أباطرة الإخراج في السينما الأمريكية (1) : مارتن سكورسيزي خاص
الرجوع إلى الأخبار
منذ 4 ايام |
1,038 مشاهدة |
8
تعليق
|
1 صورة
السابق
صورة
1 ⁄ 1
التالي
مارتن سكورسيزي
- المصدر: موقع prphotos.com
كتبه: محمد حسن - (هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط)
إن صناعة السينما العالمية قامت بشكل عام
ومحوري على رؤى وإبداعات من يقفون خلف الكاميرا في أغلب الأحيان لا من
يتبخترون أمامها بأدائهم القوي والرائع الذي يحبس الأنفاس ويجذب أضواء
الشهرة والنجومية. المنظومة السينمائية كبيرة وضخمة وبعض الممثلون مهما
بلغت درجة موهبتهم من لمعان فالواقع يخبرنا أن سطوعهم وإشراقة عملهم لا تتم
إلا تحت قيادة مايسترو العمل وسيده الأول.. المخرج. في هذه السلسلة غير
المتصلة أعرض لكم بروفايل لعدد من ألمع وأقوى المخرجين العالميين من وجهة
نظري. ولنتفق، عرضي هو دعوة متواضعة مني لمشاهدة الأعمال التي أستعرضها
معكم لا لمجرد إخباركم بمعلومة جديدة أو مفارقة عجيبة. حسناً دون ترتيب أو
منطق للعرض أو للتفضيل أود أن نبدء في حضرة القصير المكير المخرج الأسطوري:
مارتن سكورسيزي.
سكورسيزي
المولد في 17 نوفمبر 1942 لأبوين من أصل إيطالي صقلي يدين – وندين من
ورائه – لولادته، مصاباً بالربو أن تقوده لكل هذا النجاح! الولد الصغير
المصاب بالآزما لم يستطع مجاراة قرنائه في اللعب والركض. عوضاً عن ذلك قضى
معظم أوقات برفقة والديه أو أخيه الأكبر في صالات السينما. عشق الفتى
المريض للسينما بدءً من هذه الأيام المبكرة وانطلق معه حتى قرر أن يلتحق
بجامعة نيويورك ومدرسة السينما بها. هناك أخرج عدد من الأفلام القصيرة لعل
أشهرها The Big Shave. في العام 1967 أخرج فيلمه الروائي الطويل الأول Who's That Knocking at My Door
من بطولة رفيق عمره وزميل دراسته الممثل هارفي كيتيل ومحررة الأفلام ثيلما
سكونميكر والتي رافقته النجاحات وصناعة الأيقونات المتتالية كما سنستعرض
معاً.
الفيلم أدخله لعالم الصناعة وشبابها الحيوي وقتها ليتعرف ويصادق مخرجين واعدين أيامها من عينة فرانسيس فورد كوبولا (مبدع أفلام Godfather) و بريان دي بالما (Scarface و The Untouchables) وجورج لوكاس (Star Wars و Indiana Jones) وستيفن سبيلبيرج (Jaws و E.T.)..
كما ترون مجموعة من الشباب الصيع الذين سأتحدث ع كلاً منهم في مقال منفرد
لأنهم ببساطة سادة هذا المجال وعباقرته العظماء! .. دي بالما عرف سكورسيزي
بالممثل الشاب وقتها روبرت دي نيرو (صايع آخر كما نرى). في العام 1972 قدم فيلم Boxcar Bertha
والذي بالرغم من أنه ما نطلق عليه في مصر فيلم مقاولات إلا أنه جعله
يتتلمذ بشكل ما تحت يد المنتج روجر كورمان وهو ما أحب أن أصفه بالأسطى
الحرفي الذي يعرف أسرار المهنة وإن لم يقدم عمل مبدع ويستحق التقييم!
كورمان علم سكورسيزي الشاب كما علم كوبولا وجيمس كاميرون
أيضاً من خلال الممارسة الفعلية أن إنتاج فيلم ما قد لا يحتاج لميزانية
ضخمة أو وقت كبير! باختصار علمهم بعض من الفهلوة التي قد تكون الشرارة التي
جعلت موهبة هؤلاء تتقدم لعالم السينما التجارية.
في العام التالي يقدم سكورسيزي الفيلم الأول في مسيرة شهرته الحقيقية Mean Streets
والذي قدم له القدره على اختيار مشاريعه الخاصة للعمل بها لاحقاً. في هذا
الفيلم والذي ظهر في بطولته روبيرت دي نيرو وهارفي كيتيل يقدم لنا سكورسيزي
التيمات الشهيرة لأعماله وموضوعاته أيضاً. الموقع نيويورك وأمريكا
الحقيقية بشوارعها وعنفها الخاص (الفيلم صور في معظمه في لوس أنجلوس!!) ..
الكاثوليكية والشعور بالذنب والتوبة.. الصراعات النفسية الغير معقدة
لشخصيات والقريبة للواقع.. الشخصيات ذاتها أيقونية بطبيعتها المتفردة والتي
تؤسس لعلامات جديدة في تاريخ السينما والثقافة الشعبية الأمريكية.. في
العام 1974 اختارته الممثلة المخضرمة إيلين بريستين لإخراج فيلمها Alice Doesn't Live Here Anymore وعن دورها وتحت قيادته فازت بالأوسكار لهذا العام.
في العام 76 كانت الأيقونة ربما الأكثر شهرة لسكورسيزي والتي نقلته لخانة الكبار بشكل دائم. Taxi Driver ومجدداً مع كل من دي نيرو وكيتيل إضافة للوجه الجديد وقتها جودي فوستر.
الفيلم بجوه الغريب والقاتم والذي يحكي صراع سائق للتاكسي مع مقته لمجتمعه
وما وصل إليه علامة لا تنسى في تاريخ السينما الأمريكية وحقق 4 ترشيحات
للأوسكار منهما أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة في دور مساعد. الغريب أن
الفيلم كاد أن يخرجه صديق سكورسيزي دي بالما لولا إصرار بعض منتجي العمل
على تولي سكورسيزي للمهمة إثر مشاهدتهم لـ Mean Streets بشرط واحد فقط، هو
أن يقوم بالبطولة روبرت دي نيرو!!
سكورسيزي يعشق اللعب مع أوراقه الرابحة. تعاونه مع دي نيرو إستمر في العمل التالي New York, New York،
وإثر فشل الفيلم تجارياً اتجه سكورسيزي لإدمان الكوكايين! إدمان الرجل لم
يمنعه من إخراج فيلمه الوثائقي الرائع The Last Waltz لكنه كاد يودي
بحياته. يظهر دي نيرو الصديق المخلص لسكورسيزي ويدفعه نحو الإقلاع عن
الكوكايين لينقذ فعلياً حياته! ثم يأتي التعاون بين الرجلين في الرائعة Raging Bull
وهو الفيلم الذي جاء في جو قاتم وبالابيض والاسود كتعبير عن دواخل
سكورسيزي المحطمة. الفيلم حقق ثماني ترشيحات للأوسكار منها أول ترشيح
لسكورسيزي نفسه كأفضل مخرج. لكنه لم يحقق الأوسكار والذي حصل عليه روبيرت ريدفورد عن فيلم Ordinary People. بينما ناله كل من صديقيه المقربين دي نيرو كأفضل ممثل وثيلما سكونميكر عن أفضل مونتاج. تعاونه مع دي نيرو يستمر بعدها في فيلم The King of Comedy
والذي وإن فشل تجارياً ويكاد لا يوجد مشاهد عربي يعرفه إلا انه قدم لنا
سكورسيزي جديد تماما في تقنيات التصوير والاقترابات الأكثر سريالية لتناول
شخصياته. سكورسيزي نفسه يقدر هذا الفيلم بشكل خاص ويقول أن أداء دي نيرو
فيه هو الأروع على الإطلاق لفيلم من إخراجه!!
سكورسيزي بعد هذا الفيلم
في 86 يغامر من جديد ويقوم بإخراج فيلم منخفض الميزانية بأسلوب مختلف
مجدداً ولو أنه يقوم مجدداً على الكوميديا السوداء وهو فيلم After Hours. في العام التالي يخرج لنا الفيلم الجميل للرائع بول نيومان والشاب توم كروز The Color of Money
وهو تتمة لفيلم نيومان من العام 1961 The Hustler. مع أن الفيلم حقق
لنيومان الأوسكار عن أدائه المبدع وترشح لثلاث جوائز أوسكارية أخرى. إلا أن
العام نفسه شهد إنتاج معروف لسكورسيزي في عالم الموسيقى ولو أنه ربما
الجميع يجهل إخراج سكورسيزي لهذا العمل.. فيديو أغنية Bad لمايكل جاكسون!!
في العام 1988 يقوم سكورسيزي المشاكس بتقديم واحد من أهم وأكثر الأفلام إثارة للجدل في التاريخ وهو فيلم The Last Temptation of Christ مع النجم وليام دافو
في دور المسيح ومجدداً رفيق العمر هارفي كيتيل في دور يهوذا. الفيلم أثار
العديد من ردود الفعل الغاضبة والمؤيدة حول العالم لتناوله حياة المسيح من
وجهة نظر مثيرة للجدل وهي جانبه الإنساني لا الرباني المقدس وتعامله مع
الإغواءات المختلفة التي تواجه البشر. الفيلم أثار الغضب حول العالم ولازال
ممنوعاً من العرض في بعض الدول. إلا ان ذلك لم يمنع ترشح سكورسيزي عنه
لثاني أوسكار كأفضل مخرج لكنه يخسر مجدداً لتذهب الجائزة لباري ليفينسون عن فيلم Rain Man.
في العام 1990 يأتي الفيلم الأروع في عالم أفلام العصابات ما بعد مرحلة العراب لكوبولا، Goodfellas
.. الفيلم هو عودة سكورسيزي لملعبه المفضل من العنف النيويوركي الطابع
الأصيل والعودة التجارية الأضخم منذ Raging Bull (ومجدداً مع دي نيرو!) .
الفيلم يعد في رأيي مدرسة جديدة في الإخراج والسرد الروائي لأفلام الجريمة
وقدم لنا أيقونة سينمائية لن تنسى حصدت ست ترشيحات للأوسكار منها الترشيح
الثالث لسكورسيزي كأفضل مخرج (ذهبت الجائزة هذه المرة لكيفين كوستنر عن فيلم Dances with Wolves
وهو ما أعده أنا شخصيا فضيحة من القياس الثقيل!) والترشيح الأول له كأفضل
سيناريو مقتبس. إلا أن القصير الآخر من فيلمه جو بيتشي حصد لنفسه أوسكار
مستحق عن دوره الذي لا ينسى في هذا الفيلم.
http://www.elcinema.com/news/nw678929517/?utm_source=elCinema+Newsletter&utm_campaign=f91d691383-11_11_201211_11_2012&utm_medium=email