هل تغير مفهوم الصحافة النسائية كثيراً ؟ هل أدى هذا النوع من الصحافة المتخصصة دوره المنوط به من خدمة قضايا المرأة وتوعيتها بحقوقها وواجباتها وتبصيرها بدورها الفاعل في الحياة والمجتمع هل اتبعت الصحافة النسائية دوراً تثقيفياً تنويرياً ، أم أنها اكتفت بالقيام بدور الضيف الخفيف الظريف الذي يمر دون أن يشعر بوجوده أحد ودون أن يكون له دور فاعل في عصر يتسم بطوفان المعلومات الذي يجعلنا معرضين له بإيجابياته وسلبياته, والتطوير .
هل حققت ما تحتاجه المرأة العربية؟ هل استطاعت أن تعبر الحواجز والحدود لتجمع شمل المرأة العربية علي هدف واحد وأمل واحد لتوحد الصف والرؤيا . .
** البداية من مصر
قبل أن نجيب علي التساؤلات علينا أن نعرف أولاً تاريخ الصحافة النسائية متي كانت البداية ؟
ويقول د. صلاح محمد إبراهيم في دراسة قدمها في إحدى المؤتمرات إن بداية صحافة المرأة في العالم العربي كانت مع ظهور مجلة «المقتطف» المصرية التي صدرت في عام 1882م بمصر من خلال الركن النسائي الذي أطلقت عليه «باب تدبير المنزل» وكان يعالج شئون البيت وتدبير الطعام والملبس والشراب والمسكن والزينة. وفي عام 1892 أصدرت فتاة لبنانية اسمها هند نوفل أول مجلة نسائية في الإسكندرية تحت اسم «الفتاة» وطالبت بتخليص المرأة من قيود الجهل، وعندما صدرت مجلة الهلال التي أسسها جو رجي زيدان في القاهرة عام 1892م اهتمت بصحة العائلة وتحوّل هذا الاهتمام إلى باب قائم بذاته في عام 1902م، ثم تحوّل هذا الباب إلى صفحة نسائية بعنوان العائلة والمنزل في عام 1919م واهتم بصحة «السيدات والبنات» أصدرتها روز انطون واهتمت المجلة بالمائدة ونظافة المنزل.
ومن الصحف المصرية التي اهتمت بالصفحات النسائية صحيفتا «البلاغ والسياسة» وقد اشترك في تحديد الصفحات النسائية في الصحيفتين حافظ محمود وأحمد الصاوي والأديبة الشهيرة مي زيادة وكانت هذه الصفحات النسائية تهتم بأخبار شهيرات النساء. ويلاحظ أن صحيفة «الأهرام» اهتمت بالمرأة بداية من عام 1899م وقد كتبت عن تعليم البنات ورعاية حقوق المرأة وفتحت الباب للكاتبات ليعبرن عن أفكارهن في الدعوة إلى تحرير المرأة.
** لبنان
وتأتي لبنان كثاني دولة عربية حيث صدرت أول مجلة نسائية لبنانية و هي مجلة «الحسناء» التي أصدرها جورجي نقولا باز عام 1909م.
تأتي سوريا كثالث بلد عربي يعرف الصحافة النسائية حيث صدرت بها عام 1920م «مجلة العروس» التي أصدرتها ماري عبده عجمي في دمشق.
ثم يأتي العراق في المرتبة الرابعة حيث أصدرت بولينا حسون أول مجلة نسائية عراقية هي مجلة «ليلى» التي صدر العدد الأول منها في الخامس من أكتوبر عام 1923م. .
وتعتبر تونس وفقاً لهذا التقديم الدولة العربية الخامسة من حيث إصدار الصحف النسائية ففي عام 1936م صدرت بها أول مجلة نسائية متخصصة في شئون المرأة وحملت أيضا اسم «ليلى». ثم يأتي الدور على السودان من حيث التسلسل التاريخي في إصدار المجلات النسائية الذي اصدر مجلته الخاصة بشئون المرأة «بنت الوادي» وفي عام 1950 عرفت الأردن الصحافة النسائية عندما صدرت مجلة «فتاة الغد» التي خرج عددها الأول في يونيو من ذلك العام،
وكانت الكويت هي الدولة الخليجية الأولى ـ حسب هذا الرصد ـ التي صدرت بها مجلة نسائية وهي مجلة «آسرتي» التي أصدرتها غنيمة فهد المرزوق في فبراير عام 1915م تلتها سلطنة عمان حيث صدرت فيها مجلة «الأسرة» في أغسطس 1974م نصف شهرية ثم أسبوعية بعد ذلك.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة صدرت أول مجلة نسائية «ام القيوين» و عام 1973م باسم «العهد الجديد» ولكنها لم تكن منتظمة إلى أن صدرت مجلة «زهرة الخليج» الأسبوعية بصفة منتظمة عام 1979م. وعرفت قطر الصحافة النسائية عام 1976م عندما صدرت مجلة «الجوهرة» عن مؤسسة العهد للصحافة والنشر. وفي اليمن صدرت مجلة «نساء اليمن» كأول مطبوعة نسائية عام 1982م ولكنها لم تكن منتظمة ثم توالى ظهور مجلات المرأة والأسرة خاصة بعد مظاهر التحديث في الخليج وتدفق الثروة البترولية
يقول د. صلاح إن مجلات المرأة والأسرة في منطقة الخليج والجزيرة العربية تتميز بتقدم مستواها الطباعي والإخراجي. أما في منطقة المغرب العربي فبعد تونس وريادتها عرفت ليبيا مجلة المرأة في عام 1964م حيث صدرت بها في ذلك العام مجلة «المرأة» ثم في الجزائر الأول في عام 1970 وفي أكتوبر من ذلك العام عرفت المغرب الصحافة النسائية عبر صدور مجلة «عائشة»، ولم تعرف موريتانيا صحافة المرأة إلا سنة 1983م عندما صدرت مجلة «ريم» في دول المغرب .
** هذا هو واقع المرأة العربية
وتعتبر مجلات المرأة والأسرة في المغرب العربي قليلة الانتشار ومتواضعة المستوى من حيث التحرير والإخراج.. وبعد مضي اكثر من قرن من إصدار أول مجلة نسائية عربية لم تزل هناك بعض الدول التي لم تصدر فيها مثل هذه المجلات حتى الآن وهي البحرين وجيبوتي والصومال وجمهورية جزر القمر..! ويقول إن هذه المجلات عملت على ترقية أحوال المرأة وتبصيرها بحقوقها ومطالبة بنصيبها في التعليم والعمل والمناداة بضرورة سن القوانين والتشريعات التي تمكن المرأة من أن تكون عنصراً فعالاً في بناء وتنمية المجتمع علاوة على مخاطبة شئون المرأة والأسرة والطفل كما أن الصحافة النسائية منذ نشأتها في 1892م أصبحت في حكم المنبر الذي عبرت عن رائدات الحركة النسوية عن هموم المرأة وهموم الوطن والتحرير والتحرر.
ويري البعض أن ما جعل من بعض الصحف والمجلات النسوية مثالاً رديئاً للصحافة النسوية هو سوء الاستهلاك الاقتصادي . كما أن المجلة الفلانية الأكثر مبيعاً في أي دولة من دول العالم لا تعني بالضرورة أن القيمة الموضوعية والفائدة التي تقدمها هذه المجلة اكثر من غيرها.
ويرصد الخبراء نوعين للمجلات النسائية:
النوع الأول/ تعالج قضية المرأة معالجة سياسية في البحث عن مشاكلها الأساسية وقانون الأحوال الشخصية وصورتها في الإعلام والبطالة وتناقش قضية المرأة من جوانب مختلفة مع العلم أن التنوع فيها مطلوب, وتؤكد دور المرأة في بناء المجتمع وممارسة هذا الدور.
النوع الثاني/تكرس صورة امرأة مستهلكة واستنساخ للمرأة في الغرب من ناحية الذوق ومعايير الجمال والأوزان وغيرها من مظاهر الاستهلاك الاقتصادي وهو لا تحوي على مضمون مفيد للمرأة العربية والمسلمة. مشكله تقديم صورة المرأة في المجلات على أنها استنساخ للمرأة الغربية. الاستهلاك ظاهرة عالمية وهي لا تقتصر على النساء فقط , كما أن صناعة الموضة هي صناعة غربية وقوامها ملايين الدولارات ولأننا نعيش اليوم في عالم مفتوح فلا نستطيع أن نغلق الأبواب ونمنع دخولها لذا علينا أن نتخلى باستقامة واعتدال في الموضوع بمعنى أن نقرأ ما يقدم ويعرض ولكن ليس بالضرورة أن نقتبس كل ما يطرح علينا بمعنى أن نأخذ ما هو مفيد ونرفض الغريب علينا والذي لا يلائمنا .
** ضعف في مستوى الأداء
قامت د. راجية أحمد قنديل أستاذة الصحافة والرأي العام ومديرة مركز بحوث الرأي العام بكلية الإعلام – جامعة القاهرة ـ بدراسة حول قضايا المرأة في الصحافة النسائية العربية:
أسفرت الدراسة حسب قولها عن ضعف ملحوظ في مستوى الأداء المهني لعدد من الصحف والمجلات النسائية، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الجودة، في بعضها الآخر، يصل أحيانًا إلى حد العجز عن تحمل أعباء القيام بالأدوار الوظيفية الحيوية للصحافة في تشكيل رأي عام نشط وفاعل وواعٍ بقضايا المرأة، وتقديم صور واقعية تعكس إنجازاتها وتناقش همومها ومشاكلها وتعبر عن ذاتيتها، وتقدم مضمونًا يشبع احتياجاتها المعرفية والثقافية والإعلامية ويربطها بقضايا المجتمع. .
وركزت الدراسة علي عدة نقاط حددتها فيما يلي :
- فتركز كثير من الصحف النسائية والمجلات -حسب قول الدكتورة راجية- اهتمامها على قضايا لا تشكل أولوية للمرأة المعاصرة، ويقتصر الاهتمام في معظمها على المضمون الخفيف، بينما تغيب عن صفحاتها كثير من القضايا الحيوية الهامة.
- تغفل - في أحيان كثيرة - هذه الصحافة خصوصية قضايا المرأة العربية ، فتقع في فخ التبعية لأجندة الاهتمامات الغربية المغايرة تمامًا.
- الحيز الأكبر من صفحات الصحف والمجالات النسائية العربية يحوي مضمونًا استهلاكيًّا لا يواكب واقع المجتمع والمرأة والأسرة.
- يتراجع بشدة في الصحافة النسائية المضمون السياسي الجاد، ورسائل التوعية السياسية ونادرًا ما يتم تناول الحقوق السياسية للمرأة على صفحات المرأة في الصحف العامة والمجلات النسائية المتخصصة.
- لا تُولِي الصحافة النسائية اهتمامًا كافيًا بالمرأة الريفية وقضاياها رغم ما تمثله من نسبة النصف من الناحية العددية في المجتمعات العربية، وما تلعبه من دور صناعة القرار على المستوى المحلي وما يمكن أن يكون لها من تأثير وتوجيه، بل تحديد نتائج الاختيار السياسي والبرلماني.
- تهمل هذه المجلات المتخصصة الجوانب الثقافية، وتكاد تحصر المرأة وأنشطتها وأدوارها في نطاق المنزل والاهتمامات الهامشية.
- هناك هُوَّة عميقة بين واقع المرأة وصورتها التي تعكسها الصحافة العربية بصفة عامة والمجلات النسائية بصفة خاصة.
- يتضح التحيز الشديد من جانب الصحافة النسائية إلى شريحة معينة من نساء المدن لا تمثل إلا قلة قليلة، تختلف مشكلاتها واهتماماتها عن الغالبية الواقعية في المجتمع المعاصر.
- كثيرًا ما تتوجه هذه الصحف والمجلات إلى الشرائح العليا اجتماعيًّا، والمستوى الاقتصادي المتميز الذي لا يتمتع به الكثيرون والكثيرات.
- ما زال مضمون الصحافة النسائية العربية يعكس النظرة للمرأة وأدوارها كأنثى وزوجة مع إهمال مشاركتها في المجال العام أو مشكلاته كامرأة عاملة، وكشريك في الإنتاج، أو في اتخاذ القرار السياسي، ومختلف جوانب الخلق والإبداع الفكري والفني، ومن ثَمَّ لا يعكس الرأي العام النسائي، مما يثير تساؤلاً هامًّا: ما دور هذه الصحافة في ترتيب أولويات المرأة العربية؟ وما دورها في بناء أجندة الصحافة النسائية المتخصصة؟.
** مطلوب من الصحافة النسائية
كشفت المعلومات والبيانات التي تضمنتها كل من النتائج الخاصة بالتناول الصحفي لقضايا المرأة في الصحافة النسائية العربية، ودراسات الرأي العام والإعلام، عن أهمية سرعة اتخاذ خطوات إيجابية نحو مزيد من التفعيل للدور الوظيفي للصحافة النسائية، وضرورة توفير ضمانات رفع كفاءة الأداء بالنسبة لوظيفة تنمية الوعي الاجتماعي، وربط المرأة بقضايا المجتمع، وأهمية أن تتجاوز الصحافة إشباع الاحتياجات الإعلامية لجمهور القراء، إلى استهداف تشكيل رأي عام نسائي واعٍ ومستنير، وتبني أفكار جديدة تسمح بتحسين نوعية الحياة، وإحداث تغييرات في المواقف التقليدية، وإعادة صياغة الصور الذهنية، وترتيب أولويات الاهتمام بالقضايا القومية، للمرأة باعتبارها قضايا الرجل والأسرة والمجتمع بأسره،واتباع أساليب التخطيط العلمي في كافة الخطوات والمراحل، ويستلزم أن تكون البداية بحسن استثمار مستحدثات التكنولوجيا في مجال الإعلام والمواصلات والمعلومات والعمل على توفير قاعدة بيانات واقعية معاصرة منظمة؛ واتباع الأساليب العلمية في كافة مراحل التخطيط والتصميم والخطوات التنفيذية كذلك.
وبعد فلا زال المطلوب من الصحافة النسائية الكثير والكثير من اجل إحداث التغيير المطلوب في نوعية المادة المتداولة بها وتغليب المضمون الجاد علي حساب المواد الخفيفة والذي يترتب عليه إعادة تشكيل رأي عام نسائي مدرك لقضايا مجتمعه ملم بها قادر علي إعادة صياغة عقل وفكر المرأة العربية . .
هل حققت ما تحتاجه المرأة العربية؟ هل استطاعت أن تعبر الحواجز والحدود لتجمع شمل المرأة العربية علي هدف واحد وأمل واحد لتوحد الصف والرؤيا . .
** البداية من مصر
قبل أن نجيب علي التساؤلات علينا أن نعرف أولاً تاريخ الصحافة النسائية متي كانت البداية ؟
ويقول د. صلاح محمد إبراهيم في دراسة قدمها في إحدى المؤتمرات إن بداية صحافة المرأة في العالم العربي كانت مع ظهور مجلة «المقتطف» المصرية التي صدرت في عام 1882م بمصر من خلال الركن النسائي الذي أطلقت عليه «باب تدبير المنزل» وكان يعالج شئون البيت وتدبير الطعام والملبس والشراب والمسكن والزينة. وفي عام 1892 أصدرت فتاة لبنانية اسمها هند نوفل أول مجلة نسائية في الإسكندرية تحت اسم «الفتاة» وطالبت بتخليص المرأة من قيود الجهل، وعندما صدرت مجلة الهلال التي أسسها جو رجي زيدان في القاهرة عام 1892م اهتمت بصحة العائلة وتحوّل هذا الاهتمام إلى باب قائم بذاته في عام 1902م، ثم تحوّل هذا الباب إلى صفحة نسائية بعنوان العائلة والمنزل في عام 1919م واهتم بصحة «السيدات والبنات» أصدرتها روز انطون واهتمت المجلة بالمائدة ونظافة المنزل.
ومن الصحف المصرية التي اهتمت بالصفحات النسائية صحيفتا «البلاغ والسياسة» وقد اشترك في تحديد الصفحات النسائية في الصحيفتين حافظ محمود وأحمد الصاوي والأديبة الشهيرة مي زيادة وكانت هذه الصفحات النسائية تهتم بأخبار شهيرات النساء. ويلاحظ أن صحيفة «الأهرام» اهتمت بالمرأة بداية من عام 1899م وقد كتبت عن تعليم البنات ورعاية حقوق المرأة وفتحت الباب للكاتبات ليعبرن عن أفكارهن في الدعوة إلى تحرير المرأة.
** لبنان
وتأتي لبنان كثاني دولة عربية حيث صدرت أول مجلة نسائية لبنانية و هي مجلة «الحسناء» التي أصدرها جورجي نقولا باز عام 1909م.
تأتي سوريا كثالث بلد عربي يعرف الصحافة النسائية حيث صدرت بها عام 1920م «مجلة العروس» التي أصدرتها ماري عبده عجمي في دمشق.
ثم يأتي العراق في المرتبة الرابعة حيث أصدرت بولينا حسون أول مجلة نسائية عراقية هي مجلة «ليلى» التي صدر العدد الأول منها في الخامس من أكتوبر عام 1923م. .
وتعتبر تونس وفقاً لهذا التقديم الدولة العربية الخامسة من حيث إصدار الصحف النسائية ففي عام 1936م صدرت بها أول مجلة نسائية متخصصة في شئون المرأة وحملت أيضا اسم «ليلى». ثم يأتي الدور على السودان من حيث التسلسل التاريخي في إصدار المجلات النسائية الذي اصدر مجلته الخاصة بشئون المرأة «بنت الوادي» وفي عام 1950 عرفت الأردن الصحافة النسائية عندما صدرت مجلة «فتاة الغد» التي خرج عددها الأول في يونيو من ذلك العام،
وكانت الكويت هي الدولة الخليجية الأولى ـ حسب هذا الرصد ـ التي صدرت بها مجلة نسائية وهي مجلة «آسرتي» التي أصدرتها غنيمة فهد المرزوق في فبراير عام 1915م تلتها سلطنة عمان حيث صدرت فيها مجلة «الأسرة» في أغسطس 1974م نصف شهرية ثم أسبوعية بعد ذلك.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة صدرت أول مجلة نسائية «ام القيوين» و عام 1973م باسم «العهد الجديد» ولكنها لم تكن منتظمة إلى أن صدرت مجلة «زهرة الخليج» الأسبوعية بصفة منتظمة عام 1979م. وعرفت قطر الصحافة النسائية عام 1976م عندما صدرت مجلة «الجوهرة» عن مؤسسة العهد للصحافة والنشر. وفي اليمن صدرت مجلة «نساء اليمن» كأول مطبوعة نسائية عام 1982م ولكنها لم تكن منتظمة ثم توالى ظهور مجلات المرأة والأسرة خاصة بعد مظاهر التحديث في الخليج وتدفق الثروة البترولية
يقول د. صلاح إن مجلات المرأة والأسرة في منطقة الخليج والجزيرة العربية تتميز بتقدم مستواها الطباعي والإخراجي. أما في منطقة المغرب العربي فبعد تونس وريادتها عرفت ليبيا مجلة المرأة في عام 1964م حيث صدرت بها في ذلك العام مجلة «المرأة» ثم في الجزائر الأول في عام 1970 وفي أكتوبر من ذلك العام عرفت المغرب الصحافة النسائية عبر صدور مجلة «عائشة»، ولم تعرف موريتانيا صحافة المرأة إلا سنة 1983م عندما صدرت مجلة «ريم» في دول المغرب .
** هذا هو واقع المرأة العربية
وتعتبر مجلات المرأة والأسرة في المغرب العربي قليلة الانتشار ومتواضعة المستوى من حيث التحرير والإخراج.. وبعد مضي اكثر من قرن من إصدار أول مجلة نسائية عربية لم تزل هناك بعض الدول التي لم تصدر فيها مثل هذه المجلات حتى الآن وهي البحرين وجيبوتي والصومال وجمهورية جزر القمر..! ويقول إن هذه المجلات عملت على ترقية أحوال المرأة وتبصيرها بحقوقها ومطالبة بنصيبها في التعليم والعمل والمناداة بضرورة سن القوانين والتشريعات التي تمكن المرأة من أن تكون عنصراً فعالاً في بناء وتنمية المجتمع علاوة على مخاطبة شئون المرأة والأسرة والطفل كما أن الصحافة النسائية منذ نشأتها في 1892م أصبحت في حكم المنبر الذي عبرت عن رائدات الحركة النسوية عن هموم المرأة وهموم الوطن والتحرير والتحرر.
ويري البعض أن ما جعل من بعض الصحف والمجلات النسوية مثالاً رديئاً للصحافة النسوية هو سوء الاستهلاك الاقتصادي . كما أن المجلة الفلانية الأكثر مبيعاً في أي دولة من دول العالم لا تعني بالضرورة أن القيمة الموضوعية والفائدة التي تقدمها هذه المجلة اكثر من غيرها.
ويرصد الخبراء نوعين للمجلات النسائية:
النوع الأول/ تعالج قضية المرأة معالجة سياسية في البحث عن مشاكلها الأساسية وقانون الأحوال الشخصية وصورتها في الإعلام والبطالة وتناقش قضية المرأة من جوانب مختلفة مع العلم أن التنوع فيها مطلوب, وتؤكد دور المرأة في بناء المجتمع وممارسة هذا الدور.
النوع الثاني/تكرس صورة امرأة مستهلكة واستنساخ للمرأة في الغرب من ناحية الذوق ومعايير الجمال والأوزان وغيرها من مظاهر الاستهلاك الاقتصادي وهو لا تحوي على مضمون مفيد للمرأة العربية والمسلمة. مشكله تقديم صورة المرأة في المجلات على أنها استنساخ للمرأة الغربية. الاستهلاك ظاهرة عالمية وهي لا تقتصر على النساء فقط , كما أن صناعة الموضة هي صناعة غربية وقوامها ملايين الدولارات ولأننا نعيش اليوم في عالم مفتوح فلا نستطيع أن نغلق الأبواب ونمنع دخولها لذا علينا أن نتخلى باستقامة واعتدال في الموضوع بمعنى أن نقرأ ما يقدم ويعرض ولكن ليس بالضرورة أن نقتبس كل ما يطرح علينا بمعنى أن نأخذ ما هو مفيد ونرفض الغريب علينا والذي لا يلائمنا .
** ضعف في مستوى الأداء
قامت د. راجية أحمد قنديل أستاذة الصحافة والرأي العام ومديرة مركز بحوث الرأي العام بكلية الإعلام – جامعة القاهرة ـ بدراسة حول قضايا المرأة في الصحافة النسائية العربية:
أسفرت الدراسة حسب قولها عن ضعف ملحوظ في مستوى الأداء المهني لعدد من الصحف والمجلات النسائية، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الجودة، في بعضها الآخر، يصل أحيانًا إلى حد العجز عن تحمل أعباء القيام بالأدوار الوظيفية الحيوية للصحافة في تشكيل رأي عام نشط وفاعل وواعٍ بقضايا المرأة، وتقديم صور واقعية تعكس إنجازاتها وتناقش همومها ومشاكلها وتعبر عن ذاتيتها، وتقدم مضمونًا يشبع احتياجاتها المعرفية والثقافية والإعلامية ويربطها بقضايا المجتمع. .
وركزت الدراسة علي عدة نقاط حددتها فيما يلي :
- فتركز كثير من الصحف النسائية والمجلات -حسب قول الدكتورة راجية- اهتمامها على قضايا لا تشكل أولوية للمرأة المعاصرة، ويقتصر الاهتمام في معظمها على المضمون الخفيف، بينما تغيب عن صفحاتها كثير من القضايا الحيوية الهامة.
- تغفل - في أحيان كثيرة - هذه الصحافة خصوصية قضايا المرأة العربية ، فتقع في فخ التبعية لأجندة الاهتمامات الغربية المغايرة تمامًا.
- الحيز الأكبر من صفحات الصحف والمجالات النسائية العربية يحوي مضمونًا استهلاكيًّا لا يواكب واقع المجتمع والمرأة والأسرة.
- يتراجع بشدة في الصحافة النسائية المضمون السياسي الجاد، ورسائل التوعية السياسية ونادرًا ما يتم تناول الحقوق السياسية للمرأة على صفحات المرأة في الصحف العامة والمجلات النسائية المتخصصة.
- لا تُولِي الصحافة النسائية اهتمامًا كافيًا بالمرأة الريفية وقضاياها رغم ما تمثله من نسبة النصف من الناحية العددية في المجتمعات العربية، وما تلعبه من دور صناعة القرار على المستوى المحلي وما يمكن أن يكون لها من تأثير وتوجيه، بل تحديد نتائج الاختيار السياسي والبرلماني.
- تهمل هذه المجلات المتخصصة الجوانب الثقافية، وتكاد تحصر المرأة وأنشطتها وأدوارها في نطاق المنزل والاهتمامات الهامشية.
- هناك هُوَّة عميقة بين واقع المرأة وصورتها التي تعكسها الصحافة العربية بصفة عامة والمجلات النسائية بصفة خاصة.
- يتضح التحيز الشديد من جانب الصحافة النسائية إلى شريحة معينة من نساء المدن لا تمثل إلا قلة قليلة، تختلف مشكلاتها واهتماماتها عن الغالبية الواقعية في المجتمع المعاصر.
- كثيرًا ما تتوجه هذه الصحف والمجلات إلى الشرائح العليا اجتماعيًّا، والمستوى الاقتصادي المتميز الذي لا يتمتع به الكثيرون والكثيرات.
- ما زال مضمون الصحافة النسائية العربية يعكس النظرة للمرأة وأدوارها كأنثى وزوجة مع إهمال مشاركتها في المجال العام أو مشكلاته كامرأة عاملة، وكشريك في الإنتاج، أو في اتخاذ القرار السياسي، ومختلف جوانب الخلق والإبداع الفكري والفني، ومن ثَمَّ لا يعكس الرأي العام النسائي، مما يثير تساؤلاً هامًّا: ما دور هذه الصحافة في ترتيب أولويات المرأة العربية؟ وما دورها في بناء أجندة الصحافة النسائية المتخصصة؟.
** مطلوب من الصحافة النسائية
كشفت المعلومات والبيانات التي تضمنتها كل من النتائج الخاصة بالتناول الصحفي لقضايا المرأة في الصحافة النسائية العربية، ودراسات الرأي العام والإعلام، عن أهمية سرعة اتخاذ خطوات إيجابية نحو مزيد من التفعيل للدور الوظيفي للصحافة النسائية، وضرورة توفير ضمانات رفع كفاءة الأداء بالنسبة لوظيفة تنمية الوعي الاجتماعي، وربط المرأة بقضايا المجتمع، وأهمية أن تتجاوز الصحافة إشباع الاحتياجات الإعلامية لجمهور القراء، إلى استهداف تشكيل رأي عام نسائي واعٍ ومستنير، وتبني أفكار جديدة تسمح بتحسين نوعية الحياة، وإحداث تغييرات في المواقف التقليدية، وإعادة صياغة الصور الذهنية، وترتيب أولويات الاهتمام بالقضايا القومية، للمرأة باعتبارها قضايا الرجل والأسرة والمجتمع بأسره،واتباع أساليب التخطيط العلمي في كافة الخطوات والمراحل، ويستلزم أن تكون البداية بحسن استثمار مستحدثات التكنولوجيا في مجال الإعلام والمواصلات والمعلومات والعمل على توفير قاعدة بيانات واقعية معاصرة منظمة؛ واتباع الأساليب العلمية في كافة مراحل التخطيط والتصميم والخطوات التنفيذية كذلك.
وبعد فلا زال المطلوب من الصحافة النسائية الكثير والكثير من اجل إحداث التغيير المطلوب في نوعية المادة المتداولة بها وتغليب المضمون الجاد علي حساب المواد الخفيفة والذي يترتب عليه إعادة تشكيل رأي عام نسائي مدرك لقضايا مجتمعه ملم بها قادر علي إعادة صياغة عقل وفكر المرأة العربية . .