صفحة من تاريخ بابل أم الدنيا في أوج عزها
--------------------------------------------------------------------------------
كانت بابل عاصمة إمبراطورية بابل القديمة، وكانت من أشهر مدن الدنيا آنذاك، تشبه من حيث أهميتها وعظمتها أكبر عواصم الدنيا في العصر الحاضر. لقد بُنيت على نهر الفرات وتعتبر من أقدم مدن العالم، إذ ورد ذكرها في سجلات تعود إلى أكثر من 5000 سنة. أما خلال الألف الأول من تاريخها فكانت مجرد قرية عادية ولم تلعب دوراً يذكر في تاريخ المنطقة.
شيدت مدينة بابل على هيئة مربع وكانت تحيط بها أسوار عالية وعريضة وتحميها أبراج عديدة وقريبة من بعضها. أما قصورها ومعابدها فكانت مصنوعة من الطوب والقرميد اللامع وعليها صور تمثل مشاهد من تاريخ إمبراطورية بابل والمناطق المجاورة. حدائق بابل المعلقة التي كانت إحدى عجائب الدنيا السبع، كانت تقوم على مصاطب ومدارج وجلول تسندها قناطر مدعومة بدورها بأقواس حجرية. وقد أصبح اسم بابل فيما بعد مرادفا لكل ما هو فخم وفاخر بل وفاجر أيضا.
غير أن بابل اشتهرت كذلك بكونها مركزا للعلوم والثقافة والفنون على اختلافها، حيث أظهرت الاكتشافات الأثرية كنوزا وتحفا من آيات الفن الرفيع، من بينها بقايا لمدرسة يعود تاريخها إلى عهد حمو رابي، أي إلى أكثر من أربعة آلاف سنة. المبنى كان مؤلفا من عدة قاعات تفصلها جدران من الطوب المجفف بحرارة الشمس، تطل على باحة مفتوحة.
وعلى الأرض وجد علماء الآثار ألواحا من الطين ما زالت موضوعة في أماكنها الخاصة بها ومحتفظة بأشكالها. هذه الألواح كان يستعملها التلاميذ وكانت التمارين ما زالت محفورة عليها بوضوح بعد مضي أربعين قرنا على تسطيرها!
أما الحصص الأساسية في تلك المدرسة فكانت تقتصر على التدرّب على رسم الحروف المسمارية بالطريقة الصحيحة لكل حرف. وكان يحتم على الصبي أن يعرف طريقة رسم أربعمائة من تلك العلامات. كل تلميذ كان يُعطى لوحا تغطيه طبقة من الطين الطري كان يسطر عليها بقلم من القصب.
عند امتلاء اللوح بالعلامات كان التلميذ يمسحه بقطعة من خشب أو بحجر أملس ويعيد الكتابة عليه من جديد، أو كان يضعه جانبا حتى يجف ويشرع باستعمال لوح جديد مع كتلة طرية من الطين، وهكذا دواليك.
كان التلميذ يقوم أولا بعمل صف طويل من الأوتاد المسمارية الشبيهة بالأسافين في ثلاثة أوضاع: أفقية وعمودية وقطرية. وعند اتقانه لتنضيد تلك الصفوف كان المعلم يسمح له بتشكيل الأوتاد وتنسيقها في كلمات وجمل وعبارات ذات معنى.
لقد كان لفن الكتابة قيمة فريدة بالنسبة لهؤلاء القدامى. وكان لديهم قول مأثور هو:
من يبرع في كتابة الألواح سيضيء كشمس الصباح.
أصبحت بابل عاصمة الإمبراطورية البابلية في الألف الثالث قبل الميلاد.
شن العديد من ملوك الآشوريين هجمات عليها حتى أخضعوها في القرن السابع قبل الميلاد، فدمروا أسوارها ومعابدها وقصورها وسووها بالأرض بسبب انتفاضة بابلية حدثت ضد الحكم الآشوري. وقد أعيد بناء المدينة وانتعشت لفترة من الزمن تحت حكم ذاتي مستقل، لكن تقلص عزها وفقدت أهميتها عندما غزاها الفرس في القرن السادس قبل الميلاد وكانت تلك بداية النهاية لمدينة بابل الشهيرة.
والسلام عليكم
المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود عباس مسعود
--------------------------------------------------------------------------------
كانت بابل عاصمة إمبراطورية بابل القديمة، وكانت من أشهر مدن الدنيا آنذاك، تشبه من حيث أهميتها وعظمتها أكبر عواصم الدنيا في العصر الحاضر. لقد بُنيت على نهر الفرات وتعتبر من أقدم مدن العالم، إذ ورد ذكرها في سجلات تعود إلى أكثر من 5000 سنة. أما خلال الألف الأول من تاريخها فكانت مجرد قرية عادية ولم تلعب دوراً يذكر في تاريخ المنطقة.
شيدت مدينة بابل على هيئة مربع وكانت تحيط بها أسوار عالية وعريضة وتحميها أبراج عديدة وقريبة من بعضها. أما قصورها ومعابدها فكانت مصنوعة من الطوب والقرميد اللامع وعليها صور تمثل مشاهد من تاريخ إمبراطورية بابل والمناطق المجاورة. حدائق بابل المعلقة التي كانت إحدى عجائب الدنيا السبع، كانت تقوم على مصاطب ومدارج وجلول تسندها قناطر مدعومة بدورها بأقواس حجرية. وقد أصبح اسم بابل فيما بعد مرادفا لكل ما هو فخم وفاخر بل وفاجر أيضا.
غير أن بابل اشتهرت كذلك بكونها مركزا للعلوم والثقافة والفنون على اختلافها، حيث أظهرت الاكتشافات الأثرية كنوزا وتحفا من آيات الفن الرفيع، من بينها بقايا لمدرسة يعود تاريخها إلى عهد حمو رابي، أي إلى أكثر من أربعة آلاف سنة. المبنى كان مؤلفا من عدة قاعات تفصلها جدران من الطوب المجفف بحرارة الشمس، تطل على باحة مفتوحة.
وعلى الأرض وجد علماء الآثار ألواحا من الطين ما زالت موضوعة في أماكنها الخاصة بها ومحتفظة بأشكالها. هذه الألواح كان يستعملها التلاميذ وكانت التمارين ما زالت محفورة عليها بوضوح بعد مضي أربعين قرنا على تسطيرها!
أما الحصص الأساسية في تلك المدرسة فكانت تقتصر على التدرّب على رسم الحروف المسمارية بالطريقة الصحيحة لكل حرف. وكان يحتم على الصبي أن يعرف طريقة رسم أربعمائة من تلك العلامات. كل تلميذ كان يُعطى لوحا تغطيه طبقة من الطين الطري كان يسطر عليها بقلم من القصب.
عند امتلاء اللوح بالعلامات كان التلميذ يمسحه بقطعة من خشب أو بحجر أملس ويعيد الكتابة عليه من جديد، أو كان يضعه جانبا حتى يجف ويشرع باستعمال لوح جديد مع كتلة طرية من الطين، وهكذا دواليك.
كان التلميذ يقوم أولا بعمل صف طويل من الأوتاد المسمارية الشبيهة بالأسافين في ثلاثة أوضاع: أفقية وعمودية وقطرية. وعند اتقانه لتنضيد تلك الصفوف كان المعلم يسمح له بتشكيل الأوتاد وتنسيقها في كلمات وجمل وعبارات ذات معنى.
لقد كان لفن الكتابة قيمة فريدة بالنسبة لهؤلاء القدامى. وكان لديهم قول مأثور هو:
من يبرع في كتابة الألواح سيضيء كشمس الصباح.
أصبحت بابل عاصمة الإمبراطورية البابلية في الألف الثالث قبل الميلاد.
شن العديد من ملوك الآشوريين هجمات عليها حتى أخضعوها في القرن السابع قبل الميلاد، فدمروا أسوارها ومعابدها وقصورها وسووها بالأرض بسبب انتفاضة بابلية حدثت ضد الحكم الآشوري. وقد أعيد بناء المدينة وانتعشت لفترة من الزمن تحت حكم ذاتي مستقل، لكن تقلص عزها وفقدت أهميتها عندما غزاها الفرس في القرن السادس قبل الميلاد وكانت تلك بداية النهاية لمدينة بابل الشهيرة.
والسلام عليكم
المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود عباس مسعود