الرئيسية
في البدء كانت ا
أحدث الصور
دخول
الموقع : يوميا قلب متطفل
بغتة، استفاق ذو حلم طفولي جميل، على فجيعة الكِبَر.....
نقّب يمنة ويسرة في حياته عن أعقاب طفولة مزدهية، فما عثر إلا على شظايا ذاكرة.....
ظلُّ مصباحِ المنضدة الصغير المرتسم على صفحة حائط حجرته، آناء الليل، هو آخر ما فضُل له من عبق الماضي العَطِر.....
بالنسبة إليه، أنجع علاجات روحه، رؤية جاره المسنّ في بلدتهم القديمة.....
في كل زيارة له إلى البلدة، يبدد وقتا غير يسير خلال أطلال الأماكن القديمة، يذرعها جيئة وذهابا، ويشعل عود ثقاب الذاكرة.....
عند كل نزهة، لا يلبث أن يجالسهم إلا لماما، وما خلا ذلك فيضطلع بالصبية الذين يداعبهم ويختلق لهم المجريات. وحين ثرّبوا عليه فنّد: (أصنع لهم الذاكرة).....
لا تبرح آلة التقاط الصور يديه، يوثق كل شاردة وواردة للصغار ذوي قرباه. يخبئها بنيّة الإجهاز على أكبر قدر من التلوث الذي سينال منهم حين الرشد، على الأرجح.....
بفارغ الصبر، يرتقب حلول الشتاء: حيث المدفأة، وضوح الشموع، وموسيقى الطفولة.....
لم يُحِر سبيلا للإفصاح عن بقايا الطفل الذي في صميمه، إلا في التهام ألواح الحلوى، وشيء من هذا القبيل.....
يمعن تحديقا في الصبية بحواسّه أجمعين، حتى نهشته الريبة.....
قيل له: (تمنّ). فكرّسها في إذكاء حبّهم المتلاشي الذي كان يحرزه زمن الصبا.....
عنْوةً، يختلس الصغار من بيد يديه حنان الكبار الذي كان له ذات طفولة، فيعود صفر اليدين، إلا من حسرة.....
عطره المفضل، رائحة الطين بين أنامله في لهو البرّيّة.....
يتلقى المطر برأس حاسر ومتسائل: (أتذكرني قبل عقود ونيّف؟).....
برغم كافة العراقيل، ما انفك يزاول بعض عربدات الطفولة: يستحم موصدا عينيه، وصادحا بالغناء، كديدنه آنذاك.....
غير مرة، جرى القبض عليه وحيدا متلبسا بتتبّع أفلام الكرتون القديمة.....
خلافا لكل ما سواها، يهيم حبا بالمصابيح الصفراء الصغيرة، قناديل ذلك الزمن.....
موجودات ثروته: كرّاس فروض دراسته في السنين الابتدائية، وصور فوريّة عفا عليها الزمن وبالكاد ملوّنة لأعزّاء قضى بعضهم نحبه، وممتلكات تؤول لأمه وأبيه وأجداده وأناس من الرعيل.....
رنين هاتفه المتنقّل: (جمعتنا الأماني).....
على نمارق الذكرى، يعتلي في الهزيع الأخير أريكة الحنين كل عشية، مزّمّلا بدثار الحلم الذي استفاق منه على فجيعة الكِبَر.
جريدة الجزيرة
أخوكم
طارق السياط
بغتة، استفاق ذو حلم طفولي جميل، على فجيعة الكِبَر.....
نقّب يمنة ويسرة في حياته عن أعقاب طفولة مزدهية، فما عثر إلا على شظايا ذاكرة.....
ظلُّ مصباحِ المنضدة الصغير المرتسم على صفحة حائط حجرته، آناء الليل، هو آخر ما فضُل له من عبق الماضي العَطِر.....
بالنسبة إليه، أنجع علاجات روحه، رؤية جاره المسنّ في بلدتهم القديمة.....
في كل زيارة له إلى البلدة، يبدد وقتا غير يسير خلال أطلال الأماكن القديمة، يذرعها جيئة وذهابا، ويشعل عود ثقاب الذاكرة.....
عند كل نزهة، لا يلبث أن يجالسهم إلا لماما، وما خلا ذلك فيضطلع بالصبية الذين يداعبهم ويختلق لهم المجريات. وحين ثرّبوا عليه فنّد: (أصنع لهم الذاكرة).....
لا تبرح آلة التقاط الصور يديه، يوثق كل شاردة وواردة للصغار ذوي قرباه. يخبئها بنيّة الإجهاز على أكبر قدر من التلوث الذي سينال منهم حين الرشد، على الأرجح.....
بفارغ الصبر، يرتقب حلول الشتاء: حيث المدفأة، وضوح الشموع، وموسيقى الطفولة.....
لم يُحِر سبيلا للإفصاح عن بقايا الطفل الذي في صميمه، إلا في التهام ألواح الحلوى، وشيء من هذا القبيل.....
يمعن تحديقا في الصبية بحواسّه أجمعين، حتى نهشته الريبة.....
قيل له: (تمنّ). فكرّسها في إذكاء حبّهم المتلاشي الذي كان يحرزه زمن الصبا.....
عنْوةً، يختلس الصغار من بيد يديه حنان الكبار الذي كان له ذات طفولة، فيعود صفر اليدين، إلا من حسرة.....
عطره المفضل، رائحة الطين بين أنامله في لهو البرّيّة.....
يتلقى المطر برأس حاسر ومتسائل: (أتذكرني قبل عقود ونيّف؟).....
برغم كافة العراقيل، ما انفك يزاول بعض عربدات الطفولة: يستحم موصدا عينيه، وصادحا بالغناء، كديدنه آنذاك.....
غير مرة، جرى القبض عليه وحيدا متلبسا بتتبّع أفلام الكرتون القديمة.....
خلافا لكل ما سواها، يهيم حبا بالمصابيح الصفراء الصغيرة، قناديل ذلك الزمن.....
موجودات ثروته: كرّاس فروض دراسته في السنين الابتدائية، وصور فوريّة عفا عليها الزمن وبالكاد ملوّنة لأعزّاء قضى بعضهم نحبه، وممتلكات تؤول لأمه وأبيه وأجداده وأناس من الرعيل.....
رنين هاتفه المتنقّل: (جمعتنا الأماني).....
على نمارق الذكرى، يعتلي في الهزيع الأخير أريكة الحنين كل عشية، مزّمّلا بدثار الحلم الذي استفاق منه على فجيعة الكِبَر.
جريدة الجزيرة
أخوكم
طارق السياط
