مسيحيو العراق: احتفال بالميلاد وسط مستقبل غامض
آخر تحديث: السبت, 26 ديسمبر/ كانون الأول, 2009, 06:39 GMT
روب ووكر
بي بي سي، بغداد
المسلمون احتفلوا مع المسيحيين باعياد الميلاد في بغداد
تصدح في ارجاء كنيسة مريم العذراء ببغداد اصوات ترانيم دينية باللغة الارامية القديمة، وتتسرب من تحت اقواس الابواب الخشبية المزخرفة الى الباحة الخارجية الصغيرة.
لتختلط مع اصوات الترتيل القادمة عبر مكبرات الصوت من الجامع المقابل.
مقابل الكنيسة وقفت امرأتان مسلمتان تتشحان بالسواد في انتظار دورهما في اشعال الشموع نذرا للسيدة مريم العذراء.
ففي العراق ظل المسلمون والمسيحيون يقيمون صلواتهم جنبا الى جنب لقرون.
ولكن نصف اتباع كنيسة مريم العذراء قد فروا من العراق في السنوات الاخيرة.
حالنا من حال العراقيين، ونحن نصلي
الان من اجل ان تتحسن الاحوال
الان من اجل ان تتحسن الاحوال
نائب الاسقف شليمون وردوني
يقول نائب الاسقف شليمون وردوني : "لقد غادروا اما الى شمال العراق او الى بلدان اخرى بسبب الاوضاع الامنية، عمليات الاختطاف والسيارات المفخخة، ليس ثمة امان او سلام".
خارج بوابة الكنيسة وقفت مجموعة من الشرطة لحراسة المكان، بيد ان سيارة مفخخة كانت قد انفجرت امام الكنيسة تماما مطلع هذا العام.
وتقول وزارة الدفاع العراقية ان الجيش وضع في حالة تأهب قصوى خلال اعياد الميلاد، وتوضح انها استلمت معلومات استخبارية انه قد يتم استهداف المسيحيين.
اذ قتل الاسبوع الماضي شخصان في انفجار قنبلة خارج امام كنيسة في مدينة الموصل شمالي العراق الاربعاء الماضي في واحدة من سلسلة هجمات استهدفت المسيحيين هناك في الاشهر الاخيرة.
وتشير بعض التقديرات ان حوالي نصف الاقلية المسيحية في العراق قد غادروا منازلهم منذ الغزو الامريكي للعراق عام 2003 .
القشة الاخيرة
جرت الاحتفالات وسط اجراءات امنية مشددة
ليلى بولص احد هؤلاء الذين قرروا مغادرة البلاد، فهذا هو عيد الميلاد الاخير الذي تقضيه في بغداد.
فأبنها سيفار قد اختطف من قبل عصابة ولم يطلق سراحه الا بعد ان دفعت العائلة فدية مالية.
وبالنسبة لليلى كانت تلك الحادثة القشة الاخيرة التي دفعتها لاتخاذ قرارها، اذ ستغادر عائلتها خلال اسابيع قليلة الى السويد.
تقول ليلى:"بالطبع، من المحزن مغادرة العراق، فهو بلد اجدادنا، ولكن ليس في يدنا شيء لنفعلة. معظم المسيحيين الذين يعيشون في الجوار قد غادروا".
مع ذلك ثمة اشارات الى ان الامور تتحسن، فبغداد اصبحت اكثر امانا الان عنها خلال العامين الماضيين.
معظم جيراني من المسلمين. عندما عدت
اخذوني بالاحضان ، وقالوا انهم افتقدوني
اخذوني بالاحضان ، وقالوا انهم افتقدوني
انتصار شوكت جرجيس
وترى زينة اعياد الميلاد تباع وسط العاصمة العراقية الامر الذي لم يكن ممكنا خلال فترة تصاعد العنف الماضية .
وليس المسيحيون فقط هم من يشتري هذه الزينة، اذ عرضت علي امرأتان مسلمتان وهما تضحكان محتويات حقيبتي تسوقهما الممتلئتين وفيهما دمى حمراء براقة لبابانويل وزينة شجرة اعياد الميلاد.
وقالتا:"اعياد الميلاد للجميع، نحن نحتفل بالكريسماس والسنة الجديدة كما هو الحال مع المسيحيين تماما".
واشارتا انهما تتمنيان ان يعود المسيحيون الذين غادروا العراق.
وتضيفان:"هذه بلادهم. انها ليست للمسلمين فقط، انها للمسيحيين والمسلمين. العراق كان بلدا لكل العراقيين ونأمل انه سيبقى كذلك".
قد يتطلب هذا الامل وقتا ليتجسد، بيد ان بعض المسيحيين قد عادوا الى بيوتهم في بغداد.
حنين الى العراق
انتصار شوكت: نشعر بحنين الى العراق
على الرغم من ان انتصار شوكت جرجيس قد حققت حلم العديد من المسيحيين العراقيين ببيت وحديقة في حي امن في امريكا الا انها تقول بانها وجدت الحياة صعبة جدا في امريكا، وقد عادت هذا الشهر الى بغداد مع ابنتها.
قالت: "نشعر بحنين الى العراق. نفتقد الناس وطيبتهم نفتقد التربة والاشجار، وافتقد جيراني".
وتأمل انتصار ان الامور قد تحسنت الان، في الحي المضطرب الذي كانت تعيش فيه.
تقول انتصار:"معظم جيراني من المسلمين. عندما عدت اخذوني بالاحضان ، وقالوا انهم افتقدوني".
وليس المسيحيون فقط هم من واجهوا مخاطر الاختطاف والسيارات المفخخة في العراق منذ عام 2003 .وعلى الرغم من التحسن الامني فان العراقيين من كل الاديان مازالوا يشعرون بالخوف من متى واين سيحدث الانفجار القادم .
يقول الاسقف وردوني :"حالنا من حال العراقيين، ونحن نصلي الان من اجل ان تتحسن الاحوال".
ان مستقبل المسيحيون مرتبط بمستقبل بقية العراق، بيد انه مستقبل مازال ملتبسا.
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2009/12/091225_sj_iraq_christmas_tc2.shtml