية الأسمى وهي انتصار المفاهيم والقيم الإسلامية.

وفي عهد الإمام الحسن $ تمرد معاوية على خلافته الشرعية سواء قلنا بالنص عليه أو ببيعة أهل الحل والعقد له بالخلافة، فهو الخليفة الشرعي على رأي مدرسة أهل البيت # وعلى رأي غيرهم، وحاول الإمام $ ردعه عن التمرد، وحذّره من إراقة الدماء: >اتق الله ودع البغي واحقن دماء المسلمين<([31]).

وبعد مراسلات ومكاتبات بينهما وجد الإمام الحسن $ إنه لا مصلحة في البقاء على رأس السلطة في تلك الظروف العصيبة التي ستراق بها الدماء دون أن تحقق الغايات السامية، فتنازل عن السلطة للحيلولة دون إراقة الدماء التي لا تثمر، فهي وفي جميع الأحوال ستؤدي إلى ضعف الكيان الإسلامي أو إزالته من الوجود، أو تؤدي إلى استئثار معاوية بها دون رادع أو معارض، وقد عبّر الإمام$ عن موقفه في أكثر من موقع ومورد.

قال$ : >وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا إصلاحكم وبقاءكم<([32]).

وقال $ : >إن معاوية نازعني حقاً هو لي فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها ...<([33]).

والتنازل عن الخلافة هو مقدمة للحفاظ على الصفوة الخيرة والحفاظ على حياة الداعين أو الدعاة إلى الدين والرسالة، وهذا هو الظاهر من كلامه $ : >إنّي خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين ناعي<([34]).

ولم يتنازل الإمام$ عن السلطة إلا بشروط ومنها: >إنّ الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وتهامهم وحجازهم، وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم<([35]).

ومن يتتبع الأحداث يجد أن أوضاع المسلمين قد هدأت وانهم كانوا أحراراً مدة وجود الإمام الحسن $ ، وإن معاوية وفّى بهذا الشرط، ولم ينقضه إلا بعد شهادته ولا يوجد دليل أو شاهد تاريخي على النقض في حياة الإمام$.



الحرص على حياة الخلفاء

على الرغم من اختلاف وجهات النظر بين الإمام علي $ والخلفاء في كثير من الأمور ومنها طرق تولّي الخليفة وفي فهم القرآن والسنة إلا أن الاختلاف لم يؤد بالإمام $ إلى تحيّن الفرص للتخلص منهم، بل كان على العكس من ذلك حريصاً على حياتهم خلافا للسياسيين المتنافسين.

فحينما أراد أبو بكر الخروج بنفسه إلى أحد المعارك منعه الإمام من ذلك([36]).

وحينما أراد عمر بن الخطّاب غزو الروم بنفسه نصحه الإمام $ بعدم الخروج قائلاً: >إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم فتنكب لا يكن للمسلمين كهف دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه ...<([37]).

وفي واقعة أخرى قال له: >... إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً قالوا: هذا أمير العرب وأصل العرب، فكان ذلك أشدّ لكلبهم وألبتهم على نفسك<([38]).

وحاول الإمام $ إخماد الفتنة بين عثمان بن عفّان والمعارضين للحيلولة دون إراقة الدماء، فكان وسيطاً بينهما، وكان يقول له: >أنشدك الله أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ...<([39]).

وحينما تطورت الأوضاع المتشنجة وحوصر عثمان بعث إلى الإمام $ فأتاه، فتعلّق به المعارضون، فلم يستطع الوصول غليه، وقال: >اللهم لا أرض قتله ... والله لا أرض قتله<([40]).

وفي رواية أرسل $ أولاده في الدفاع عنه، والحيلولة دون قتله([41]).

وقد اخترت هذه الروايات لأنها تنسجم مع أخلاق الإمام علي $ وتنسجم مع حرصه على مصلحة المسلمين، وإن كان البعض يشكك في صحتها.

فالإمام $ كان حريصاً على حياة الخلفاء وهذا الحرص مقدّمة للحرص على دماء المسلمين.



الدعاء بالهداية لا بالانتقام

إن المنهج الإسلامي منهج واقعي يطرق العقول والقلوب لتنفتح له مخاليقها وتتكشف لها فيها المسالك والطرق الموصلة للهداية، فهو يريد للبشرية الصلاح والاستقامة لينقذها من ظلمات الوهم والخرافة وعبادة الإلهة المصطنعة، ولذا كان رسول الله @ يحرص على الهداية لتتوجه العقول والقلوب إلى المنهج الإلهي وتتبناه عقيدة وشريعة، وتكفّ عن الضلالة وتتوقف عن العدوان، ولهذا لم يدع على المعتدين أو المعاندين بالانتقام أو البوار والهلاك انتقاما لممارساتهم بحقّه وحق المسلمين، بل كان يدعو بهدايتهم.

ففي معركة أحد وبعد أن شجَّ رأسه وقتل أصحابه وقتل عمّه حمزة، قيل له: ألا تدعو عليهم؟ فقال: >اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون<([42]).

وقال $ في واقعة أخرى: >اللهم أهد ثقيفاً وائت بهم<([43]).

وحينما طلب منه أن يدعو على قبيلة دوس، رفع يديه فقال أصحابه: هلكوا، فقال: >اللهم أهد دوساً وائت بهم<([44]).



علاج الأزمات في مهدها

بين الحين والآخر تحدث بعض الأزمات المؤدية إلى التناحر والتقاطع والتدابر وهو مقدمة لسفك الدماء، إلا أن رسول الله @ يتدخل بأسرع وقت لتجاوزها وهي في مهدها قبل أن تشتري وتتأصل في النفوس وفي أرض الواقع، وكان لا يكتفي بإصدار حكم تحريمها، بل يتدخل بنفسه.

فقد تدخل لإنهاء الأزمة التي حدثت بين الأوس والخزرج بتحريض من اليهود،وخرج بنفسه إلى الميدان الذي التقوا فيه للقتال وقال لهم: >يا معشر المسلمين! الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام ... وألّف بين قلوبكم؟< فعرفوا أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم، فبكوا وعانق بعضهم بعضاً([45]).

وحينما حدث شجار بين أحد المهاجرين وأحد الأنصار على الماء، وبدأ الخلاف بصراخ المهاجر >يا معشر المهاجرين< وصراخ الأنصاري >يا معشر الأنصار< وحرّض المنافقون بعضهم على بعض، إذن رسول الله @ بالرحيل في ساعة لم يعتد الرحيل فيها، فسار بهم نهار ذلك اليوم والليل كلّه ونهار اليوم الثاني ليشغلهم عن الحديث بها([46]).



عزل المتطرّفين عن المسؤولية

التطرف والتشدد ظاهرة خطيرة في حياة المسلمين لأنه يخلق ظروفاً سلبية تزيد الأزمات تعقيداً أو تخلق الأزمات، ولذا فمن العقل والحصافة متابعة المتطرفين وعدم إسناد المناصب إليهم، أو عزلهم عنها إن لم يلتزموا بالقرارات المركزية الصادرة عن القيادة.

فقبل الدخول إلى مكة أعطى رسول الله @ الراية لسعد بن عبادة، إلا أنه لم يلتزم بتوجيهات رسول الله @ الداعية إلى الرحمة والمسامحة، فقد انشد شعراً جاء فيه:

اليوم يوم الملحمة



اليوم تسبى الحرمة




فوصل الخبر أليه @ فقال للإمام علي $ : >أدركه فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها<([47]).



مراعاة الظروف النفسية والاجتماعية للأتباع

قد يخطأ بعض الأتباع في موقف معين نتيجة لضعف النفس او لهوى معيّن، أو لمصلحة آنية، فالمفروض بالقائد أن يراعي مثل هذه الظروف، وقد راعى رسول الله @ ذلك في تعامله مع أصحابه، فحينما أراد التوجه إلى مكة أخبر حاطب بن أبي بلتعة قريشاً بقرار رسول الله @ وحينما عاتبه @ بذلك قال حاطب: >أما والله إني لمؤمن وبالله ورسوله، ما غيّرت ولا بدلت، ولكني كنت امرءاً ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليه.<

فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق.

ولكن رسول الله @ عفا عنه([48])، وإن كان قادراً على قتله طبقاً للقانون الإسلامي.

وقد تعامل رسول الله @ مع رئيس المنافقين تعاملاً مرناً مراعاة منه لمشاعر عشيرته لئلا تحدث فتنة بين المسلمين يصعب إخمادها، وقد رفض اقتراح قتله، إلى أن جاء الظرف المناسب لتحجيم دوره من قبل عشيرته، وحينما قال @ : >أما والله لو قتلته يوم قلت لي: اقتله لأرعدت له أنف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته<([49]).

وحينما أراد ابنه قتله منعه رسول الله @ وقال له: >بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا<([50]).



البراءة من أخطاء قادة الجيش

انبثقت الرسالة الخاتمة في جاهلية عمياء دامت قروناً، ولهذا بقي الكثير من الذين أسلموا أسرى لمفاهيم وقيم الجاهلية، وكانت سيرة رسول الله @ قائمة على الاستفادة من كل شخص انتمى إلى الإسلام، وهو بحاجة إلى كمّ من الناس لمواجهة تحدّيات خطيرة داخلية وخارجية، ولذا لم يرفض اسلام أي فرد مهما بان التربية كفيلة بتهذيب المنتمين تدريجياً، وعلى ضوء رواسب الجاهلية كانت تصدر أخطاء فادحة من قبل البعض، إلا أن رسول الله @ كان يتداركها ويعلن البراءة منها إن خالفت القيم الصالحة، ومن هذه الأخطاء ما قام به خالد بن الوليد _ حيثما بعثه رسول الله @ داعية وليس مقاتلاً _ حيث قام بقتل جمع من بني جذيمة ثأراً لبعض وقائع الجاهلية، وحينما وصل الخبر إليه @ رفع يديه إلى السماء وقال: >اللهم إنّي أبرء إليك مما صنع خالد<([51]).

وبراءة رسول الله @ من المخطئين كفيل بردعهم وردع غيرهم من الذين لا يحتاطون بدماء الناس، وهي وسيلة من وسائل التربية الإسلامية لتوجيه القادة العسكريين نحو احترام الدماء وعدم التفريط فيها.



حصر مسؤولية الجريمة بالفرد دون انتمائه السياسي

من وصية الإمام علي $ إلى ذويه وأتباعه انه أوصى بعدم قتال الخوارج فقال: >لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه<([52]).

وقال: >يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين، تقولون: قتل أمير المؤمنين، إلا لا تقتلنّ بي إلا قاتلي<([53]).

هذه الوصايا ليست خلقاً رفيعاً وسماحة ورحمة فحسب، وليست أمراً مختصاً بالإمام علي $ فحسب، بل هي مفهوم إسلامي، وقاعدة إسلامية ثابتة، وميزان ثابت يجب الرجوع إليه في أجواء الفتن التي تضطرب فيها الموازين، وتختلط فيها الأوراق.

وفي هذه الوصايا وضع الإمام ميزاناً ثابتاً، وهو حصر مسؤولية الجريمة بالفرد المنفذ دون تعميمها على انتمائه المذهبي أو الطائفي أو السياسي، فقاتله وإن كان ينتمي إلى حزب أو طائفة أو جماعة الخوارج، إلا أن الإمام علي لم يحمل الخوارج جميعاً مسؤولية هذه الجريمة، فلم يجوز قتلهم لمجرد انتماء القاتل إليهم، وبهذا الميزات تتحجم ردود الأفعال من قبل المذهب أو الطائفة أو الحزب المعتدى على قائده أو زعيمه، فلا يجوز تحميل الآخرين مسؤولية جرائم بعض أفرادهم، وكذلك لم يجوّز الإمام $ قتل الخوارج لمجرد تبنيهم عقيدة منحرفة في أحكامها ومواقفها، فهم وإن حكموا عليه وعلى أتباعه بالكفر إلا ان هذا الحكم لا يبرر قتلهم مادام تصورا في الذهن أو تصريحاً باللسان أو القلم.

وبهذا الميزات يتحصن المجتمع الإسلامي من الفتن، فإذا كان قاتل الإمام $ معلوم الانتماء والاتجاه والولاء، فإنّ ما يحدث في مرحلتنا الراهنة من جرائم يقوم بها مجهولون في انتمائهم وولائهم، لا يصح أن تنسب إلى الطائفة المعينة او الحزب المعيّن، ولا يجوز القيام بردود أفعال غاضبة لأنها محرمة طبقاً لميزات الإمام $ .





سأل محمد بن قيس الإمام جعفر الصادق$ : عن الفئتين من أهل الباطل أبيعهما السلاح، فقال$ : >بعهما ما يكنهما: الدرع والخفتان والبيضة ونحو ذلك<([54]).

لو تابعنا زمان السؤال فإنه يشير إلى القتال الدائر بين الأمويين والخوارج أو بين العباسيين والخوارج، والمقصود من أهل الباطل هم الفئات والجماعات التي ناصبت العداء لأهل البيت# واتخذت مواقف وممارسات عملية بحقهم كالتكفير والتعذيب والقتل، وليس المقصود المخالفين لهم بالرأي من عموم المسلمين.

فكان جواب الإمام $ هو جواز بيع السلاح الدفاعي أو السلاح الذي يقيمهم من القتل حرصاً منه $ على دمائهم، ولم يتبن مفهوم >بأسهم فيما بينهم< أو >نارهم تأكل حطبهم<.

فإذا كان $ حريصاً على دماء من يكفرّهم أو يناصب لهم العداء الواقعي، فمن الأولى الحرص على دماء بقية المسلمين.

وإضافة إلى جميع ما تقدّم نرى أن رسول الله@ وأهل بيته# كانوا يتصفون بالرفق والسماحة مع الذين آذوهم، فقد عفا رسول الله@ عن الكثير منهم وخصوصاً من شرع في قتله إلا أنه لم يفلح، وكان الإمام علي$ قد أعلن العفو العام بعد ظفره بأصحاب الجمل وبالخوارج كما تحدّثنا كتب التاريخ والحديث.



المنع من قتل المسيئين

إن التصدي لقيادة أمة أو جماعة أو تيار إسلامي يعد تكليف عسير ومسؤولية صعبة، فهي تواجه أصنافاً من الناس يختلفون في أفكارهم وتصوراتهم ومواقفهم وممارساتهم الميدانية، ويختلفون في درجة قربهم وبعدهم عن الإسلام، وفي درجة ولائهم واحترامهم للقائد الإسلامي، أو قد تواجه من له ارتباطات فكرية أو مصلحية مع مخالفي القائد.

وأمام هذه المصاعب والتعقيدات كان القائد الإسلامي الأعلى وهو رسول الله @ يتمتع بسعة الصدر وتحمل الإساءة، وكان يمنع من قتل المسيئين سواء كانت الإساءة شتماً أو إهانة أو ما شابه ذلك.

فبعد معركة حنين جاء ذو الخويصرة إلى رسول الله@ ، فقال: يا محمد قدر رأيت ما صنعت في هذا اليوم.

فقال @ : >أجل، فكيف رأيت؟<.

فقال: لم أرك عدلت.

فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ألا أقتله.

فقال @ : >لا دعه<([55]).

وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو، ويدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيباً في موطن أبداً، فقال رسول الله @ : >لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبياً<([56]).

وكان أحد الخوارج وهو ابن الكواء يكفّر الإمام علياً $ بقراءة آية }وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ<SPAN st

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى