واثقون من رصانة عمل البنك المركزي العراقي
الشبيبي لـ القبس: سأعود إلى بغداد لوضع النقاط على الحروف
الدكتور سنان الشبيبي
بغداد – نزار حاتم
في أول تصريح له عقب سحب يده، أكد محافظ البنك المركزي الدكتور سنان
الشبيبي في اتصال هاتفي أجرته معه القبس أنه سيعود من سويسرا الى بغداد
خلال اليومين المقبلين.
وعما اذا كان القرار القضائي قد تضمن إقالته من منصبه بالفعل، أوضح
الشبيبي أن القرار هو سحب يد وليس إقالة. وتابع «في الحقيقة أنا أريد أن
اعرف بعد عودتي الى بغداد معنى عبارة سحب اليد من الناحيتين القانونية
والادارية، ليتسنى لي بعد ذلك الاجابة عن كل الاشكالات والملابسات ذات
الصلة بعمل البنك المركزي الذي خدم ويخدم الاقتصاد العراقي، من خلال
النجاحات التي حققها عبر الاستقرار في سعر الصرف».
ليعرفوا الفساد
وعن حالات الفساد التي أشارت اليها اللجنة البرلمانية في البنك المركزي،
قال الشبيبي «قبل كل شيء لنعرف ما هو الفساد»؟ وأردف «أن موظفي البنك
المركزي ابتداء من المحافظ المسحوبة يده الى أدنى درجات السلم الوظيفي،
جميعهم واثقون من عملهم بشكل مهني وعلمي رصين، ولا أخفي قلقي من أن تكون
مثل هذه الممارسات والاجراءات سببا في تراجع الأداء السليم، في ظل
المتغيرات التي تحصل في السوق النفطية، والمهم نحن حالما نعود قريبا، نكون
على أتم الاستعداد في الرد على كل شبهة أو خطأ بشكل صريح وشفاف، وبينما كان
ديوان الرقابة المالية قد قدم تقريره الى البرلمان، نحن في البنك المركزي
اعددنا تقريرنا بروح علمية واثقة، من عدم ارتكابنا مخالفات ادارية او
مالية، وبالطبع انا لا أنفي ولا أؤكد احتمال وقوع موظف او اثنين في بعض
الأخطاء، لكن في السياق العملي العام لأداء البنك أشدد على أن عملنا جيد،
ونحن واثقون من سلامته ومهنيته بما يخدم العراق».
بداية الخلاف
بعد هذا الحوار الهاتفي مع الدكتور الشبيبي، نرى من الضروري العودة الى
بداية الخلاف بين الحكومة والبنك المركزي قبل نحو ثمانية شهور، وذلك على
خلفية العجز في ميزانية الحكومة، في ظل الضغوط الشعبية عليها لتوفير
الخدمات لاسيما الكهرباء.
وكانت الحكومة طلبت من البنك المركزي سحب جزء من احتياطات العملة بالدولار
الأميركي والبالغة 60 مليار دولار، بيد أن البنك رفض الطلب، معتبرا أن هذه
الاحتياطات المالية هي ملك الشعب العراقي، ولا يمكن التلاعب بها الا عند
الضرورات القصوى من قبيل الحرب أو الحصار. وحينها فكرت الحكومة بإلحاق
البنك المركزي بها، بمعنى أن يكون تحت سطوتها لاسيما ان الدستور كان غامضا
حيال تابعية البنك للحكومة ام للبرلمان، فزادت حدة الخلاف بين الحكومة
والمركزي، حتى تم اللجوء الى القضاء، فحسمت المحكمة الاتحادية الأمر لمصلحة
البرلمان، وعدم ارتباط البنك بالحكومة.
معاناة الحكومة
وبينما انتهى الخلاف – قضائيا – بين الحكومة والبنك المركزي، ظلت الأولى تعاني من عملية الحصول على الاموال بسهولة.
وحينما طرح رئيس الوزراء نوري المالكي على البرلمان، قبل أيام قانون البنى
التحتية، قابلته اعتراضات شديدة على خلفيات سياسية، وبالتالي لم يجر عليه
التصويت حتى اللحظة، بسبب اشتباك بعض القوى السياسية معه.
واذا كان ما تقدم يمثل خلفية سياسية لنزاع الحكومة مع البنك المركزي
ومحاولتها زحزحة الشبيبي عن موقعه، بغية الاتيان ببديل يستجيب لمطالب
الحكومة، فإن الخلفية الاقتصادية للموضوع ذاته تتعلق باشتداد الحصار على
ايران، قبيل ستة اشهر، وبداية الاحداث السورية، حيث ارتفعت مبيعات البنك
المركزي العراقي من العملة الصعبة من 150 مليون دولار الى نصف مليار يوميا،
الأمر الذي أربك الوضع الاقتصادي، وأثار استغراب المختصين، بينما حاول بعض
الساسة استغلال هذا الارتباك للطعن بسياسة البنك المركزي، فاتهموا البنك
بعمليات غسل أموال تسببت في خروج العملة الصعبة من البلاد، مستشهدين
بالمبيعات غير المسبوقة للبنك المركزي.
سجالات
بدوره، رد البنك المركزي على ذلك بانه لا يبيع العملة الصعبة الا للمصارف
والتجار الذين يقدمون مستندات تثبت استيرادهم للبضائع او الخدمات.
وفي معرض رده أيضا اتهم البنك المركزي ما وصفها بالمافيات المدعومة سياسيا
في تشجيع العمل على تهريب العملة الى الخارج، مشيرا في الوقت ذاته الى
ظاهرة فرار رؤوس اموال عراقية، بسبب الاوضاع السياسية والأمنية في داخل
البلاد، والأوضاع الأقليمية بما يشكل بيئة طاردة لرؤوس الاموال.
وأخيرا دعا البرلمان الى تشكيل لجنة تحقيقية، انضمت اليها جهات قضائية مثل
ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، بالاضافة الى الأمانة العامة لمجلس
الوزراء، وتوصلت الى رأي مفاده وجود حالات فساد ومخالفات ادارية تورط فيها
15 شخصا من موظفي البنك المركزي بدرجات وظيفية متفاوتة، من بينهم المحافظ
سنان الشبيبي.
الشبيبي في عيون الاختصاصيين
والشبيبي عالم كبير في علم الاقتصاد، ويعد شخصية دولية مرموقة، كانت
استعانت به دول لاطفاء ديونها، كما دخل في مفواضات ماراثونية مع الدول
الدائنة لاطفاء الديون العراقية.
وأكد اساتذة في الاقتصاد العراقي لـ القبس ثقتهم بالشبيبي، وبطبيعة عمله،
وشددوا على القول: إنه أستاذ لعدد كبير من وزراء المال ومحافظي البنوك
المركزية في الدول العربية.
وانتقد متابعون ومعنيون بالشأن السياسي خطوة سحب يد الشبيبي، في الوقت
الذي كان يتواجد في طوكيو مع وزير المالية رافع العيساوي، بحضور صندوق
النقد الدولي، والبنك الدولي، ووصفوا هذه الخطوة بأنها في التوقيت غير
السليم. وأكدوا التالي:
أولا: إن شخص الشبيبي هو وراء نجاح سياسة البنك المركزي، كما أن المخالفات
الادارية اذا ما حصلت بالفعل، فإنها لا تعني تورط الشبيبي بعمليات فساد،
كما لا تعني وجود خلل في سياسة وأداء البنك. ثانيا: اذا ماكانت القصة تنحصر
في أفراد فاسدين أو مخالفين، فإن ذلك لا يستوجب سحب يد الشبيبي بالنحو
الذي تم، حيث يتعين على القضاء أن يتخذ قرارا عقب استجواب الرجل، كما يفترض
أن يستجوبه البرلمان، باعتباره يمثل المرجعية للبنك قبل سحب اليد.
http://www.alqabas.com.kw/node/236140
الشبيبي لـ القبس: سأعود إلى بغداد لوضع النقاط على الحروف
الدكتور سنان الشبيبي
بغداد – نزار حاتم
في أول تصريح له عقب سحب يده، أكد محافظ البنك المركزي الدكتور سنان
الشبيبي في اتصال هاتفي أجرته معه القبس أنه سيعود من سويسرا الى بغداد
خلال اليومين المقبلين.
وعما اذا كان القرار القضائي قد تضمن إقالته من منصبه بالفعل، أوضح
الشبيبي أن القرار هو سحب يد وليس إقالة. وتابع «في الحقيقة أنا أريد أن
اعرف بعد عودتي الى بغداد معنى عبارة سحب اليد من الناحيتين القانونية
والادارية، ليتسنى لي بعد ذلك الاجابة عن كل الاشكالات والملابسات ذات
الصلة بعمل البنك المركزي الذي خدم ويخدم الاقتصاد العراقي، من خلال
النجاحات التي حققها عبر الاستقرار في سعر الصرف».
ليعرفوا الفساد
وعن حالات الفساد التي أشارت اليها اللجنة البرلمانية في البنك المركزي،
قال الشبيبي «قبل كل شيء لنعرف ما هو الفساد»؟ وأردف «أن موظفي البنك
المركزي ابتداء من المحافظ المسحوبة يده الى أدنى درجات السلم الوظيفي،
جميعهم واثقون من عملهم بشكل مهني وعلمي رصين، ولا أخفي قلقي من أن تكون
مثل هذه الممارسات والاجراءات سببا في تراجع الأداء السليم، في ظل
المتغيرات التي تحصل في السوق النفطية، والمهم نحن حالما نعود قريبا، نكون
على أتم الاستعداد في الرد على كل شبهة أو خطأ بشكل صريح وشفاف، وبينما كان
ديوان الرقابة المالية قد قدم تقريره الى البرلمان، نحن في البنك المركزي
اعددنا تقريرنا بروح علمية واثقة، من عدم ارتكابنا مخالفات ادارية او
مالية، وبالطبع انا لا أنفي ولا أؤكد احتمال وقوع موظف او اثنين في بعض
الأخطاء، لكن في السياق العملي العام لأداء البنك أشدد على أن عملنا جيد،
ونحن واثقون من سلامته ومهنيته بما يخدم العراق».
بداية الخلاف
بعد هذا الحوار الهاتفي مع الدكتور الشبيبي، نرى من الضروري العودة الى
بداية الخلاف بين الحكومة والبنك المركزي قبل نحو ثمانية شهور، وذلك على
خلفية العجز في ميزانية الحكومة، في ظل الضغوط الشعبية عليها لتوفير
الخدمات لاسيما الكهرباء.
وكانت الحكومة طلبت من البنك المركزي سحب جزء من احتياطات العملة بالدولار
الأميركي والبالغة 60 مليار دولار، بيد أن البنك رفض الطلب، معتبرا أن هذه
الاحتياطات المالية هي ملك الشعب العراقي، ولا يمكن التلاعب بها الا عند
الضرورات القصوى من قبيل الحرب أو الحصار. وحينها فكرت الحكومة بإلحاق
البنك المركزي بها، بمعنى أن يكون تحت سطوتها لاسيما ان الدستور كان غامضا
حيال تابعية البنك للحكومة ام للبرلمان، فزادت حدة الخلاف بين الحكومة
والمركزي، حتى تم اللجوء الى القضاء، فحسمت المحكمة الاتحادية الأمر لمصلحة
البرلمان، وعدم ارتباط البنك بالحكومة.
معاناة الحكومة
وبينما انتهى الخلاف – قضائيا – بين الحكومة والبنك المركزي، ظلت الأولى تعاني من عملية الحصول على الاموال بسهولة.
وحينما طرح رئيس الوزراء نوري المالكي على البرلمان، قبل أيام قانون البنى
التحتية، قابلته اعتراضات شديدة على خلفيات سياسية، وبالتالي لم يجر عليه
التصويت حتى اللحظة، بسبب اشتباك بعض القوى السياسية معه.
واذا كان ما تقدم يمثل خلفية سياسية لنزاع الحكومة مع البنك المركزي
ومحاولتها زحزحة الشبيبي عن موقعه، بغية الاتيان ببديل يستجيب لمطالب
الحكومة، فإن الخلفية الاقتصادية للموضوع ذاته تتعلق باشتداد الحصار على
ايران، قبيل ستة اشهر، وبداية الاحداث السورية، حيث ارتفعت مبيعات البنك
المركزي العراقي من العملة الصعبة من 150 مليون دولار الى نصف مليار يوميا،
الأمر الذي أربك الوضع الاقتصادي، وأثار استغراب المختصين، بينما حاول بعض
الساسة استغلال هذا الارتباك للطعن بسياسة البنك المركزي، فاتهموا البنك
بعمليات غسل أموال تسببت في خروج العملة الصعبة من البلاد، مستشهدين
بالمبيعات غير المسبوقة للبنك المركزي.
سجالات
بدوره، رد البنك المركزي على ذلك بانه لا يبيع العملة الصعبة الا للمصارف
والتجار الذين يقدمون مستندات تثبت استيرادهم للبضائع او الخدمات.
وفي معرض رده أيضا اتهم البنك المركزي ما وصفها بالمافيات المدعومة سياسيا
في تشجيع العمل على تهريب العملة الى الخارج، مشيرا في الوقت ذاته الى
ظاهرة فرار رؤوس اموال عراقية، بسبب الاوضاع السياسية والأمنية في داخل
البلاد، والأوضاع الأقليمية بما يشكل بيئة طاردة لرؤوس الاموال.
وأخيرا دعا البرلمان الى تشكيل لجنة تحقيقية، انضمت اليها جهات قضائية مثل
ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، بالاضافة الى الأمانة العامة لمجلس
الوزراء، وتوصلت الى رأي مفاده وجود حالات فساد ومخالفات ادارية تورط فيها
15 شخصا من موظفي البنك المركزي بدرجات وظيفية متفاوتة، من بينهم المحافظ
سنان الشبيبي.
الشبيبي في عيون الاختصاصيين
والشبيبي عالم كبير في علم الاقتصاد، ويعد شخصية دولية مرموقة، كانت
استعانت به دول لاطفاء ديونها، كما دخل في مفواضات ماراثونية مع الدول
الدائنة لاطفاء الديون العراقية.
وأكد اساتذة في الاقتصاد العراقي لـ القبس ثقتهم بالشبيبي، وبطبيعة عمله،
وشددوا على القول: إنه أستاذ لعدد كبير من وزراء المال ومحافظي البنوك
المركزية في الدول العربية.
وانتقد متابعون ومعنيون بالشأن السياسي خطوة سحب يد الشبيبي، في الوقت
الذي كان يتواجد في طوكيو مع وزير المالية رافع العيساوي، بحضور صندوق
النقد الدولي، والبنك الدولي، ووصفوا هذه الخطوة بأنها في التوقيت غير
السليم. وأكدوا التالي:
أولا: إن شخص الشبيبي هو وراء نجاح سياسة البنك المركزي، كما أن المخالفات
الادارية اذا ما حصلت بالفعل، فإنها لا تعني تورط الشبيبي بعمليات فساد،
كما لا تعني وجود خلل في سياسة وأداء البنك. ثانيا: اذا ماكانت القصة تنحصر
في أفراد فاسدين أو مخالفين، فإن ذلك لا يستوجب سحب يد الشبيبي بالنحو
الذي تم، حيث يتعين على القضاء أن يتخذ قرارا عقب استجواب الرجل، كما يفترض
أن يستجوبه البرلمان، باعتباره يمثل المرجعية للبنك قبل سحب اليد.
http://www.alqabas.com.kw/node/236140