في الرابع من شهر نوفمبر الماضي انتخب المواطنون الأمريكيون، في سابقة تاريخية، باراك حسين أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وسط ذهول المتابعين للشأن الأمريكي الذين اعتبروا ذلك أمراً مستحيلاً نظراً للظروف التي كانت إلى وقت قريب تحيط بواقع الملونين في الولايات المتحدة الأمريكية. كان الانتخاب بمثابة شهادة شعبية فاصلة على تجاوز المجتمع الأمريكي لاعتبارات اللون والعرق وإيذاناً بقبول معايير أخرى أكثر أهمية كالتأهيل والاستطاعة على اتخاذ القرارات الحاسمة والعلم والدراية والحنكة السياسية كشروط أساسية لشغل أعلى وظيفة في البلاد. إلا أن التساؤل الملح هو كيف استطاع المجتمع الأمريكي تجاوز القضايا العنصرية بطريقة جذرية في فترة زمنية وجيزة؟ وهل كان ذلك الحدث حقاً مفاجأة أم أن هناك خطوات تراكمية تم اتخاذها في الماضي وبالتالي فإن تجاوز اللون والممارسات العنصرية كان ثمرة لتلك الجهود الحثيثة التي بذلت في السابق؟.
لاشك أن التطور الهائل في حقوق الملونين والقضاء على التمييز العنصري بكافة صوره وأشكاله لم يكن أمراً تلقائياً بكل تأكيد، بل حدث نتيجة لمطالبات جماعية وعمل منظم وتقديم تضحيات وفوق ذلك وجود قيادة واعية لقيادة وتنسيق جهود ما عُرف آنذاك بحركة الحقوق المدنية الأمريكية. لقد قامت معظم ولايات الجنوب الأمريكي بسن قوانين الفصل العنصري (Jim Crow Laws) التي تشرعن التمييز ضد الملونين في حضور المدارس والمرافق العامة الأخرى كالمسارح والفنادق ودور السينما والنقل العام مما دفع بالنخب المتعلمة إلى الانخراط في العمل الحقوقي السلمي الذي يهدف إلى تحقيق مبادئ العدل والمساواة ورفع الظلم. إلا أن العامل المؤثر الذي لعب دورا في تسارع وتيرة المطالبة بالحقوق كان العمق الشعبي للحركة في صفوف العامة واستعداد شريحة واسعة من المتضررين للتضحية والوقوف فرادى ومجتمعين في وجه الظلم بالدفاع عن حقوقهم الخاصة، ومن ثم تجمع وتراكم هذه الجهود الفردية المبعثرة كحبات المطر المتفرقة أدت إلى جريان سيل عرمرم من المطالبات بالحقوق فشلت قوى الظلم والتسلط في التصدي له ناهيك عن إيقافه.
يعتقد البعض أننا نتحدث هنا فقط عن النخب المثقفة والمتعلمة والغنية، إلا أن الجهود التي أدت إلى انطلاق حركة الحقوق المدنية في الجنوب الأمريكي كانت من أفراد المجتمع البسطاء الذين سئموا الظلم ورفضوا المعاملة المشينة التي تحط من أبسط كرامة الإنسان وقرروا رفضه ليس فقط وجدانياً ولكن من خلال اتخاذ خطوات عملية للدفاع عن حقوقهم المسلوبة. لعل أسطع برهان على ذلك هو أن قانون الفصل العنصري سالف الذكر لم يتم إلغاؤه من خلال المؤسسات الدستورية ونشاطات الجمعيات الحقوقية ونصائح جهابذة القانون، لكن تم تحديه من قبل خياطة سمراء في مقتبل العمر اسمها روزا باركس (Rosa Parks) والتي رفضت التخلي عن مقعدها في حافلة نقل عامة في مدينة مونتغمري بولاية الاباما لشخص آخر مما تسبب في اعتقالها وتغريمها 15$ لمخالفتها القوانين الأمريكية. أدى ذلك الإجراء التعسفي إلى اندلاع موجة عارمة من الاحتجاجات الشعبية ومقاطعة شاملة لحافلات النقل العام في المدينة لقرابة 381 يوماً، كما تقدم بعض القانونيين بشكوى لدى المحكمة الفيدرالية يتحدون فيها شرعية أنظمة الفصل العنصري المتبعة مما دفع بالمحكمة إلى إصدار حكم قضائي بعدم دستورية الإجراءات المذكورة ومن ثم إلغاء الفصل العنصري في وسائل النقل العام في شهر ديسمبر من العام 1956م. واكبت تلك الأحداث موجات عنف عنصرية وسلسلة من الممارسات القمعية من قبل سلطات الأمن في الجنوب الأمريكي أدت إلى المزيد من التعاطف الشعبي مع جهود حركة الحقوق المدنية مما سهل مهمة الحكومة الأمريكية في صياغة قانون الحقوق المدنية الذي تمت المصادقة عليه وأصبح نافذاً في العام 1964.
لاشك أن التطور الهائل في حقوق الملونين والقضاء على التمييز العنصري بكافة صوره وأشكاله لم يكن أمراً تلقائياً بكل تأكيد، بل حدث نتيجة لمطالبات جماعية وعمل منظم وتقديم تضحيات وفوق ذلك وجود قيادة واعية لقيادة وتنسيق جهود ما عُرف آنذاك بحركة الحقوق المدنية الأمريكية. لقد قامت معظم ولايات الجنوب الأمريكي بسن قوانين الفصل العنصري (Jim Crow Laws) التي تشرعن التمييز ضد الملونين في حضور المدارس والمرافق العامة الأخرى كالمسارح والفنادق ودور السينما والنقل العام مما دفع بالنخب المتعلمة إلى الانخراط في العمل الحقوقي السلمي الذي يهدف إلى تحقيق مبادئ العدل والمساواة ورفع الظلم. إلا أن العامل المؤثر الذي لعب دورا في تسارع وتيرة المطالبة بالحقوق كان العمق الشعبي للحركة في صفوف العامة واستعداد شريحة واسعة من المتضررين للتضحية والوقوف فرادى ومجتمعين في وجه الظلم بالدفاع عن حقوقهم الخاصة، ومن ثم تجمع وتراكم هذه الجهود الفردية المبعثرة كحبات المطر المتفرقة أدت إلى جريان سيل عرمرم من المطالبات بالحقوق فشلت قوى الظلم والتسلط في التصدي له ناهيك عن إيقافه.
يعتقد البعض أننا نتحدث هنا فقط عن النخب المثقفة والمتعلمة والغنية، إلا أن الجهود التي أدت إلى انطلاق حركة الحقوق المدنية في الجنوب الأمريكي كانت من أفراد المجتمع البسطاء الذين سئموا الظلم ورفضوا المعاملة المشينة التي تحط من أبسط كرامة الإنسان وقرروا رفضه ليس فقط وجدانياً ولكن من خلال اتخاذ خطوات عملية للدفاع عن حقوقهم المسلوبة. لعل أسطع برهان على ذلك هو أن قانون الفصل العنصري سالف الذكر لم يتم إلغاؤه من خلال المؤسسات الدستورية ونشاطات الجمعيات الحقوقية ونصائح جهابذة القانون، لكن تم تحديه من قبل خياطة سمراء في مقتبل العمر اسمها روزا باركس (Rosa Parks) والتي رفضت التخلي عن مقعدها في حافلة نقل عامة في مدينة مونتغمري بولاية الاباما لشخص آخر مما تسبب في اعتقالها وتغريمها 15$ لمخالفتها القوانين الأمريكية. أدى ذلك الإجراء التعسفي إلى اندلاع موجة عارمة من الاحتجاجات الشعبية ومقاطعة شاملة لحافلات النقل العام في المدينة لقرابة 381 يوماً، كما تقدم بعض القانونيين بشكوى لدى المحكمة الفيدرالية يتحدون فيها شرعية أنظمة الفصل العنصري المتبعة مما دفع بالمحكمة إلى إصدار حكم قضائي بعدم دستورية الإجراءات المذكورة ومن ثم إلغاء الفصل العنصري في وسائل النقل العام في شهر ديسمبر من العام 1956م. واكبت تلك الأحداث موجات عنف عنصرية وسلسلة من الممارسات القمعية من قبل سلطات الأمن في الجنوب الأمريكي أدت إلى المزيد من التعاطف الشعبي مع جهود حركة الحقوق المدنية مما سهل مهمة الحكومة الأمريكية في صياغة قانون الحقوق المدنية الذي تمت المصادقة عليه وأصبح نافذاً في العام 1964.