" الحقيقة " تدق ناقوس الخطر لارتفاع معدلات الطلاق في محافظة ذي قار

" الحقيقة " تدق ناقوس الخطر لارتفاع معدلات الطلاق في محافظة ذي قار
القانوني/ وصفي غالب كاظم




على المتتبع إلى الشأن العراقي أن المشاكل الاجتماعية وصلت إلى مستوى لا يحسد عليه فهناك المشاكل العائلية بكل تفاصيلها وكذلك افتقاد الشارع إلى العامل الأخلاقي الذي يسمو بالشعوب إلى المستوى المطلوب والذي يتناسب مع بلدنا موطن المقدسات والخيرات , مشكلة " الطلاق "
تضاف إليها أزمة العزوبية , هذين المفردتين أصبحت مشكلة تضاف إلى المشاكل الأخرى في هذا البلد الممزق بسبب الحروب والنزاعات فقد وصل عدد حالات الطلاق إلى الضعيفين منذ بدء الصراع عام 2003 وان التوترات الطائفية والبطالة من بين الأسباب ذلك الوضع وان موجات القتل والتشريد ناهيك عن الضغوط الطائفية قد مزقت العائلات العراقية اربأ اربأ كما أن ارتفاع معدلات البطالة أضاف عنصرا جديدا لايمكن احتماله وحول بالتالي شيئا كان محضورا إلى واقع شائع في الحياة العراقية ألا وهو الطلاق 0 فان عدد حالات الطلاق التي تقع سنويا في المحاكم العراقية تضاعف منذ دخول القوات الأمريكية للبلاد عام 2003 فارتفعت من عشرون ألف و 649 حالة في ذلك العام إلى 41 ألف و 536 عام 2007 بحسب صحيفة لوس انجلوس تايمز الأمريكية 0
اليوم الحقيقة تقف على هذه الظاهرة المؤلمة والتي لزاما علينا بدورنا نسعى إلى الثقافة الديمقراطية ومن خلال المحافظة على الوحدة البنيوية لعائلة العراقية فربما نستطيع من خلال هذا التحقيق أن نصلح ذات البين من خلال المعلومات التي سوف تطرح في هذا التحقيق فربما نقف على معالجات لهذه ألحاله ومن خلال الأسباب الموجبة لتلك ألحاله 0
توجهنا إلى محكمة استئناف ذي قار لوقوف على نسبة الطلاق في المحافظة عموما وبمساعدة القاضي الأول مشكورا والإخوة الموظفين استطعنا الحصول على هذه المعلومات والتي تتطلب من الوقوف عليها بكل دقه وتأني وأنت تقرا هذا التحقيق وسوف نوضح أيضا بعض المصطلحات القانونية من خلال عرض النسب التي توصلنا أليها لكي تكون الفكرة أوضح 0 ولابد لنا من أن ندخل إلى هذا الموضوع من خلال هذه الخلاصة عن موضوع الطلاق لكي يسهل علينا تتبع المواضيع التي سوف تليها 0
أولا علينا أن نعرف ماهو الطلاق ؟ ولااجابه عن هذا السؤال نقول ( الطلاق ) رفع قيد الزواج من الزوج أو وكيله أو من الزوجة أن وكلت به أو فوضت أو من القاضي ولا يقع ألا بالصيغة المخصوصة 0 ( مادة 34 قانون أحوال الشخصية رقم 188 لسنه 1959 ) – والطلاق قسمان : -
1- طلاق رجعي ( مادة 38/فقرة 1 ) وهو ما جاز للزوج مراجعة زوجته أثناء عدتها منه دون عقد وتثبت الرجعة بما يثبت به الطلاق 0 والعبارة الأخيرة تعني وجود الشهود عند الرجعة 0
2- طلاق البائن ( مادة 38 / فقرة 2 ) وهو ينقسم إلى قسمين :-
أ‌- بينونة صغرى : وهي ما جاز فيه للزوج التزوج بمطلقته بعقد جديد 0

ب‌- بينونة كــبرى : وهي ما حرم فيه الزوج التزوج من مطلقته التي طلقها ثلاثا متفرقات ومضت عدتها 0

وهذا يعني أن في الطلاق الرجعي إذا مات احدهما خلال فترة العدة فان احدهما يرث الأخر ويستطيع الزوج إرجاع زوجته دون مهر أو عقد جديدين ولايمكن لزوجه أن تطالب زوجها بمؤخر صداقها ألا بعد انتهاء العدة الشرعية 0 أذن بعد انتهاء هذه الفترة يصبح الطلاق بائن بينونة صغرى والتي لايمكن فيها أن يراجع المطلق زوجته ألا بعقد جديد واستحصال حقوقها من أثاث زوجية ومؤخر صداقها التي في ذمة مطلقها 0

أما طلاق الخلع ؟ ( التفريق الاختياري ) فقد جاءت في (المادة 46 /قانون الأحوال الشخصية ) " الخلع إزالة قيد الزواج بلفظ الخلع أو ما معناه وينعقد بإيجاب وقبول أمام القاضي مع مراعاة أحكام المادة 39 من هذا القانون ( وهي أقامة الدعوى أمام المحكمة الشرعية ) " 0
( مادة 39/ فقرة 3 ) " للزوج أن يخالع زوجته على عوض أكثر أو اقل من مهرها "
نعود ألان إلى عدد الدعاوى المحسومة في محاكم محافظة ذي قار لسنة 2008 والبالغة ( 10 ) محاكم ووفق الجدول آلاتي :
ت نوع الدعوى عدد محسومة مبطلة
1- طلب الطلاق 55 17 38
2- طلب التفريق 634 462 171
3- تصديق الطلاق 1855 1656 199
المجموع 2544 2132 408

وحاصل طرح المبطلة من الكلي نجد أن: 2544- 408 = 2136 حالـــــــــة*
ولإيضاح هذا الجدول وبالتفصيل : نبين بالتفصيل مايلي/
طلب الطلاق : بمعنى أن هذا الطلاق يقع باتفاق الزوجين( الخلع ) *

أما طلب التفريق : وهو بان ترفع الزوحه طلبا لتفريق من زوجها إذا توافرت الأسباب والتي حددتها المواد ( 40) التفريق لضرر والشقاق * مادة ( 41) لزوجة المحكوم علية مدة ( 5 سنوات ) فأكثر من حقها أن تطلب التفريق * ومادة ( 42) إذا غاب الزوج سنتين آو أكثر بلا عذر مشروع والمادة ( 44) إذا وجدت الزوجة زوجها عنينا أو مبتلى بمرض والمادة( 45 ) إذا وجدت الزوجة زوجها ممتنع من الإنفاق عليها دون عذر مشروع، أو يتعذر منه الحصول على نفقه وكان محكوما بالحبس مدة سنة واحدة * وهذا التفريق يعني طلاق رجعي * ومن الجدير بالذكر أن طلب التفريق لأيتم بسهولة حيث يستطيع الزوج رد هذه النوع من الدعاوى إذا قدم دفعا ترد هذا الادعاء الذي تتدعي به الزوجة *وأيضا إذا لم يستطع الزوج أن يقدم دفع لهذا الادعاء وخصوصا في دعوى التفريق لضرر أو شقاق فان القاضي قبل إصدار الحكم يطلب انتخاب حكمين من أهل الزوج والزوجة لإصلاح ذات البين فأن لم يتفقا فأن القاضي هو الذي ينتخب ( مادة 40- فقرة 2 ) وعلى الحكمين أن يجتهدا في الإصلاح ذات البين فان تعذر عليهما ذلك رفعا الأمر إلى القاضي موضحين له الطرف الذي يثبت انه مقصر فأن اختلفا ضم اليهما القاضي حكما ثالثا ( مادة 40 فقرة 3) وفي أحيان أخرى يصل الزوجين إلى الباحثة الاجتماعية لإصلاح ذات البين وان تعذر ذلك تحدد مقصرية احد الإطراف لكي يبني الحكم على ذلك ( لأجل الحقوق )*

وهناك ملاحظة مهمة جدا هي الفرق بين الطلاق والتفريق: الطلاق إنهاء العلاقة الزوجية شرعا وقانونا أما التفريق فانه إنهاء العلاقة الزوجية قانونا أما العلاقة الزوجية فأنها تبقى قائمة شرعا حيث تبقى الزوجة بذمة الزوج مالم يتم النطق أو اللفظ الطلاق وأمام شاهدين بذلك فان معظم حالات التفريق تبقى معلقة شرعا أما قانونا فأنها تكون منتهية لذلك تعمد المطلقة أن تهب كل شي وتتنازل عن كل شي وتصل أحيانا إلى أن تعطي حتى فوق حقوقها من اجل الحصول على هذه الكلمة *
أما تصديق الطلاق : وهنا النسبة نراها مرتفعة جدا تصل إلى ثلاثة أرباع حالات الطلاق لسنه 2008 ذلك أن هذا النوع يحدث أمام رجل الدين لذلك نرى الإجراءات التي تحصل في المحاكم هي لحفاظ على وحدة العائلة البنيوية قبل النطق بالحكم بالتفريق أو الطلاق * بينما أمام رجل الدين ومع كل الأسف نقولها فانه يعتمد على أن الزوجين متفقين وخصوصا وان كلا من الزوجين يأتي معه احد أفراد عائلته أو أن الزوج يأتي بمفردة وهذا يعني الطلاق هنا تعسفي ( وهو إيقاع الطلاق دون موافقة الزوجة أو حضورها ) ورجل الدين هنا لا يتعب نفسه في هذه ألحاله متناسيا أن الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو احد اركلن الإسلام وعلى الرغم من أن الطلاق هو حلال عند الله ولكن هذا الحلال يبقى بغيظ جدا لما فيه تهديم لأسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام وكيف وان مجتمعنا يتسم بالطابع العشائري والأعراف والتقاليد , وقد لاحظت ذلك بنفسي وقد حضرت مجلس الطلاق وكنت شاهدا فيها بعد أن شرح الزوج حالته فأجابه رجل الدين " إلي ما أيريدك لا أتريده " و" النساء كثيرات وتأخذ أحسن منها " و " أطفالك مرجعهم إلى أبوهم " واخذ منه مبلغ (25.000 ألف دينار ) !!!!!!!!!!! ما هذا الكلام ؟ بدأت متحيرا حقيقتا وقد وقفت لحظة فيها شاهدا على مجلس الطلاق وبقيت أفكر هل كنت شاهدا في شيء يرضي الله حقا أم يكرهه ولو كان هذا الموقف أمام احد ألائمة الأطهار أو المراجع العظام ( حفظهم الله ) هل يلفظوا بهذا الكلام****لابد لنا من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذه ألحاله ( الطلاق ) لوقوف على معالجتها**


الباحثة الاجتماعية (سميرة فارس ) الباحثة في محكمة الأحوال الشخصية في الناصرية أوضحت ألينا العديد من الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة , ومن أبرزها وعلى لسان السيدة (سميرة فارس ):
1- ثقافة الاعتذار- لا توجد في مجتمعنا بحيث أن كلا الزوجين يصر على موقفه معتبرا نفسه صاحب الحق وعلى الطرف الأخر التنازل والاعتذار *
2- الحالة الاقتصادية بشقيها العالي والواطيء أو المعدم فنرى أن في محافظة ذي قار الكثير من أبنائها قد انخرطوا في سلك الشرطة والجيش وهذا أدى إلى استلامهم رواتب عالية وبالتالي التفكير بالزوجة الثانية أو التفكير بأشياء أخرى , والحالة الاقتصادية المعدمة أيضا تسهم في هذه الظاهرة*
3- الزواج الغير متكافىء فالكثيرات من النساء وبسبب حاله العزوبية وارتفاع معدلاتها نجدها توافق على الزواج بأي رجل يتقدم إليها بغض النظر عن الثقافة ومستواه الاجتماعي مستنده إلى المبدأ القائل " بعد الزواج يتحسن كل شيء" *
4- هناك بعض الرجال يفكرون بالزواج من النساء اللاتي تكون أعمارهن صغيرة وبالأخص مواليد التسعينيات القرن الماضي بغض النظر عن الفارق الكبير في العمر

1- مع الرجل وبالتالي فان الكثير من حالات التفريق هن مـــــــــن
مواليد هذه الفترة بسبب عدم الانسجام متناسين أن من شروط الزواج الناجح هو التكافؤ في العمر والشهادة أو الثقافة والتعاون على بناء حياة مشتركة تسودها المودة والاحترام والحب *
2- نجد كذلك أن مكاتب العلماء قد تساهم بشكل فعال في انتشار هذه الظاهرة فيا حبذا على رجل الدين قبل الشروع في موضوع الطلاق أن يقرب وجهات النظر ويعمل على أصلاح ذات البين ويأمر بالمعروف من خلال أيجاد قصة دينية يستطيع من خلالها القضاء على سبب المشكلة وكذلك قبل أن يلجا إلى هذا الموضوع عليه أن يعرف الأسباب الموجبة لذلك *
3- ومن أهم الأسباب كذلك تدخل الأهل في المشاكل الزوجية والعمل على زيادة تأزمها *
4- نجد كذلك أن معظم حالات التفريق هي السبب عدم الأنفاق على الزوجة فكثيرة من حالات الطلاق التي تردنا نجد أن الزوج يلجأ إلى شراء سبعة أو ثمان كارتات شهريا دون أن يقوم بشراء قطعة قماش إلى الزوجة أو يترك عائلته دون مصرف *
5- هناك حالات ظهرت وهي تستحق الوقوف عليها ألا وهي التفريق لهجر والغرض منها الحصول على قرار بالتفريق لغرض الحصول على منحة مالية من شبكة الحماية الاجتماعية ، مع بقاء الرابطة الزوجية قائمة شرعا *
6- المحامين أصبحوا يسهمون في هذه الظاهرة من خلال أنهم يعتاشون على هموم الناس*


المعالجات :-
1/ ذكرت السيدة " سميرة فارس أن هناك آلية جديدة تم تعميمها داخل المحاكم الأحوال الشخصية في ذي قار وقبل حوالي شهرين وهي تجربة ناجحة طبقت قبل سنة في بغداد وهي ألان تثمر بنتائج فاقت التوقعات وهذه الإلية تتلخص من خلال ( قبل ) البدء في الدعوى الشرعية لتفريق يحيل القاضي الطرفين وقبل كل شيء لكي لاتتازم الأمور إلى الباحثة ألاجتماعيه ومن خلال ألباحثه يجلس الطرفين لوحدهم لمدة ساعة وتصل أحيانا إلى أكثر من ذلك لمعالجة الأمور فيما بينهم بعيدا عن تدخل الأهل وبالتالي تنتهي بالصلح ويتفاجؤا عندما يتم الصلح من أن القضية لم تكن تستوجب هذه المرحلة*

2/ ومن خلال معالجه الأسباب الموجبة إلى هذه الظاهرة يتم أيضا معالجة هذا الموضوع *


منقول
حسين الفيلي